تشهد فرنسا بعد غد الأحد انطلاق الدور الأول من الانتخابات الإقليمية التي تعد الاختبار الأخير للقوى السياسية المختلفة قبل الرئاسيات المقرر إجراؤها في عام 2017 ، حيث يتصدر حزب اليمين المتطرف "الجبهة الوطنية" استطلاعات الرأي الأخيرة خاصة بعد الاعتداءات الإرهابية التي شهدتها البلاد والتي عززت من خطابه المعادي للمهاجرين . وأجمع المحللون والمراقبون للمشهد الداخلي الفرنسي أن حزب اليمين المتطرف بعد النتائج الجيدة التي حققها في الانتخابات الأوروبية والمحلية من المنتظر أن يحقق انجازا في الانتخابات القادمة مستفيدا من اعتداءات باريس التي تبناها تنظيم "داعش" الإرهابي ، لاسيما بعد أن تبين أن اثنين من الانتحاريين الذين نفذوا الهجمات في باريس دخلوا فرنسا ضمن تدفقات المهاجرين الوافدين إلى اليونان ، وهذا ما حذرت منه رئيسة الحزب مارين لوبن . ويتقدم مرشحو الجبهة الوطنية عن باقي مرشحي الأحزاب في مناطق فرنسية مختلفة ، حيث تتقدم رئيسة الجبهة الوطنية مارين لوبن بفارق كبير ، عن منافسيها في منطقة "نور با دو كاليه - بيكاردي" في الشمال .. فيما تتقدم ابنة شقيقها ماريون ماريشال لوبان في منطقة "بروفانس آلب-كوت دازور" في جنوب شرقي فرنسا . وبالرغم من ارتفاع شعبية الرئيس فرانسوا أولاند عقب هجمات 13 نوفمبر الماضي ب 22 نقطة لتصل ل 50 % ، إلا أنه من المنتظر أن يمنى الحزب الاشتراكي الحاكم بهزيمة جديدة في الانتخابات المرتقبة ، اذا أن سياسات الحكومة الداخلية ومدى نجاحها تعد معيار التقييم الرئيسي للمواطن الفرنسي . ويسعى اليمين المتطرف الفرنسي إلى الاستفادة لصالحه من الوضع الاقتصادي والاجتماعي الراهن من ارتفاع معدلات البطالة إلى مستويات قياسية في الربع الثالث من العام الحالي بنسبة 10.6% أي ما يعادل 2.9 مليون عاطل عن العمل ، وذلك بالرغم من الوعود المتكررة بتقليص عدد العاطلين ، بل أن أولاند رهن، في أكثر من مناسبة، إعادة ترشحه بشرط عكس منحنى البطالة. ويضاف إلى ذلك التراجع في معدلات النمو الاقتصادي والعجز في الموازنة وارتفاع الدين العام وكذلك الأعباء الضريبية . كما تصب التدابير الاستثنائية التي اتخذتها الحكومة الفرنسية بعد اعتداءات باريس في مصلحة اليمين المتطرف الذي طالما دعا لتبني هذه الإجراءات ، وتأتي متماشية مع توجهاته ، ومن ضمن هذه الإجراءات إعادة فرض الرقابة على الحدود الوطنية وإغلاق المساجد "التي يتبنى الأئمة القائمون عليها خطابا متطرفا" ، فضلا عن بحث إسقاط الجنسية من ذوي الجنسية المزدوجة حتى وان كانوا مولودين في فرنسا من المدانين في قضايا الإرهاب. وقد أظهر استطلاع للرأي أجراه معهد أودوكسا للدراسات لصالح قناة "بي إف إم تي في" الإخبارية الفرنسية أن حزب اليمين المتطرف يتصدر نوايا التصويت في الدور الأول للانتخابات الإقليمية . وكشف الاستطلاع أن الجبهة الوطنية حصد (30%) من الأصوات يليه الحزب اليميني "الجمهوريون" (29%) .. بينما جاء "الحزب الاشتراكي" الحاكم في المرتبة الثالثة متأخرا بنسبة (22 %) ، ثم "جبهة اليسار" (7%)، وأوروبا البيئة الخضر (4,5 %). وأشار معهد "أودوكسا" إلى أن الجبهة الوطنية ربح أربع نقاط مقارنة باستطلاع مماثل جرى في سبتمبر الماضي ، فيما تراجع تحالف اليمين الوسط (الجمهوريون - اتحاد الديمقراطيين المستقلين - حزب الحركة الديمقراطية "مودم") إلى 29% . وأضاف المعهد أن 58 % من المشاركين في الاستطلاع سيأخذون في الاعتبار الرهانات الإقليمية .. فيما أعرب 42% أن الاعتبارات الوطنية هي معيار التصويت بالنسبة لهم . وقد أجرى هذا الاستطلاع أمس عبر الانترنت على عينة من 945 شخصا بالغين يمثلون مختلف شرائح الشعب الفرنسي بنظام الحصص . ومن المقرر أن تجرى الانتخابات الإقليمية يومي 6 و 13 ديسمبر الجاري .. ويتوقع أن يحقق اليمين المتطرف بزعامة مارين لوبن فوزا كبيرا بعد ارتفاع رصيده في استطلاعات الرأي عقب اعتداءات باريس التي صدمت الرأي العام الفرنسي والعالمي .