" ما بين نيل قرية الظاهرية بريفها وبساطتها وما بين شريط السكة الحديد ذلك الحبل السري الذي يربطه بالقاهرة الأم، عاش الأديب يوسف القعيد الجزء الأول من حياته، ولتكون الحرب بدمويتها ودمارها جزءا من واقع مرير لم يعاصره فقط بل وعاشه بأدق تفاصيله فى الجزء التانى ، ولتكون القاهرة تلك المدينة الصاخبة القاسية الموجعة، والقاهرة لأحلام أبنائها من البسطاء المحطة الثالثة ولكنها ليست الأخيرة، من الريف استقى بساطته، ومن الحرب حمل قضيته، ليكون الريف في رواياته الأرض والوطن والملاذ، ويكون الفلاح وهمومه بطل رواياته وقصصه، ولا نستطيع عندما نتحدث عن جيل الستينيات أن نغفل قامة تحمل اسم "يوسف القعيد". بتلك الكلمات لمحمد التداوى احتفل المقهى الثقافي أمس الأحد بالكاتب الكبير يوسف القعيد، في ندوة عنوانها "الفن الروائي وتجربته"، بحضور كل من المهندس أحمد بهاء الدين شعبان، الشاعرة عزة رياض، والناقد الدكتور عزوز علي إسماعيل، والروائي الدكتور محمد التداوي، وأدارها الناقد ربيع مفتاح. من جانبه قال المهندس أحمد بهاء الدين شعبان أن القعيد استطاع أن يعكس وضع المثقف عندما قال: "أن المثقف هو وردة يتزين بها النظام السياسي في مصر"، مشيرا إلى أن دور المثقف لن يكون فاعلا في المجتمع مالم يستقل المثقف عن الدولة في آرائه، وقال شعبان: "إن أكثر ما أوجعني وآلمني عندما وجدت القعيد يكتب يوماً في عهد مبارك، قائلا: (لا استند إلى جدار في مصر الآن إلا وجدته آيلاً للسقوط)، إنها كلمة عندما تصدر من مثقف مثل القعيد فمعناه أنه توجع وتألم كثيراً وهو الكتوم الذي لا يشتكي، إنها كلمة لتعرفنا حجم كارثة نظام مبارك الذي هدم منظومة القيم ونشر الدمار الروحي بين أهل مصر". أما الناقد الدكتور عزوز علي إسماعيل فقال: "لا نستطيع أن نتحدث عن جيل الستينات ونغفل اسم يوسف القعيد، وما ورثه هذا الجيل من ثأر وطني، ووقع على هذا الجيل عبء الكلمة، وثأر الحرب، وليقضي القعيد تسعة أعوام من عمره، يخرج منها محملا بروايات وحكايات استلهمها من وقائع الحرب اليومية، ومن الريف المصري، وليعكس في أغلب رواياته أن الأوطان لا تبنى إلا على أكتاف الغلابة، ولتكون رواياته وقصصه دائما مرتبطة بالأحداث العامة والخاصة. من جانبها علقت الشاعرة عزة رياض على على القعيد قائلة: "لم أجد شخصا يلقي بالا لكل التعليقات من جمهوره مثلما كان يفعل القعيد بكل تواضع ومهتما لكل التفاصيل الدقيقة التي قد تغيب عن ذهن أي شخص" . أما الناقد شعبان يوسف فقال: "يعد القعيد من المدرسة الروائية التي أسسها نجيب محفوظ وتميزت ابداعاته ما بين الرواية والقصة المقال والاشكال الابداعية الأخرى.