تعد الأضاحي أحد موارد التكافل الاجتماعي وقد حث عليها الإسلام لإدخال السرور علي قلوب الفقراء بإطعامهم من لحومها يوم العيد حتي لا يشعروا بالعوز والحاجة وهي تكافل اجتماعي ليتساوي فيه الفقير والغني ويقوي الروابط الأخوية ويعزز مبدأ التكافل الاجتماعي. وزيادة هذه الروابط وحتي يشهد الجميع أنه يشارك في هذه الشعيرة الإسلامية ولو لم تكن ظروفه المادية تسمح بشراء أضحية خاصة به فقد قامت بعض المساجد والجمعيات بما يسمي المشاركة في الأضحية حيث يشترك في البدنة سبعة أشخاص يقسم ثمنها عليهم وللدخول في تفاصيل هذه المشاركة نعرض لمشروع لهذه المشاركة بدأ منذ ثمان سنوات بمسجد النور المحمدي بشبرا الخيمة. يقول الشيخ خالد عبدالعظيم الحداد إمام وخطيب ومدرس بوزارة الأوقاف قام المشروع بالتعاون والتنسيق بين وزارة الأوقاف والجمعية الشرعية التابع لها المسجد واختصت وزارة الأوقاف لنفسها بالجانب الإعلامي من خلال الإعلان عن المشروع من فوق المنبر أما جانب الجمعية الشرعية التي تعمل فهو الجانب الإداري بتفعيل المشروع وصاحب فكرة هذا المشروع تقي الدين محمود مدير المشروعات بالجمعية الشرعية بالمسجد والمشاركة في الأضحية بحد أقصي سبعة أفراد طبقا للشرع وبدون حد أدني ويشترط أن تكون في الإبل والبقر والهدف من المشروع تفعيل العمل الجماعي والمشاركة بين أفراد المنطقة للتعارف والتألف وهذا من الأساسيات التي رعي اليها الإسلام وذلك لما يعم من الفائدة علي الفقراء من كثرة اللحوم وبيع الجلود ليستفيد منها الفقراء والأيتام أضف إلي ذلك التعارف بين جموع المشاركين في المشروع ولم نكتف بذلك بل امتد هذا العمل إلي شراء بدنة لتوزيعها علي الأيتام والفقراء يوم عرفة وليس كأضحية حتي لا يشعر الفقير بالنقص ولتكفيه مؤنة اليوم الأول من العيد وأيضا تأتي من نفقة الخيرين من أهل المنطقه. مشروعات عديدة تقي الدين محمود محمد موجه عام بالتربية والتعليم ومدير مشروعات المسجد أشار إلي أن المسجد كان تابعا للجمعية الشرعية ثم قرر النظام السابق ضم مساجد الجمعية الشرعية لوزارة الأوقاف.. وتبني مجلس إدارة المسجد فكرة التعاون بين المسجد ومشروعات الجمعية.. وبتوفيق من الله كان الشيخ خالد والذي عينته وزارة الأوقاف إماماً وخطيبا للمسجد يحمل نفس الفكر فأصبح المسجد كمنارة للدعوة والمشروعات كوسيلة من وسائل التكافل الاجتماعي شيئا واحداً سعيا إلي مرضاة الله عز وجل وبتعاون مجلس الذي يضم بين أعضاء مجموعة من أهل المنطقة أصحاب اتجاهات علمية وفكرية مختلفة يعملون ابتغاء لمرضاة الله فأصبح للمسجد بفضل الله مشروعات عديدة منبعها الأساسي الجمعية الشرعية للعاملين بالكتاب والسنة وفكر مجلس الإدارة وتعاون إمام المسجد. أسباب المشروع أضاف بتعاون كل هؤلاء نشأت فكرة المشاركة في الأضحية لأسباب عديدة منها ارتفاع ثمن الخراف وعدم الاستفادة القوية من ناتج اللحم منها فكانت في أول الأمر فكرة أن يشترك كل سبعة أفراد في بدنة وكان لذلك هدفان الأول استفادة الفقراء والمساكين من أهل المنطقة والمناطق المجاورة والثاني إقامة شعيرة من شعائر الله كان يصعب علي كثير من المسلمين إقامتها وواجهنا بعض الصعوبات في بادئ الأمر من توفير مكان للذبح وعدد من الجزارين يقومون علي الذبح إلا أنه وبفضل الله تعالي وفي العام الثالث للمشروع اكتسب أعضاء المجلس الخبرة لإقامة هذه