اجتاز المصريون اليوم الأول من المرحلة الأولى لأول انتخابات برلمانية بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير بنجاح منقطع النظير ، على الرغم من بعض الظواهر السلبية ، التي لاتكاد تذكر ، التي شابت العملية الانتخابية في عدد من الدوائر. واللافت ان معظم المواطنين كان قلقا على خلفية الأحداث العاصفة التي شهدتها البلاد على مدار الأسبوع الماضي ، والتي راهنت بعض القوى فيها على اعادة خلط الأوراق ، واعادة حالة الهرج الأمني الى بعض المحافظات ، الا ان إصرار المواطن المصري على اجتياز هذه المرحلة ، والرغبة الملحة في العبور الى المستقبل من خلال أول انتخابات نزيهة دفع الجميع الى التوجه الى صناديق الاقتراع والتزاحم بكثافةأمام اللجان الانتخابية للادلاء بصوته .
والمؤكد ان هذه الرغبة في العبور بالوطن من النفق الذي كاد يدخله فيه البعض عزز الاصرار والعزيمة لدى الجميع في التوجه الى صناديق الاقتراع بكثافة .
فبعد ثورة أذهلت العالم بأسره انتظر الجميع ان يترجم الشعب المصري هذا الحدث التاريخي بهذا السلوك المتحضر ، وهو ماحدث اليوم ، والذي يؤكد بوضوح مدى تعطش المصريين للديمقراطية ، ويعد دليلا دامغا على تحضر وعظمة هذا الشعب. وقد دحض هذا التوجه الكثيف اليوم الى صناديق الاقتراع ، فرية بعض السياسيين السابقين بحق المواطن المصري ، والادعاءات التي كانت تروج لأهدافهم بأن المصريين ليسوا مؤهلين للديمقراطية ، حيث أكد هذا السلوك اليوم جدارة المصريين وقدرتهم على التفاعل بايجابية مع ما ينتظر مستقبلهم ، شريطة ان يكون المناخ موات أمامهم لتحفيزهم على المشاركة. وقام القضاة وأعضاء الهيئات القضائية مع نهاية اليوم الأول بإغلاق صناديق الاقتراع بالشمع الأحمر ووضع خاتم كل منهم على صندوقه، كما قاموا أيضا بإغلاق أبواب ونوافذ المقار الانتخابية بالشمع الأحمر وتسليم اللجان الى رجال القوات المسلحة التي تتولى تأمين هذه اللجان حتى صباح الغد حيث سيتم استئناف استقبال الناخبين للادلاء بأصواتهم لتكتمل هذه المرحلة الأولى .
ووضعت القوات المسلحة والشرطة خطة أمنية شاملة ، ومحكمة لتأمين المقار الانتخابية تميزت بالانضباط والحزم ، مما ساهم في اضفاء أجواء من الطمأنينة في نفوس المواطنين في أعقاب الأحداث المؤلمة التي شهدتها مصر مؤخرا والتي كادت تتسبب في احجامهم عن المشاركة في العملية الانتخابية.
وتمثل المشهد المؤثر في توافد بعض المواطنين من كبار السن والمرضى والحرص الزائد من جانبهم على المشاركة في هذا اليوم الديمقراطي الذي يمهد لمستقبل مصر الديمقراطي ، وكان المشهد الأكثر ايلاما عندما سقط أحد الناخبين ليتوفى إثر إصابته بأزمة قلبية نتيجة الزحام الشديد في احدى اللجان بمنطقة شبرا الخيمةبالقاهرة.
كما كان لافتا توافد هذا العدد الكبير من السيدات اللاتي شاركن بكثافة في عمليات الإدلاء بأصواتهن بالانتخابات البرلمانية التي تم مد عملها لساعتين اضافيتين بسبب كثافة الإقبال.
وقال المهندس أبو العلا ماضى رئيس حزب الوسط أن على الشعب المصرى ان يشكر ويثمن دور شهداء وجرحى ثورة 25 يناير الذين ضحوا بأرواحهم حتى نصل الى الديمقراطية والانتخابات البرلمانية الحرة التى تشهدها مصراليوم.
