يقف منتشياً، رافعاً رأس ذبيحته بيديه، يلتقط صوراً، بعضها جنوني وبعضها عبثي، لكنها في النهاية، تشبه حالة من اللا شيء. حالة من التفاهة. أين السعادة في التقاط صورة بجانب رأس ذبيحة؟!. لم يتبق إّلا أن يرّكلوا رؤوس أضاحيهم بأقدامهم، في طريقة مماثلة لتنظيم داعش، الذي يلعب عناصره الكرة برؤوس ضحايهم. ... وكل عيد نسمع مجموعات تقول إنها لا تحب لحوم العيد، نتيجة لصور الذبح "المازوخية"، من قبل بعض المُضحيين. المشهد في العيد، كان محزناً. من أين يستق هؤلاء تعاليمهم الدينية. من أين جاءوا بكل هذه التفاهة والسذاجة. الصحافة الأجنبية، لم تترك المشهد يمر مرور الكرام. كان لابد أن يلتقطوا خيباتُنا المتكررة. كان لابد أن يقول إننا ذباحين لا نعرف الرحمة، وإن كان ذبح الأضاحي من تعاليم ديننا، فإن التباهي بالرؤوس المقطوعة، ليس من تعاليم أي دين. ... يبدو أنه لفرط ما رأينا من دمٌنا، نحن - المصريين- أصبحنا متبلدي المشاعر ... منذ أول أيام العيد ، ومن قبل ذلك يكثر الكلام عن الدبح .. عن الاضاحي .. عن طرق التعامل مع الخرفان والابقار .. البعض يعتبر الامر وحشياً .. البعض يعلق على عدم وجود قوانين منظمة لعملية الدبح .. والبعض يتحدث عن عادات وتعاليم الدين أين تكمن المشكلة إذاً ؟ المشكلة تكمن في الرأي المتعلق بالدين .. البعض رأي أن عيد الاضحى وما يحدث فيه من مظاهر الاضاحي ، إنما هي مشكلة تتعلق بالدين نفسه .. البعض يرى أن ثمة مشكلة كبيرة في الدين وفي مفهوم الرحمة بالحيوان في الدين .. وفي فلسفة الرحمة نفسها . هنا نقطتان الاولي أن من تحدث في ذلك خلط بين الدين نفسه كمنهج .. وسلوك الناس في التطبيق .. الدين أمرنا نقيم الاضاحي ونتصدق على الفقراء ، سلوك الناس في الدبح لا يستوي مع منهج الدين ، الدين أمرنا بحسن الدبحة والا نعذب الاضحية وأن لا ترى الاضحية الدبح وما يتبعه ، لكن سلوك الناس لا يتفق مع ذلك .. دائما هناك مشكلة في التطبيق للأسف نحن مجتمع لا يوجد فيه قواعد منظمة لأغلب ممارسات الناس .. الامر لا يتعلق بالدين نفسه .. نحن في مجتمعنا نتكاسل عن ربط حزام الامان في السيارة الا بقانون وغرامة .. لا نعبر الطريق من الاماكن المخصصة .. لا نعرف طرق ترشيد استخدام المياة والكهرباء ، نحن مجتمع لا نعرف قواعد النقاش والحوار والتناظر .. اذا كنا لا نلتزم بالسلوكيات المبدأية للحياة كالمشي في الشوارع والكلام واستخدام المرافق الاساسية للحياة .. فهل من العقل ان نوصم الدين والمنهج بسلوكيات الناس في تطبيقه ! والنقطة الثانية هي أن الهدف الاسمى من الاضحية هي التكافل الاجتماعي .. لا اعرف دين يطلب من الناس تطوعاً مرة كل عام أن يتبرعوا بثلثي دبيحة للفقراء والاقارب ليأكلوا مما نأكل .. نعم أقول ليأكلوا مما نأكل لأن الكثير للأسف الشديد لا يستطيع أن يصدق أن الكثيرين أيضاً لا يعرفون طعم اللحم والمرق ! التكافل الاجتماعي له صور كثيرة .. تنموية وخيرية ونفسية .. ومنها أن يشعر الفقراء بمشاركة المستطيعين في طعامهم قبل أن يشتد بهم الحال والعوذ فينقلب الحال الي سطو اللقمة منك عمداً اذا كان منهج الدين وتعاليمه في سد حاجة الفقير وتقديم حالة من المشاركة الاجتماعية بين الاغنياء والفقراء . واذا كان الدين وضع ضوابط لطريقة الاضحية .. فليس من المنطقي وصم الدين بسلوكيات اتباعه .. تلك السلوكيات التي تسبب فيها الجهل وعدم وضع قوانين منظمه لضوابط تطبيق العبادات والعادات تخيلوا أن دولة منظمة كألمانيا كانت تقام فيها شعائر الاضحية بحجم دين المجتمع .. تخيل ما كانت ستقوم به الدولة من طرق وضوابط وقوانين لتنظيم عملية الذبح .. كجعل الحيوانات في مكان والدبح في مكان .. وعمل مذابح واماكن مخصصة لذلك ، وتوفير طرق آمنة وسليمة ولا تؤذي الناس في طريقة تطبيق العادات المتعلقة بشعائر مثل الاضحية . الملخص أن الخلط الذي تم عاد على الدين بالتشويه رغم براءة الاسلام مما فعله المسلمون في عيد الاضحي وكل عام وانتم بخير.