أودعت محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار حسن محمود فريد، وعضوية المستشارين عصام أبو العلا وفتحي عبد الحميد الرويني، حيثيات حكمها في القضية المعروفة إعلاميًا ب"أحداث ماسبيرو"،التي قضت فيها حضوريا على المتهمين من الأول حتى الثامن، وغيابيا للتاسع حتى الثالث والعشرين بالسجن المؤبد، وتغريم كل منهم عشرين ألف جنيه، ووضع المحكوم عليهم تحت مراقبة الشرطة لمدة خمس سنوات. وقالت المحكمة بعد تلاوة أمر الإحالة وسماع طلبات النيابة العامة والمرافعة الشفوية والإطلاع على الأوراق والمداولة قانونًا، وحيث إن الواقعة حسبما استقرت في يقين المحكمة واطمأن إليها ضميرها وارتاح لها وجدانها مستخلصة من أوراق الدعوى، وما تم فيها من تحقيقات وما دار بشأنها بجلسة المحاكمة، تتحصل في أنه ونزولاً على ثورة الشعب المصري فى 30 من يونيو ضد حاكمه التي خرج محتشدًا لها في قوام غير مسبوق ليعلن رفضه لاستمرار مسيرته كرئيس للبلاد، مطالبًا بإزاحته عن منصة الحكم مستنجدًا بجيشه باعتباره الدرع الواقية الذي لم ولن يرضى بمهانة الشعب المصري. وعلى أثر ذلك أصدرت القوات المسلحة بيانها بتاريخ 3/7/2013 والذي أعلن فيه قائدها العام أنه قد آن الأوان لأن تنزل القوات المسلحة على رغبة الشعب المصري، وتضطلع بدورها في حماية البلاد لتجنبها ويلات الفتنة التي طلت برأسها فشقت الصف وعظمت الفرقة وكادت أن تجر البلاد إلى جرف هار أو تهوى به في مكان سحيق، وانحاز للشعب ضد حاكم كانت تحركه أهواء انتماءاته وتحكمه أفكار جماعاته، فغابت الحيدة عن كثير من قراراته. وذلك الحاكم الذي إتخذ من الإسلام شعارا ومن الشريعة ستارا فوعد بتطبيقها وليته على الدرب سار، إلا أنه ما لبث أن بلغ مأربه واعتلى منصة الحكم حتى ظن أنه قد جاء وقت الحصاد وجني الثمار، فخرج على الشعب بما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر ببال بشر فأمر بإخراج من كانوا من شعبته من المسجونين،وكرم من كانوا لرئيس البلاد سلفًا بقاتلين، وأكد في خطابه سلامة الخاطفين قبل المخطفوين، فأوجس في نفس الشعب منه خيفة، وشهد عليه اعوجاج مسار وبلغ من لدنه الأعذار وأيقن ألا يلتقي ورئيس البلاد على قرار. وحيث إن هذاالحدث بقدر ما أثلج صدور المعترضين على سياسة الرئيس المعزول وعمت الفرحة أرجاء البلاد وخاصة بميدان التحرير احتفالا بما اعتبروه نجاحًا لثروتهم، إلا أن هذا الحدث لم ينزل بردًا وسلامًا على جماعة المخلوع من الإخوان والمؤيدين له والموالين من الجماعات المتشددة. وأضافت المحكمة أن قيادات الجماعة عقدت عدة لقاءات لتدارس الموقف وتم الاتفاق على البدء في تنفيذ مخطط يتمثل في استخدام العنف المسلح ضد المواطنين والهجوم على المنشآت العامة والتعدي على سلطات الدولة وقوات الشرطة لإحداث حالة من الفوضى وتكدير الأمن العام وتهديد السلم الاجتماعي، وعليه فقد صدرت تكليفات لمسئولي منطقة الجيزة والمعروفين بلجان الردع بتنظيم مسيرة مسلحة تخرج من ميدان النهضة بالجيزة، وكذا عناصر التنظيم الإخواني وعناصر التنظيمات الإسلامية المتشددة الموالية لهم فى القاهرة لميادين التحرير وعبد المنعم رياض والمتواجدين باعتصام رابعة العدوية ومنطقة ماسبيرو، وذلك عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، وقد وصلت منهم مجموعات من بينهم المتهمون وأخرون مجهولون وتتخذ وجهتهم صوب مبنى الإذاعة والتليفزيون بماسبيرو، لمحاولة اقتحامه والسيطرة عليه فى إطار تنفيذ مخطط التنظيم فى نشر الفوضى بالبلاد وترويع المواطنين وتم دعمهم بالأسلحة النارية والبيضاء والخرطوش والنبل والبلى الحديدى وزجاجات المولوتوف وذلك لإلقاء