وأشاد ماضى بالجهود المبذولة من جانب القوات المسلحة فى حفظ الأمن وضبطه بكفاءة عالية فى أولى مراحل الانتخابات البرلمانية .
وأشار الى ايجابية العملية الانتخابيه على الرغم من بعض المشكلات الإدارية التي حدثت ، وأخرت بعض اللجان عن بدء عملية الاقتراع ، مضيفا ان الاقبال المتزايد على عمليات الاقتراع فى محافظات المرحلة الأولى بشكل لم يسبق له مثيل ضرب مثلا عظيما في الإيجابية والشجاعة.
وأوضح ماضى إن هذه الايجابيه من جانب الشعب المصرى ، أزالت الشائعات التى روجها المغرضون لارهاب الشعب من العملية الانتخابية، مؤكدا ان انتظار المصوتين لساعات طويلة بلا ملل ولا كلل ليعبروا عن آرائهم بوعى ونضج كبير أبرز صورة الارادة المصرية فى التغيير.
وأعرب المهندس خيرت الشاطر ، نائب المرشد العام للاخوان المسلمين عن ثقته في قدرة الشعب المصري العظيم على ابهار العالم بانتخاباته كما بهره بثورته السلمية؛ لينصت العالم اليوم لمصر وهي تتحدث عن نفسها من جديد عبر تلك الانتخابات.
وجرت اليوم المرحلة الأولى لانتخابات مجلس الشعب في تسع محافظات هي القاهرةوالاسكندرية والفيوم وكفر الشيخ ودمياطوالأقصر وأسيوط والبحر الأحمر وبورسعيد ، ويستكمل التصويت غدا الثلاثاء.
ففي محافظة القاهرة شهدت دائرة قسم قصر النيل بوسط القاهرة ارتفاعا ملحوظا فى أعداد الناخبين مع اقتراب موعد إغلاق باب التصويت فى التاسعة مساء لتصل لأعلى معدلاتها خلال الساعة الأخيرة قبيل إغلاق باب التصويت ، بعد أن اطمأن المواطنون لعدم وجود أعمال بلطجة أمام اللجان.
وفي حي عابدين توافدت أعداد كبيرة من المواطنين على مدرسة القرابية الإعدادية، بدءا من الساعة 4 عصرا وحتى حوالى الثامنة مساء، وتكرر هذا المشهد في العديد من المدارس الموجودة فى الحى والتى تستخدم كلجان انتخابية بعد ان تم مد ميعاد التصويت لساعتين إضافيتين.
ولوحظ ان مشاركة الناخبين فى التصويت لم تقتصرعلى الشباب أو متوسطي الأعمار بل شملت كبار السن الذين لم يمنعهم المرض واعتلال الصحة من النزول والمشاركة فى الانتخابات، رغم وجود بعض العقبات التي تمثلت في عودة البعض منهم الى منازلهم لإحضار بطاقات الرقم القومي بعد رفض القضاة تمكينهم من الادلاء بصوتهم باستخدام الصور الضوئية لبطاقات الهوية.
وفي دوائر مدينة نصر بالقاهرة أعرب الناخبون عن رضاهم التام عن سير العملية الانتخابية فى اليوم الاول .
وإصطف الناخبون في طوابير منتظمة وممتدة أمام مراكز الاقتراع خاصة بعد عودة الكثير منهم من أعمالهم مما عكس حرصهم على المشاركة في هذه الانتخابات.
وأعربت بعض السيدات اللاتي تواجدن للادلاء بأصواتهن عن آمالهن في إستقرار البلاد ونهضتها رغبة منهن في مستقبل أفضل لأبنائهن.
وأشادت الناخبات بالنظام في المقار الإنتخابية وبتساوي جميع فئات المجتمع في الوقوف والانتظار بالطوابير للادلاء بالأصوات في أجواء ديمقراطية تنظيمية جيدة.
