افتتح مهرجان الدبلوماسية الثقافية والشعر الإنساني، أعماله مساء أمس في مقر المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة -إيسيسكو- بالرباط، وذلك في إطار الدورة الرابعة للمهرجان الدولي للشعر، بالتعاون بين الإيسيسكو، ووزارتي الثقافة، والشؤون الخارجية والتعاون في المغرب، وسفارة المملكة العربية السعودية في الرباط. وألقى الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري، المدير العام للإيسيسكو، كلمة في الجلسة الافتتاحية للمهرجان، أعرب في مستهلها عن تقديره للجامعة المغربية للشعر، مشيداً بمبادرتها التي ترمي إلى نشر قيم الحوار بين الثقافات، من خلال إقامة جسور التلاقي والتعارف بين المبدعين من مختلف أقطار العالم، من أجل ترسيخ ثقافة كونية للشعر والشاعر، وتعزيز التواصل الإنساني الداعم للسلام العالمي. مثنياً على القرار الذي اتخذته الجامعة المغربية للشعر باختيارها المملكة العربية السعودية ضيفَ شرفٍ في هذا المهرجان الثقافي الإبداعي. وقال إن انعقاد مهرجان دولي للشعر في المملكة المغربية، في هذه الظروف الصعبة التي يمرّ بها عالمنا اليوم، حيث تعلو أصوات الكراهية والطائفية والعنصرية، وتتصاعد موجات التطرف والعنف، وتشتعل نيران الحروب والصراعات، هو اختيار حكيم يهدف في الأساس، إلى تعزيز رسالة الدبلوماسية الثقافية الموازية للدبلوماسية التقليدية التي تحتاج دائما إلى مساندة الدبلوماسية الثقافية لها في إنماء العلاقات الدولية وحفظ الأمن والسلم الدوليين، موضحاً أن الحروب إذا كانت تتولّد في عقول البشر، ففي عقولهم يجب أن تُبنَى حصون السلام. والشعراء والمبدعون بشكل عام، هم الذين يبنون تلك الحصون، ويبشرون بالسلام ويتغنون به، ويرفعون ألويتَه ويلوحون بها، ويزرعون بذور السلام في الأرض حيثما كانوا. وقال إنَّ للشعر وظيفته في تلطيف الوجدان الإنساني، وفي تهذيب النوازع الفطرية، وفي ترقيق المشاعر، وفي بث الشوق إلى الأمن الروحي، والأمان النفسي، والوئام الإنساني، وفي الحث على نشر قيم المحبة والتسامح، وعلى نبذ العنف والتعصب، ومحاربة الظلم والعدوان وامتهان الكرامة الإنسانية. وذكر أن الإنسانية اليوم أحوج ما تكون إلى الشعراء المبدعين الذين هم رسل الحوار بين الثقافات والتحالف بين الحضارات، وحملة رايات السلام العالمي، والدعاة إلى الإخاء والصفاء والنقاء في العلاقات بين البشر، معتبراً أن هذا المهرجان الإبداعي، يكتسب أهمية ثقافية بالغة، وقيمة أدبية عالية، وينطوي على رمز سياسي جديرٌ بنا أن نتأمله بعمق، حتى ندرك المعاني العميقة لرسالة الشعر في صياغة عالم جديد نحلم به، ونهفو إليه، ونعمل، كلٌّ من موقعه وفي نطاق اختصاصه، من أجل بنائه. واستطرد المدير العام للإيسيسكو قائلاً : « في هذه المرحلة الصعبة التي يعيشها العالم، حيث يجري تدميرُ مدينة الشعراء حلب الشهباء، التي أنجبت في الماضي القامات الشعرية العالية أمثال : أبي الطيب المتنبي، وأبي فراس الحمداني، وأنجبت عمر أبو ريشة في عصرنا الحاضر، وكان أبو العلاء المعري على مقربة منها، في معرة النعمان، في هذه المرحلة التي يتعرّض فيها الأمن والسلم الدوليان لمخاطر جمة، تشتدُّ الحاجة إلى مثل هذه المهرجانات الثقافية التي تجمع بين المبدعين من شتى أنحاء العالم، الذين يرفعون أصواتهم عاليةً صارخةً ضد الغزاة الطائفيين القتلة سفاكي الدماء أعداء الإنسان والسلام، وينيرون الطريق أمام الإنسانية نحو بناء القواعد الراسخة للسلام الذي هو أمل البشرية في الحاضر والمستقبل». وأشار إلى أن الإيسيسكو تنخرط على الصعيد الدولي، في تعزيز قيم الحوار بين الثقافات والحضارات وأتباع الأديان، وتعمل في نطاق اختصاصها، واستناداً إلى الأهداف المسطرة في ميثاقها، لنشر ثقافة العدل والسلام والتعايش والتسامح والاحترام المتبادل بين الأمم والشعوب والاعتراف بالاختلاف، في إطار من مبادئ الإسلام الذي يدعو إلى الاعتدال والوسطية بكل مضامينهما ودلالاتهما، ويأمر بالعدل والإنصاف والأخوة الإنسانية، بقدر ما يشجع على توظيف المواهب الفطرية لدى الإنسان وتفجير طاقاته الإبداعية في نشر قيم الحب والجمال والإخاء والتعارف بالمفهوم القرآني والتعاون لما فيه الخير للإنسانية جمعاء، وبيَّن أن هذا المهرجان الثقافي ينسجم في أهدافه مع الغايات التي تعمل الإيسيسكو لها سعياً منها إلى تجديد البناء الحضاري للعالم الإسلامي.