في ال 13 من تموز/يوليو الجاري، أعلن وزير الداخلية التونسي، ناجم الغرسلي، القضاء على معظم قيادات كتيبة "عقبة بن نافع"، خلال عملية أمنية تم تنفيذها ضد عناصر وصفها ب"الارهابية"، في محافظة قفصة، جنوبي البلاد. وقال الغرسلي في مؤتمر صحفي، آنذاك، إن العملية التي جرت في العاشر من الشهر نفسه "أسفرت عن مقتل 5 عناصر إرهابية، أبرزهم مراد الغرسلي، المُكنى بأبي البراء، والذي خلف الجزائري، خالد الشايب، الملقب بلقمان أبو صخر، في قيادة التنظيم، بعد مقتل الأخير في عملية أمنية مماثلة في مارس/أذار الماضي، بمحافظة قفصة". وظهرت كتيبة "عقبة بن نافع"، لأول مرة في ديسمبر/كانون الأول 2012، عندما عثرت الأجهزة الأمنية على خليّة "إرهابية" كانت تستعد لاستهداف معسكر بالمنطقة الغربية للبلاد على الحدود الجزائرية، وحملت السلطات التونسية، الكتيبة، المسؤولية عن أغلب العمليات التي استهدفت الوحدات الأمنية والعسكرية. والسؤال الذي يطرح نفسه في الشارع التونسي، بعد عملية "قفصة"، وما جاء على لسان الوزير الغرسلي من أنه "تم التخلص من 90% من هذه الكتيبة"، هو "هل انتهت الكتيبة الإرهابية فعلاً؟". مختار بن نصر، العميد المتقاعد من الجيش التونسي، والمسؤول بمركز دراسات الأمن الشامل (مستقل)، قال للأناضول "الكتيبة تلقت في الأشهر الماضية، ضربات قاصمة قد تعجّل بنهايتها، وخاصة بعد عملية قفصة، والتي انتهت بمقتل قائدها، لقمان أبو صخر، ثم العملية الثانية التي شهدتها المحافظة نفسها، وقتل فيها مراد الغرسلي، ما جعلها تفقد أبرز قياداتها وأفرادها". وأضاف "عملية تفكيك الكتيبة بدأت بعمليات أمنية واستخباراتية قضت على البنية اللوجستية لها، وأفقدتها الحاضنة الاجتماعية، الأمر الذي يجعل من كلام وزير الداخلية، بالتخلص من 90% منها، أمر صحيح وقريب بمن الواقع"، إلاّ أن بن نصر، رجّح وجود "مجموعات صغيرة تابعة للكتيبة لا تزال منتشرة في الجبال، ويتم القضاء عليها تدريجيا". وبسؤاله عن السر وراء توجه عناصر الكتيبة من جبال الشعانبي (غرب)، إلى قفصة في الجنوب، أجاب قائلاً: "بهدف الوصول إلى الحدود الجنوبية مع ليبيا، من أجل جلب سيارات مفخخة للقيام بتفجيرها في تونس، ونتيجة لنجاح العمل الاستخباراتي تم القضاء عليها في قفصة أيضا". أما طارق الكحلاوي، المدير السابق للمعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية (تابع لرئاسة الجمهورية)، فيبدو متشككاً، إذ يعتقد أن الكتيبة التي "تلقت ضربات قوية سواء في قيادييها الجزائريين أو التونسيين، تتلقى الدعم اللوجيستي والبشري من قبل تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، الناشط في المنقطة الحدودية الجبلية المحاذية للحدود التونسيةالجزائرية'‘. ويرى الكحلاوي أن "التكوين الأساسي للكتيبة لم يكن بمبادرة تونسية، بل بقرار من القاعدة في الجزائر، ولذلك ستبقى قادرة على التجدد، إذا ما حرصت على العودة، أو كانت قادرة على ذلك". الكحلاوي رجّح وجود عامل آخر وراء ذلك، ألا وهو "الصراعات الداخلية في كتيبة عقبة، وانشقاق بعض عناصرها وبيعتهم لداعش، وهذا ربما أعاد خلط الأوراق في توزع هذه المجموعات ومناطق نفوذها في جبال الشعانبي" على حد قوله. وهو الأمر الذي تؤكده رواية الداخلية التونسية، التي تقر أن "قوات الأمن استفادت من الانشقاقات والخلافات التي شهدتها كتيبة عقبة بن نافع الإرهابية، بعد مقتل قائدها لقمان أبو صخر". أما وزير الداخلية الغرسلي، فقال في المؤتمر الصحفي نفسه، إن "المجموعة التي تم القضاء عليها، كانت بصدد تشكيل كتيبة في ولاية قفصة، لدعم العناصر الإرهابية في مناطق أخرى من البلاد، وخاصة الجبال".