قالوا قديما عن المصريين "شعب أبن نكتة" وهي مقولة تتأكد صحتها يوما بعد يوم وأزمة تلو الأخرى فها هم الآن يستقبلون الحرب الإعلامية البريطانية المستعرة على بلادهم بفيض من السخرية أغرقوا بها مواقع التواصل الاجتماعي. فمنذ تحطم طائرة الركاب الروسية فوق سيناء بعد إقلاعها من مطار شرم الشيخ الدولي مطلع الأسبوع الماضي ملأت وسائل الإعلام البريطانية المقروءة منها والمسموعة الدنيا ضجيجا بشأن الحادث واستبقت نتائج التحقيقات طارحة نظريات كثيرة منها أن الطائرة ضربت بصاروخ من قبل الإرهابيين في سيناء وهو أمر غير منطقي حيث أن المسلحين في سيناء لا يملكون منظومة صواريخ قادرة على ضرب أهداف تحلق على ارتفاع يتجاوز 30 ألف قدم، بحسب وكالة "أ ش أ". وقد سخر المستخدمون من هذا النبأ ونشروا صورة مسلح يرتدي ملابس رثة ممسكا ب "نبلة" وهو يزعم أنه أسقط الطائرة وهو أمر فعله مستخدمون أجانب للسخرية من النبأ. ثم خرجت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية بنبأ أكثر كوميدية حيث ذكرت أن طائرة ركاب بريطانية تفادت صاروخا أطلقه إرهابيون في سيناء في شهر أغسطس الماضي أثناء اقترابها من مطار شرم الشيخ، وقالت إن قائد الطائرة انحرف بها يسارا ليتفادى الصاروخ وهو أمر دحضه خبراء مصريون وقالوا إنه يستحيل أن تقوم طائرة مدنية بحركة بهلاونية كهذه لتتفادى صاروخا أطلق عليها. وبلغ الخيال بالصحيفة أو بالطيار البريطاني أو كلاهما معا إلى حد القول بأن الطيار أثناء رحلة العودة إلى بلاده أطفأ أنوار الطائرة الداخلية والخارجية حتى لا يصيبه الأذى. ودشن مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي هاشتاج "طيار الديلي ميل" وفيما يلي غيض من فيض التعليقات الساخرة " صاروخ مين يا قلب ماما اللي اتفاديته ليه راكب اسكوتر"، "قالك شوفت الصاروخ جاي روحت شافط بطني لحد ما عدى"، "الصاروخ صابني ورب العرش نجاني"، "تلاقي ماما اللي جايبهالك"، "محمية من الصاروخ وسوقها مش بيدوخ". فيما نشر أحدهم صورة سمكة قرش تقترب من طائرة وكتب تحتها "تعرضت طائرة ركاب بريطانية لهجوم سمكة قرش فوق سماء شرم الشيخ ولولا مهارة السواق عمل اتنين أمبالية جو-بحر كان القرش بلع الطيارة" .. وقال مستخدم آخر " أنباء عن مشاهدة طيار الديلي ميل ماشي بالطيارة على حبل غسيل في مسطرد " . وقال اللواء طيار أركان حرب هشام الحلبي إن من المستحيل أن تتفادى طائرة مدنية صاروخا .. مشيرا إلى أن الصاروخ لا يمكن رؤيته وما ذكرته صحيفة "ديلي ميل" لا صحة له مطلقا حيث أن سرعة الصاروخ تبلغ 3 أضعاف سرعة الصوت ولا يمكن للطيار مشاهدته وإذا شاهده فهو في الوقت ذاته يكون هو وطائراته في لحظاتهم الأخيرة وتحترق الطائرة بمن فيها. ثم أردف يقول "كيف تتعرض طائرة لصاروخ، ولا تبلغ الدولة المختصة بهذا الحادث" . وبعد نشر الصحيفة هذا النبأ الكاذب، وبعد أن تم تداوله على نطاق واسع، وبعد تكذيب السلطات المصرية له خرج وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند لينفي التقرير. ثم تمادت الصحف البريطانية في حملتها المغرضة مبتعدة تماما عن المهنية ونشرت هذه المرة صحيفة الإندبندنت البريطانية صورا قالت إنها لموظف في المطار يتقاضى مالا مقابل عدم التفتيش وهو ما نفاه اللواء عبد الوهاب على عبد الوهاب مدير مطار شرم الشيخ الذي قال "إن هذا أمر عار تماما عن الصحة وإن الواقعة مختلقة وتهدف للإساءة والتشويه المتعمد". ونفى وائل حسين مرسل هيئة الإذاعة البريطانية في مصر صحة ما أوردته الصحيفة نقلا عنه وقال "إن الصور كانت لأحد مقدمي الخدمة السريعة .. والخدمة السريعة معمول بها في عدة مطارات عالمية". شاءت الأقدار أن تتحطم الطائرة الروسية يوم 31 أكتوبر وهو اليوم بعينه الذي تحطمت فيه طائرة الركاب المصرية فوق المحيط الأطلنطي عام 1999 ومقتل جميع من كانوا على متنها بعد إقلاعها من نيويورك والسؤال الذي يطرح نفسه هنا .. لماذا لم تخرج بريطانيا وتستبق نتائج التحقيقات وتملأ الدنيا ضجيجا مثلما فعلت مع حادث الطائرة الروسية التي لم يكن بين ركابها مواطن بريطاني واحد ؟؟. هذا السؤال متروك لوسائل الإعلام البريطانية للإجابة عليه بعد أن حولت هذا الحادث الآليم الذي أوجع المصريون قبل الروس إلى "جنازة لتشبع فيها لطم" إن صح التعبير.