السنة بجدارة علما بأن هذا العام هو العام الثامن للمشروع. الايتام والفقراء وقال نقوم بجمع ثمن الأضحية من المشترك علي مراحل طوال العام علي حسب رغبة المشترك فمن المشتركين من يرغب في الربع وأحيانا السدس والحد الاقصي طبقا للشرع هو السبع مع ملاحظة أن المسجد لايقوم بتحصيل أي أموال تحت أي مسمي نظير هذا العمل والاستفادة الوحيدة في الجلود التي يبيعها ويضع ثمنها في المصارف الشرعية للأيتام والفقراء وهناك من يقوم بذبح الأضحية والوقوف عليها ثم يتركها بأكملها للمسجد وهناك من يأخذ مايكفيه شخصيا ويترك الباقي للمسجد والذي يقوم بدوره بعمل حصر للأيتام والفقراء بالمنطقة وبعمل لجان تتواجد طوال أيام العيد لتوزيع اللحوم التي يتم تجميعها من ناتج الذبح وكذلك التي تأتي إلي المسجد وسيلة نقل يعلن عنهاإعلانات خلال شهر ذي القعدة وشهر ذي الحجة يوضح بها أرقام تليفونات للزملاء أعضاء مجلس الإدارة ليقوم المضحي بالاتصال بأحد هذه الأرقام فيصل إليه مندوب المسجد حاملا إيصالا وكارنيهاً يوضحان هويته التابعة للمسجد لاستيلام الجلود وماتبقي من الأضحية لدي الأفراد وبالممارسة وجدنا أن هناك مشكلة وهي أن الأضحية بعد صلاة العيد فقرر مجلس الادارة بالاتفاق مع إمام المسجد بالدعوة لشراء بدنة تذبح في صباح يوم عرفة علي ان توزع في منتصف اليوم حتي يكون لدي كل فقير ما يجده يوم العيد من لحم وثبت أن هذا الأمر يسعد الفقراء والأيتام ويصل عدد الفقراء المستفدين من هذا المشروع إلي حوالي 300 أسرة وعدد الأبتام المقيدين في المسجد 60 وخارجه علي حسب الحضور وكمية اللحم التي تتوفر ليست أقل من نصف طن والمشتركون في هذا المشروع من 50 إلي 60 فرداً وهذا يرجع إلي القوة الاستيعابية للجزارين مع ملاحظة أن الوقت لايستوعب أكثر من 12 إلي 15 بدنه. معنوي ومادي الشيخ محسن السيد حسن شرف خطيب مسجد الشهيد عبدالعزيز أكد أن للأضحية فوائد متعددة فالإسلام يضع جسورا تعبر من خلالها المودة والمحبة لتربط بين أفراد المجتمع الواحد وهذه الجسور بعضها معنوي كلين الجانب وتبسم المسلم في وجه أخيه وبعضها مادي كالعطايا والهبات والهديا ومنها الأضحية التي تعتبر هدية وإن من كرم الله سبحانه وتعالي علينا أن شرع لنا الأضحية مع أكلنا منها وادخارنا اللحم ثم التوزيع علي الفقراء والمساكين ومع ذلك يثيبنا الله سبحانه وتعالي غلي ذلك . روابط المودة أضاف والعلماء اختلفوا في حكمها علي قسمين قال الأحناف بإنها واجبة علي الموسر إلاالحاج بمني أما الجمهور فقالوا أنها سنة مؤكدة في حق الموسر مطلقا وعليه فإنها وعلي وجه العموم تقوي روابط المودة والمحبة بين أفراد المجتمع الواحد فيعطي الغني الفقير ولايحق الفقير علي الغني وهذا من أسمي مافي الأضحية من تكافل اجتماعي وعلي الرغم من ذلك لم يحرم صاحب الأضحية من الأكل منها هو وأفراد أسرته . سنة مؤكدة د. صبري عبدالرءوف أستاذ الفقه المقارن بجماعة الأزهر قال اتفقت الفقهاء علي أن الأضحية سنة مؤكدة وحينما سئل الرسول صلي الله عليه وسلم وقيل له يا رسول الله ما هذه الأضاحي قال سنة أبيكم إبراهيم قالوا فما لنا فيها.. قال لكل شعرة من الصوف حسنة وقد ثبت أن النبي عليه السلام ضحي بكبشين أقرنين ذبح الأول عن نفسه وأهل بيته والثاني ذبحه وقال وهذا عمن لم يضح من أمتي ولا مانع للمسلم آن يشارك غيره في ذبح الأضحية ولكن بشرط