بات الصراع الدائر داخل صفوف جماعة الإخوان المسلمين بالأردن، في أعقاب الإعلان عن الجمعية الجديدة المرخصة حكومياً باسم "جمعية الإخوان المسلمين" التي اعتبرتها الأولى "انقلاباً على الشرعية"، محطّ اهتمام للنخب السياسية التي ترى في ذلك، طريقاً نحو المشاركة السياسية الفاعلة من قبل الحركة الإسلامية في أية انتخابات قادمة. وترى تلك النخب أن هذه الانتخابات فرصة سانحة للمغالبة السلمية بين الفريقين الإخوانيين، على قاعدة إظهار كل منهما لقواعده الشعبية وحجم مؤيديه في الشارع. وهنا يرى الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية حسن أبوهنية، أن مُضي التنظيم الأصلي في الإحجام عن المشاركة في العملية السياسية في البلاد، ومقاطعة الانتخابات، سيضع الجماعة على المحك، وسيكون خطأ كبيراً. وفي حديثه لوكالة "الأناضول" الإخبارية قال أبو هنية: "أعتقد أن مشاركة جماعة الإخوان المسلمين في الانتخابات القادمة، ستضعها على محك دقيق، ضمن معركة المغالبة المفترضة بين الفرقاء، لإظهار حجم ومدى قوة الجماعة الأم أو الجمعية الجديدة، فالكل يعلم بأن الجمعية هي مجموعة نخبوية لا قواعد شعبية لها". وانتقد أبوهنية، النهج السياسي لإخوان الأردن، والذي "عزلت نفسها بموجبه، خصوصاً في ظل الظروف الإقليمية التي تحاول تهميشها، وإلغاء وجودها السياسي، لاسيما أن علاقتها مع السلطة في الأردن لم تصل حد الاستئصال". من جهته، استبعد محمد أبو رمان، الكاتب المتخصص في الحركات الإسلامية، للأناضول أن "تحقق الجمعية الجديدة للإخوان نتائج حقيقية على أرض الواقع في أية انتخابات برلمانية مقبلة"، مشيراً إلى أنها (أي الجمعية) "لا تملك قاعدة شعبية". بدوره، لفت محمد الشرعة، أستاذ العلوم السياسية في جامعة اليرموك الأردنية "حكومية"، إلى ضرورة مشاركة الإخوان المسلمين في أية انتخابات برلمانية مقبلة، حتى يكون هناك تمثيل لكافة الأطياف في المجتمع الأردني، معتبراً أن الانقسامات التي حصلت "هي وليدة الساعة. وربط الشرعة مشاركة الإخوان بتعديل قانون الانتخاب الحالي (قانون الصوت الواحد)، باعتباره السبب الرئيس للمقاطعة، وأنه إذا تم تعديله فلن يكون هناك ما يمنع من مشاركتهم. وكثرت التكهنات في الآونة الأخيرة حول إمكانية قيام العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، بحل مجلس النواب الحالي الذي مضى على مباشرة عمله نحو عامين وسبعة أشهر، وذلك بعد إنجاز قانون جديد للانتخاب، خلافاً لقانون الصوت الواحد الذي تعارضه الحركة الإسلامية وتقاطع الانتخابات بسببه، وتعزز إمكانية حل المجلس دخول قانون الأحزاب الجديد حيز التنفيذ، وما رافقه من إصلاحات سياسية واقتصادية تعتبر دافعاً كبيراً لمشاركة "الإخوان" في الحياة السياسية. وقالت جماعة الإخوان المسلمين (الأم) في الأردن، يوم الأربعاء الماضي، إن "رئيس مجلس النواب الأردني (الغرفة الأولى للبرلمان) عاطف الطراونة، استقبل وفدًا يمثل قيادة الجماعة برئاسة أمين السر العام، محمد خليل عقل". وتشهد جماعة الإخوان المسلمين في المملكة، انقساماً حادّا، بعد أن كشف مراقب عام الجماعة الأسبق، عبد المجيد ذنيبات، في تصريح للأناضول، في الأول من مارس/ آذار الماضي، أن الحكومة وافقت له على ترخيص جمعية جماعة الإخوان المسلمين، وألغيت بموجبها تبعية الجماعة في البلاد عن الجماعة في مصر، وهو ما اعتبرته الجماعة "الأم"، بأنه "انقلاب على شرعية الجماعة، وقيادتها المنتخبة، وفق اللوائح الشورية داخلها.