وأكد الناخبون الذين لم يتمكنوا من التصويت انهم غير عابئين بعدم تمكنهم من التصويت وأنهم سيحضرون غدا للتصويت فى إصرار تام على المشاركة والادلاء بأصواتهم.
وفي محافظة الاسكندرية كانت الكثافة منقطعة النظير ، حيث يحق التصويت بها لنحو ثلاثة ملايين و24 ألفا و238 ناخبا، لاختيار ثمانية مرشحين بالنظام الفردي من أربعة دوائر انتخابية، بالإضافة إلي 16 نائبا من القوائم الانتخابية.
وبلغ عدد المراكز الإنتخابية 485 مركزا بدوائر المحافظة المختلفة بالنظامين الفردي والقوائم.
وقال مدير أمن الإسكندرية اللواء خالد غرابه إن مديرية أمن الإسكندرية اتخذت التدابير اللازمة لتأمين الصناديق الانتخابية داخل كافة اللجان الانتخابية والتي ستستكمل الانتخابات فيها يوم غد.
وأضاف غرابه لوكالة أبناء الشرق الأوسط انه تم التنسيق مع القوات المسلحة لتأمين الصناديق الانتخابية ، والتي سيتم تجميعها في لجنه واحدة داخل كل مقر انتخابي وتأمينها بأشراف مناديب عن كافة المرشحين لضمان الشفافية.
وأوضح انه تم عمل دوريات أمنية تجوب حول اللجان المختلفة لتأمينها ليلا تحسبا لحدوث أي عملية تعد بالتعاون مع رجال القوات المسلحة.
وفي محافظة دمياط أدلى الناخبون بأصواتهم في اليوم الأول لانتخابات المرحلة الأولى لانتخاب برلمان الثورة ، حيث تم إحكام الإغلاق بالشمع الأحمر.
وشهدت اللجان الانتخابية بدمياط إقبالا شديدا لم يسبق له مثيل ، وخاصة من جانب السيدات والحرفيين .
وانتظم الجميع في صفوف ..الكل يسعى لنيل شرف المشاركة في صنع مستقبل هذا الوطن..ويضع لبنة لبناء مصر الجديدة بسواعد أبنائها.
وفي محافظة بورسعيد ، صرح اللواء أحمد عبدالله محافظ بورسعيد بأنه تم إغلاق أبواب اللجان ..وتمت الموافقة على أن يبيت مندوبو المرشحين أمام اللجان ..وذلك لبث الثقة والطمأنينة في نفوسهم بضمان عدم التلاعب بالصناديق.
وأضاف أنه سيتم إغلاق جميع اللجان بالأقفال بالشمع الأحمر ، وكذلك الصناديق وكافة النوافذ الخاصة بالمقار الانتخابية ، وذلك تحت تأمين مكثف من جانب القوات المسلحة ورجال الشرطة تمهيدا لاستقبال يوم انتخابي جديد غدا " الثلاثاء".
وفي محافظة الأقصر تم اغلاق صناديق الاقتراع بالشمع الأحمر فى التاسعة من مساء اليوم ، فيما يتولى الجيش والشرطة واللجان الشعبية حراسة اللجان التى بها صناديق الاقتراع من الخارج ، الى ان تفتح غدا لاستكمال المرحلة الأولى من العملية الانتخابية.
وشهدت دوائر المحافظة كثافة شديدة في توافد أعداد الناخبين ، وتميزت بإقبال كبير من جانب السيدات على مستوى جميع اللجان بالمحافظة وكانت هناك تسع حالات اغماء من شدة الزحام من بين السيدات تم اسعافهن.
ويبلغ عدد المواطنين المصريين الذين لهم حق التصويت فى الانتخابات بصفة عامة، نحو 50 مليون ناخب ، موزعين على 53 ألف لجنة فرعية ، بمعدل نحو ألف ناخب فى اللجنة الواحدة تقريبا.