أن تكون المشاركة في الابل أو البقر فقط ويشمل البقر الجاموس أيضا أما أقل من هذا فلا يجوز ويفترض في الأضحية التي يجوز فيها الاشتراك أن يشترك اثنان أو أكثر الي سبعة في الاشتراك في ذبيحة واحدة كأضحية بشرط أن تزيد السن عن سنتين البقر والجاموس وعلي ثلاث سنوات فاكثربالنسبة للابل ويشترط أيضا ألايقل نصيب المشترك عن السبع فإن قل النصيب عن السبع فإنة لايكون أضحية ولكن يكون لحما قدمه لأهله . عمل خيري د. عبدالفتاح أبوالفتوح أستاذ ورئيس قسم أصول اللغة كلية الدراسات الإسلامية يقول لاشك أن المشاركة في الأضحية عمل خيري وهي سنه مؤكدة بل هناك من يري أنها واجبة مثل الإمام أبو حنيفة وهي صورة مشرفة وطيبة ومعبرة عن التكافل الاجتماعي في الإسلام يقول رسول الله صلي الله عليه وسلم "اغنوهم عن السؤال في ذلك اليوم " وقال من وجد سعة ولم يضح فلا يقربن مصلانا" وهذا تحذير شديد حتي لايتهاون المسلمون القادرون علي إحياء هذه الشعيرة لأنها من الشعائر ومن السنن النبوية التي أميتت في فترة من الفترات ولذلك فإن إحياء هذه السنة أمر مشروع ويثاب عليه المرء بحديث النبي صلي الله عليه وسلم "من أحيا سنتي فقدأحبني ومن أحبني كان معي في الجنة" وليس هناك أفضل من هذا التكافل والتعاون بين المسلمين أغنياء ومجتمعا فقراء للمشاركة في هذه السنه وهي سنة الأضحية والنبي عليه الصلاة والسلام قال من أدخل سرورا علي بيت مسلم لم يرضي الله له ثوابا دون الجنة وهذا أجر عظيم لمثل هذا العمل الذي يعبر عن قيمة عظيمة من قيم الإسلام النبيلة وهي قيمة التكافل السمة الغالبة لأمة الإسلام إن هم تمسكوا بكتاب ربهم وبسنة نبيهم صلي الله عليه وسلم . الغاية العظمي يضيف وهي عامل من عوامل إزالة الاحتقان والكره وتؤلف بين قلوب الأمة وتقرب بينهم لأن الفقير سيمتلئ قلبه رضا وحبا للغني وهذه هي الغاية العظمي من الاسلام لأنه دين يدعو إلي المحبة والألفة والتوحيد والتآخي فإذا ساد الحب فتأكد أن هذه علامة من علامات حب الله لعبيده يقول الرسول صلي الله عليه وسلم لايؤمن أحدكم حتي يحب لأخيه مايحب لنفسه ويقول لن تدخلوا الجنة حتي تؤمنوا ولن تؤمنواحتي تحابوآ ولذلك يقول الله تعالي في الحديث القدسي "أين المتحابون في جلالي أظلهم اليوم في ظلي يوم لاظل إلا ظلي " والذي يوصلنا إلي هذه الغاية الجميلة هو التكافل أن يشعر الغني بالفقير ويرضي الفقير عن الغني فيصبح المجتمع الإسلامي مجتمعا فاضلا ولتصبح الأمة الإسلامية كما قال تعالي "كنتم خير أمة أخرجت للناس" وبهذا تتحقق الخيرية التي أرادها الله سبحانه وتعالي . تواصل ومحبة د. سيد صبحي أستاذ علم النفس التربوي بجامعة عين شمس قال المشاركة بأي معني من المعاني دليل قاطع علي التواصل والمحبة بين الأفراد وهذا تناغم بينهم وبين الآخر الذي يشترك معي ويشعرني بالمودة والمؤانسة وهي وقفة متحدة بين الناس خاصة بين الجيران وهي أخلاقيات تشعرنا بالانتماء الحقيقي والسلام الاجتماعي الذي نسعي إليه فإذا تحقق هذا السلام الاجتماعي فأولي درجات تحققه المشاركة والتفاعل المستمر في المشاركة بأضحية مع زميلي وجاري وقريبي وخاصة إذا كان هناك نوع من القبول والتفاهم المشترك ويدل علي التطلع إلي ماهو أفضل والتوحيد علي أداء هذا العمل يعني أننا نمتلك المسئولية الحقيقية وهذا هو الانتماء الحقيقي وهذا هو الدين في شكله الراقي.