ألقى رئيس مجلس الوزراء المهندس شريف إسماعيل صباح اليوم كلمة نيابة عن السيد عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية خلال فعاليات الدورة السادسة لمؤتمر وزراء البيئة الأفارقة برئاسة مصر تحت عنوان"أجندة 2030: أفريقيا..من السياسات إلى التنفيذ"، والتي تعقد بالقاهرة خلال الفترة من 16- 19 أبريل الجاري، بحضور وزراء البيئة من 54 دولة أفريقية، إلى جانب ممثلين عن مفوضية الاتحاد الأفريقى، وبنك التنمية الأفريقى، وعدد من ممثلي وكالات الأممالمتحدة، والمنظمات الدولية الحكومية، وبمشاركة مجموعة من الوزراء. وجاء نص الكلمة كالتالي: "يشرفنى أن أنقل إليكم تحيات السيد رئيس الجمهورية وترحيبه بكم جميعا...وتمنياته لمؤتمرك الموقر بالنجاح والتوفيق. السيد سكرتير عام مساعد الأممالمتحدة ونائب الرئيس التنفيذى لبرنامج الأممالمتحدة للبيئة. السيدة مفوضة الزراعة والتنمية الريفية بالاتحاد الأفريقى. السادة وزراء البيئة الأفارقة. السادة ممثلو الأممالمتحدة ووكالاتها المتخصصة والمنظمات الدولية والإقليمية . السادة الزملاء الوزراء...والسيدات والسادة الحضور. اسمحوا لى فى البداية أن أرحب بكم في مصر التى تشرفت باستضافة مؤتمركم الموقر فى مارس من العام الماضى ما يعكس الثقة المتبادلة بيننا. إن الدورة السادسة الخاصة لمؤتمر وزراء البيئة الأفارقة تأتى فى مفترق مهم، وبعد شهور قليلة من أحداث فارقة في مسيرة العمل الدولى شملت اعتماد أجندة 2030 للتنمية المستدامة، وإقرار أول اتفاقية ملزمة معنية بالتغيرات المناخية وهى اتفاقية باريس، وهى تطورات مهمة أعددتم لها خلال اجتماعكم فى العام الماضى، فالتنمية المستدامة وقضية تغير المناخ أصبحتا تستحوذان وبقوة على اهتمامنا نحن الدول والشعوب الأفريقية، وذلك باعتبارنا الأكثر تعرضاً لآثار تغير المناخ رغم أننا الأقل إنتاجاً للإنبعاثات الحرارية، كما يأتي اجتماعكم المهم قبل مراسم توقيع اتفاقية باريس في الأممالمتحدة يوم 22 أبريل الجارى. السيدات والسادة: إن اجتماعاتكم اليوم في القاهرة تأتي في وقت نواجه فيه جميعاً تحديات جسام على مختلف المستويات الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية، ويتعين علينا التصدى لهذه التحديات والتغلب عليها من خلال تعزيز العمل المشترك، ومن خلال الحفاظ على وحدة مواقفنا بما يصون أمن مجتمعاتنا ومصالح شعوبنا. وأود بهذه المناسبة التأكيد على اعتزاز مصر بعلاقاتها مع أشقائنا فى القارة الأفريقية، وهي علاقات تمتد جذورها في أعماق التاريخ ونمت بقوة خلال النصف الثانى من القرن العشرين ثم شهدت مؤخراً نقلة نوعية فتحت آفاقا جديدة للتعاون فى مختلف المجالات، وذلك انطلاقاً مما يجمعنا من مصالح مشتركة، وبما يحقق إقامة شراكة حقيقية بين أبناء قارتنا. ولعل ما يستدل به على ذلك هو رئاسة مصر لكل من لجنة رؤساء الدول والحكومات الأفريقية المعنية بتغير المناخ ومؤتمر وزراء البيئة الأفارقة في الفترة من 2015 إلى 2017 ، وما تم من جهود دؤوبة لجمع الدول الأفريقية على موقف موحد في تلك المرحلة شديدة الأهمية من المفاوضات الدولية لتغير المناخ، ولقد حرصت مصر على الاضطلاع بتلك المسئولية دفاعاً عن المصالح الأفريقية وحفاظاً عليها. ولا يفوتنى فى هذا المقام التنويه بإطلاق مبادرتين أفريقيتين من جانب رئيس جمهورية مصر العربية باعتباره رئيسا للجنة رؤساء الدول الأفريقية، وذلك خلال مؤتمر الأطراف (21) لتغير المناخ فى باريس آخذا في الاعتبار أن كلاً منهما تتعامل مع تداعيات ظاهرة تغير المناخ وهما المبادرة الأفريقية للطاقة المتجددة، والمبادرة الأفريقية للتكيف. السيدات والسادة : لقد تابعت مسيرة مؤتمر وزراء البيئة الأفارقة التي انطلقت من القاهرة في العام 1985 أي منذ 30 عاما، وهنا أود أن أشيد بالدور الرائد الذي لعبته شخصية جليلة شامخة أسهمت بشكل أساس في إنشاء "مؤتمر وزراء البيئة الأفارقة" وهو المرحوم الدكتور مصطفى كمال طلبه الذى رحل عن عالمنا منذ أسابيع قليلة. ولقد رأت هذه الشخصية الجليلة في العمل الأفريقي المشترك نموذجا نجح فى التصدى للتحديات البيئية المختلفة..