أكد رئيس وزراء لبنان الأسبق رئيس كتلة تيار المستقبل فؤاد السنيورة، ضرورة أن تدرك كل الأطراف السياسية في لبنان أهمية المشاركة في الجلسة التشريعية المقرر عقدها يوم 12 نوفمبر المقبل، والتي ستكون أول جلسة تعقد بعد تعطيل المجلس لفترة طويلة. وقال السنيورة - في تصريح لجريدة "السفير" اللبنانية نشرته اليوم الخميس - إنه ليس صحيحاً أن تيار المستقبل أبلغ رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري أنه سيقاطع جلسة التشريع إذا امتنع كل من حزب القوات اللبنانية والتيار الحر (التيار العوني) عن حضورها ، موضحا أن "المستقبل" يتعامل مع الجلسة التشريعية المرتقبة من زاوية أنها تشكل خطوة حيوية لنقل لبنان إلى موقع آمن. وأكد السنيورة أن هناك ضرورة حاسمة لإقرار المشاريع المالية المطروحة على جدول الأعمال، لاسيما تلك التي تعيد مصداقية لبنان إزاء المجتمع الدولي، وبالتالي فإن المسألة ليست مزحة، بل تنطوي على مصلحة وطنية عليا. وأضاف "نتمنى من الجميع أن يتفهموا أهمية هذه الجلسة، وأن انعقادها سيكون مفيداً، في مقابل الضرر الكبير الذي سيترتب على عدم التئامها، أما احتمال عدم حضور البعض، فلا يزال لدينا وقت لمحاولة معالجته من خلال الاتصالات السياسية". من جانبه، قال العماد ميشال عون لجريدة السفير إن "التيار الحر" مستعد من حيث المبدأ لحضور جلسة تشريع الضرورة، لكنه ما لبث أن استدرك بالقول: "نحتاج إلى إيضاحات وتفسيرات حول بعض الأمور، وتبعاً لذلك نتخذ الموقف المناسب ونبني على الشيء مقتضاه". وفي معرض تعليقه على أزمة النفايات قال عون "إن خيار الترحيل هو المطروح حاليا"، لافتا إلى أن أزمة الثقة بين المواطن والدولة أسقطت حل المطامر (أماكن دفن النفايات). وتعليقاً على الاتهامات التي تُوجه إلى بعض قيادات "التيار الحر" حول التورط بالفساد، قال عون "لدينا مناعة وصلابة في مواجهة الاتهامات، ونحن من نفضح الفاسدين لا العكس"، مشيرا إلى أن "التيار يتعامل مع الحملات التي تستهدفه بهدوء، لأننا نثق في سلوكنا". من جانبه، أكد رئيس "تيار المردة" النائب سليمان فرنجية، أن "كتلة لبنان الحر والموحد" - التي يترأسها - ستشارك في الجلسة التشريعية، لأن عقدها في هذه الظروف الدقيقة بات يشكل ضرورة ماسة، مشيرا إلى وجوب ألا تؤثر الخلافات السياسية على مصلحة الوطن والمواطنين. وفي السياق ذاته، قال رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، إنه ونواب الحزب سيحضرون حتماً جلسة التشريع، محذراً من أن مقاطعتها هي عملية انتحار ذاتي، واستغرب قول البعض بأن لبنان ليس بحاجة إلى قروض البنك الدولي في هذه المرحلة، مشددا على الحاجة الملحة إلى هذه القروض التي تشكل فرصة تاريخية على المستويين الاقتصادي والإنمائي، ولا يجوز التفريط بها، "خصوصا في ما يتعلق بسد بسري الذي ننتظره منذ عشرات السنين". وردا على سؤال عما إذا كان يؤيد المضي في عقد الجلسة التشريعية، حتى لو غابت عنها مكونات مسيحية أساسية، أجاب: "مثل هذه الفرصة لا تأتي كل يوم، وعلينا أن ننتهزها من دون مزيد من التسويف، وأن نكف عن تدمير أنفسنا بأنفسنا". وفضل الأمين العام ل "حزب الطاشناق" الأرميني النائب آغوب بقرادونيان التمهل في حسم الخيار، قائلا ل "السفير" إن قيادة الحزب لا تزال تدرس إمكانية حضور الجلسة التشريعية من عدمه، موضحا أن هناك تشاورات ستحدث مع العماد ميشال عون حليف الحزب في هذا الصدد، لكنه استدرك قائلا في نهاية المطاف "سنتخذ قرارنا المستقل". وفي المقابل، شدد مصدر بارز في "القوات اللبنانية" على عدم وجود سبب مقنع، يبرر عدم وضع مشاريع قوانين الانتخابات النيابية على جدول أعمال الجلسة التشريعية، وقال المصدر ل "السفير": "إذا كانت القوانين المالية ضرورية - وهي كذلك - فإن قانون الانتخاب سيادي بامتياز، وبالتالي هو أكثر من ضروري وشرعي.. لكنه بالتأكيد غير مؤقت". وأوضح المصدر أن بقاء جدول الأعمال على حاله يعني أن "القوات" و"التيار الحر" لن يشاركا في الجلسة، مشددا على أن مبدأ إدراج قانون الانتخاب على الجدول يحظى بإجماع مسيحي، لأن تصحيح التمثيل المسيحي هو حق طبيعي ، وكشف عن أن "تيار المستقبل" أبلغ "القوات" أنه سيقاطع الجلسة التشريعية إذا لم تتوفر فيها الشروط الميثاقية. وكانت جلسات مجلس النواب اللبناني قد تم تعطيلها إثر انتهاء ولاية الرئيس اللبناني السابق ميشال سليمان في 25 مايو من العام الماضي، وإخفاق المجلس في انتخاب خلف له، مما أدى إلى رفض معظم القوى السياسية المسيحية لانعقاد المجلس لأنها ترى أن البرلمان تحول بعد خلو منصب الرئاسة إلى هيئة ناخبة لاختيار رئيس البلاد، وبالتالي لا يحق له ممارسة دوره التشريعي، بينما ترى القوى السياسية الأخرى أنه من حق المجلس إقرار التشريعات الضرورية. وخلال التحضير لعقد هذه الجلسة، طالب التيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية - وهما أكبر حزبيين مسيحيين في البلاد - بضرورة أن يضم جدول الأعمال مشروع قانون لاستعادة الجنسية للمهاجرين اللبنانيين المنحدرين من أصول لبنانية، وكذلك مشروع قانون للانتخابات النيابية يقوم على النسبة، مما ينصف المسيحيين من وجهة نظرهم، ولكن هيئة مكتب مجلس النواب أدرجت مشروع قانون استعادة الجنسية ولم تدرج قانون الانتخابات لعدم التوافق عليه، مما أثار اعتراض حزب القوات اللبنانية، فيما بقى موقف التيار الوطني الحر غامضا.