رغم مرور أكثر من تسعين عامًا على إعدامهما؛ إلا أن قضية ريا وسكينة عادت من جديد لتصبح محل نقاش وتتصدر عنوان ندوة شهدتها دار الكتب والوثائق المصرية اليوم الخميس وهي "ريا وسكينة بين الحقيقة والافتراء" بحضور الدكتور محمد عبد الوهاب الباحث في مجال الجريمة والاغتيال السياسي والمستشار رفعت السيد رئيس محكمة جنايات القاهرة الأسبق والدكتور رؤوف هلال رئيس الإدارة المركزية لدار الكتب. وقال الدكتور محمد عبد الوهاب إنه استمر في البحث في قضية ريا وسكينة لمدة ثلاث سنوات وحصل على صورة من ملف القضية المكون من ألفي ومائتين وعشرين صفحة وبعدها أصدر كتابا حمل اسم "سرداب المومسات" حتى فوجئت بما يقوله شخص أن ريا وسكينة بريئتان من تلك التهم وتم إعدامهما ظلمًا. وأضاف عبد الوهاب أن الرقابة المصرية صرحت بفيلم اسمه "براءة ريا وسكينة" وموافقة الرقابة تعني أنهن بريئات بالفعل، موضحًا أنه التقى رئيس الرقابة الدكتور خالد عبد الجليل الذي قال له إنه لن يعطي تصريح لهذا الفيلم حتى فوجئت بالشاب السيناريست أحمد عاشور يعرض صورة فيلم براءة ريا وسكينة وعليها ختم شعار الجمهورية. وثائق وردود الدكتور محمد عبد الوهاب وفند الباحث في مجال الجريمة والاغتيال السياسي ما أورده السيناريست أحمد عاشور في وثيقة عرضها قال إنها لرخصة ممارسة ريا مهنة البغاء، والتي وصفها عبد الوهاب بالمزورة، مستندا على عدة أدلة منها ما قال عنها "طريقة كتابة اسم ريا في الوثيقة خاطئة لأنه قديما كانوا يكتبونها "ريه" في حين إن الوثيقة تحمل اسم "ريا" وأن الخط المكتوب في الوثيقة مكتوب حديث بيد خطاط متمكن. وأوضح أن محل ميلاد ريا هو محافظة أسوان في مدينة كلح الجبل في حين أن الوثيقة قالت إنها من مواليد الإسكندرية، والدليل الثالث الذي عرضه عبد الوهاب أن المهنة في الورقة هي "مومس" في حين أن ريا كانت "عايقة" وهي القوادة صاحبة البيت، في حين أن حي الإبراهيمية كتب في الوثيقة "الإبراهيمة" خاطئة وجاء تاريخ الرخصة 18 يناير 1916 رغم أن ريا في هذا الوقت كانت في كفر الزيات بالغربية متهمة بجريمة سرقة حبست على إثرها ثلاثة أشهر. وأضاف الدكتور محمد عبد الوهاب أن أي وثيقة خاصة بالتاريخ يجب أن تكون موجودة في دار الكتب وأن ما يخرج هو صورة من الأصل بعد موافقة المسئولين على ذلك والدار لا تخرج الأصل أبدًا، موضحًا أن دار الكتب لا تملك هذه الوثيقة لأنها مزورة. وقال الباحث في شئون الجريمة إن أكبر مركز لبيوت العاهرات كان في طنطا خلال القرن الماضي، مضيفا أن أي جيش احتلال يريد تدمير البلد التي يأتي لها وأن تعيث في الفساد والانحلال الأخلاقي لذلك عمد الاحتلال الإنجليزي إلى تأجير أحد بيوت مديرية الأوقاف للبغاء. الحكم البات عنوان الحقيقة من جانبه قال المستشار رفعت السيد رئيس محكمة جنايات القاهرة الأسبق، إن الوثائق إذا تعارضت مع أحكام قضائية باتة فالقانون يقول إن الحكم البات عنوان للحقيقة لا يجوز أن يتناقض معه أحد أو أن يخرج ما يؤدي إلى إثبات عدم صحته سواء كانت صحيحة أو غير صحيحة، مضيفًا أن المحتل إذا دخل بلدا فإنه يريد تدميرها لذلك ييسر ويبيح المخدرات وكذلك الممارسات الجنسية وهذا ما حدث في مصر خلال فترة الاحتلال البريطاني حتى الأربعينيات حتى تم تأثيمها باعتبارها مخالفة ثم جنحة ثم أصبحت في الستينيات جناية العقوبة بها السجن ثم تم تعديل عقوبة الجلب أو الاستيراد من الخارج إلى الإعدام. جانب من حضور الندوة وأضاف أن بعض المومسات في العصر البائد كانوا وطنيات وكانوا المكان الوحيد الذي يلجأ إليه الثوار في إخفاء الجنود البريطانيين والتخلص منهم، مشيرا إلى أن بعضهن قدموا خدمات للوطن وهذا لا يعني أنهن أسوياء والمجتمع حينها لم يكن ينظر لهؤلاء نظرة احتقار وكان لدينا قديما أماكن تعج ببيوت البغاء. وقال السيد إن الاحتلال الانجليزي كان رغم كونه بغيضا لكنه أرسى مبادئ معينة في مصر فكان يحترم القضاء المصري ولم يتدخل في أعماله طوال فترة الاحتلال، مضيفا "حادث دنشواي كان قضاتها عسكريين إنجليز وهم من أصدروا أحكام الإعدام وبينهم اثنين مصريين النيابة هي التي كانت مصرية كمدعي عام وهو أدى واجبه والمحامون المدافعين عن المتهمين كانوا انجليز. "القضاء المصري لم يكن يوما مسيس" هكذا قال رئيس محكمة جنايات القاهرة الأسبق، مضيفا "وفي عهد ثورة يوليو أنشا عبد الناصر محاكم أخرى غير القضاء المصري كانت محاكم الثورة وغيرها لإبعاد القضاء العادي عن تلك المعركة وحين أنصف ثلاثة متهمين وأعطاهم براءة أصدر عبد الناصر قرارا بفصل جميع القضاة وكان الرئيس الراحل أنور السادات يجل القضاة وكذلك مبارك". رقمنة دار الكتب من جانبه، قال الدكتور رءوف هلال رئيس الإدارة المركزية لدار الكتب بعد تدشين موقع كتب خانة إن هناك نحو 7 مليون صفحة من الوثائق داخل دار الكتب تحتاج سبعة ملايين جنيها لرقمنتها، مضيفا "وضعنا خطط قصيرة على مدار ثلاث سنوات ستنفذ في حال توافر المبلغ المطلوب على سبيل الإهداء أو المنح". وأشار إلى أنه في حالة عدم توافر الميزانية المطلوبة فالدار تعتمد على مشروعات داخلية ينفذها العاملين بها لكنها ستأخذ وقت أطول مع ترتيب الأولويات بحيث تبدأ بالمصادر المطلوبة بشكل كبير كذلك المهددة بالتلف والتي تعود لما يقارب مائة سنة.