بيانات منه مفادها عودة المعزول وسيطرتهم على مقاليد الأمور في البلاد. ونفاذًا لذلك فقد تم الحشد عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والتحريض من قبل بعض قيادات من حزب الحرية والعدالة بالتحرك يوم الجمعة الموافق 5/7/2013، حيث تجمع المتهمون وآخرون مجهولون بميدان النهضة وكانوا يحملون الشوم والعصى وطلب منهم أحد خطباء المنصة التوجه بمسيرة لمبنى ماسبيرو وأمدهم مجهولون بالأسلحة النارية والخرطوش والأسلحة البيضاء والنبال والبلي الزجاجي وزجاجات المولوتوف لاستخدامها ضد كل من يدافع عن المبنى أو يمنعهم من اقتحامه وذلك لإحداث حالة من الفوضى والاشتباك مع المواطنين وترويعهم وتعطيل المواصلات. وقد تحركت المسيرة التي كانت تضم أعدادا كبيرة من المتجمهرين وتقابلت مع مسيرات أخرى من المتجمهرين من أماكن وميادين مختلفة وفى أوقات متفاوتة من خلال التعليمات والتكليفات التي صدرت إليهم سواء بمواقع التواصل الاجتماعي أو التحريض من قبل بعض قيادتهم، وكذا عناصر التنظيم الإخواني وعناصر التنظيمات الإسلامية المتشددة الموالية لهم فى القاهرة لميادين التحرير وعبد المنعم رياض و مبنى الإذاعة والتليفزيون أو المتواجدين باعتصام رابعة العدوية ومن خلال أحد خطباء منصة ميدان النهضة تملكتهم الضغينة وسيطرت عليهم غريزة الانتقام من جراء عزل رئيسهم. وأوضحت المحكمة أن تلك المسيرات إتخذت طريقها عبر كوبري 6 أكتوبر، وما أن بلغوا محيط منطقة ماسبيرو – التي كانت تشهد إعدادا من المحتفلين بثورتهم – حتى قاموا بإطلاق الأعيرة النارية صوب المتواجدين بالمنطقة ورشقهم آخرون بالحجارة واشتبكوا معهم في إحدى صور استعراض القوة والتلويح بالعنف، وقد اقترن بذلك وترتب عليه مقتل المجنى عليه حمدي محمد بسيوني مع سبق الإصرار. حيث أطلق عليه مجهول من بين المتجمهرين عيارًا ناريًا قاصدًا من ذلك إزهاق روحه تحركه في ذلك ضغينة امتلأت بها نفوسهم وعدوانهم للفصيل الآخر الذي انتصر لرأيته وإرادته وكان السبب الرئيسى في إقصاء الرئيس المعزول الذي كان يشكل لجماعته أملاً سعوا لتحقيقه وحلمًا طال انتظاره فما لبثوا أن يهنئوا بتبؤهم مقاليد الحكم حتى جاءت ثورة الثلاثين من يونيو لتقضي على آمالهم وتنتزع فرحتهم. فخرجوا في حشدهم المهيب يكتظون الغيظ وتملأ صدورهم مرارة الهزيمة ويشهد حالهم بأنهم ما خرجوا إلا ليثأرون، فبعضهم يحرز السلاح والذخيرة وبعضهم يحمل البلي والنبال وآخرون يحتفظون بالزجاجات الحارقة (المولوتوف). وقالت المحكمة حيث إنه من المستقر عليه قضاء في شأن المادتين الثانية والثالثة من قانون التجمهر أن شروط قيام التجمهر قانوناً في أن يكون مؤلفاً من خمسة أشخاص على الأقل، وأن يكون الغرض منه ارتكاب جريمة أو منع أو تعطيل تنفيذ القانون أو اللوائح أو التأثير على السلطات في أعمالها أو حرمان شخص من حرية العمل باستعمال القوة والتهديد باستعمالها ومناط العقاب على التجمهر هو ثبوت علمهم بهذاالغرض. فيشترط لقيام جريمة التجمهر المؤثم بالمادتين سالفتي الذكر اتجاه غرض المتجمهرين إلى مقارفة الجرائم التي وقعت تنفيذاً لهذا الغرض وأن تكون نية الاعتداء قد جمعتهم، وظلت تصاحبهم حتى نفذوا غرضهم المذكور، وأن تكون الجرائم التي ارتكبت قد وقعت نتيجة نشاط إجرامي من طبيعة واحدة، ولم تكن جرائم استقل بها أحد المتجمهرين لحسابه دون أن يؤدي إليها السير الطبيعي للأمور، وقد وقعت جميعها حال التجمهر. كذلك فإنه من المستقر عليه أيضاً أن التجمع قد يكون بريئاً مسموحاً به في بدء تكوينه ثم ينقلب إلى تجمهر معاقب عليه، ويكفي حصول التجمهر عرضاً ومن غير اتفاق سابق لاستحقاق المتجمهرين للعقاب.