وفي توفير القيادة على مستوى القارة الأفريقية للتفاوض بشأن القضايا البيئية العالمية والإقليمية المختلفة، وتنفيذ الاتفاقيات الدولية في مجالات التنوع البيولوجى والتصحر وتغير المناخ وبناء القدرات الأفريقية فى مجال الإدارة البيئية. واتصالاً بذلك...أود الإشارة إلى حرص مصر على مواصلة دورها فى تطوير القدرات المؤسسية والبشرية الأفريقية، وذلك من خلال آليات وطنية عديدة وفى مقدمتها الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية التى أُنشئت فى عام 2014 ... استكمالاً للدور المتميز للصندوق المصرى للتعاون الفنى مع أفريقيا منذ إنشائه فى العام 1980، والذي يمثل نموذجاً رائداً لتعاون الجنوب الجنوب..وما حققه في مجال إعداد أجيال أفريقية لديها القدرة على مواجهة تحديات الحاضر واستشراف آفاق المستقبل. السيدات والسادة : ولا يفوتنى أن أشير هنا إلى أنه بالرغم من التحديات التى تواجه قارتنا ... إلا أن عملية النهضة الأفريقية قد بدأت بالفعل...وأصبحت قارتنا محل اهتمام كبير من قبل العالم أجمع ..لاسيما بعد أن قطعت العديد من دولها شوطاً طويلاً فى تحديث بنيتها الأساسية لتواكب وتيرة متطلبات التنمية. إن تحقيق التنمية المستدامة يعتبر بحق التحدى الأكبر الذى نواجهه جميعاً والذي يستدعي تطوير آليات العمل المشترك، ومن ثم فإن اعتماد أجندة 2030 فى شهر سبتمبر 2015 فى مؤتمر الأممالمتحدة للتنمية المستدامة...يعتبر انجازاً حقيقياً..لاسيما أنها تضمنت مجموعة واسعة من الأهداف والغايات سوف تُشكل الإطار الشامل لتوجيه العمل الإنمائى على الصعيدين العالمى والإقليمى والوطنى على مدى السنوات الخمس عشر المقبلة. وإننى على ثقة بأن مداولات دورتكم الموقرة حول إخراج هذه الأهداف إلى حيز التنفيذ في أفريقيا..سوف تستقر على مجموعة من المبادرات فى هذا الاتجاه...أخذاً فى الاعتبار ما توصلت إليه أفريقيا من خلال إقرار "الرؤية المستقبلية لأفريقيا 2063"...والتي ترسم صورة لأفريقيا التى نريدها لأنفسنا ولأجيالنا القادمة بعد خمسين عاماً . السيدات والسادة : اتصالا بما تقدم ... فقد أطلقنا هنا فى مصر ومنذ أسابيع قليلة وثيقة بعنوان " التنمية المستدامة .... رؤية مصر 2030" وهى تواكب أهداف التنمية المستدامة الأممية ... لا سيما مع الأهداف الخاصة بالعمل المناخى ونوعية الحياة وتوفير الطاقة النظيفة وبأسعار معقولة ... بالإضافة إلى الهدف الخاص بالمياه النظيفة والنظافة الصحية وغيرها من الأهداف. وتؤكد الاستراتيجية على أن يكون البعد البيئى محورا أساسيا فى كافة القطاعات التنموية والاقتصادية ... وبشكل يحقق أمن الموارد الطبيعية ويدعم عدالة استخدامها والاستغلال الأمثل لها والاستثمار فيها ... وبما يضمن حقوق الأجيال القادمة ويعمل على تنويع مصادر الإنتاج والأنشطة الاقتصادية ... ويسهم في دعم التنافسية وتوفير فرص العمل الجديدة ... والقضاء على الفقر وتحقيق عدالة اجتماعية ...مع توفير بيئة نظيفة وصحية آمنة للمواطن المصرى. ولقد حرصت الحكومة المصرية على ترجمة ما تضمنته وثيقة التنمية المستدامة 2030 في برنامجها المتكامل والذى قدمته يوم 27 مارس الماضى لمجلس النواب المصرى...والذى يمثل انعقاده استكمالاً للبناء المؤسسي المصرى بدءا من دستور جديد للبلاد ثم بانتخاب رئيس الجمهورية. السيدات والسادة : وفي نهاية كلمتي...فإنه يُمكننى أن أقول بأنه ستكون لمناقشتكم اليوم وغداً أهمية كبرى من حيث الموضوعات الأساسية التى يتم التعامل معها ...حيث إنها تنعكس بشكل مباشر على كل مواطن من مواطنينا وعلى شواغله وطموحاته نحو حياة أفضل له ولأبنائه وأحفاده. إن التطورات المتلاحقة التي تشهدها قارتنا والتحديات التى تواجهها فى سبيل الاستقرار والأمن والأمان والسلام وتحقيق التنمية الشاملة والقضاء على الفقر ... تتطلب تعزيز تعاوننا بشكل فعال والعمل المشترك من أجل صياغة المستقبل المشرقة الذى تصبو إليه شعوبنا وتستحقه. شكراً لحضراتكم ... وأتمنى لكم مؤتمرا متميزا وناجحا...وإقامة سعيدة في مصر" .