في الحديث النبوي الشريف: "ان الله -عز وجل- يبعث لهذه الأمة علي رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها". وجه الدلالة: اخبار وحض علي الاجتهاد بشروطه وضوابطه ومقتضياته وآلياته لمواجهة مستحدثات ومستجدات وطوارئ وعوارض ونوازل دون جمود أو تبديد فيما لابد للدين من الوجود به. ودواعي التجديد أهمها: تجديد وفهم الدين في أحوال وأوضاع في الجملة تعود إلي ما يعرض للدين من قصور في فهم النصوص ودلالاتها ومقاصدها وقد يكون هذا بالزيادة أو النقصان. احياء نفائس وذخائر في التراث الإسلامي مثل "الفقه الافتراضي" و"فقه النوازل" و"الفقه المقاصدي" وهي مطمورة مهجورة لضعف الملكات وطغيان الحرفية للنصوص واغفال واهمال مقاصدها، وتطفل أدعياء علم من طائفيات مذهبية. تمييز الأصيل عن الدخيل، والجيد عن الردئ. تنزيل الأحكام الشرعية علي ما استجد من أنماط الحياة العملية للناس. الإفادة من فهم التخصصيين الفاقهين لتجديد الخطاب الديني منذ بواكير المجتمع المسلم بدء من التراث الموروث إلي الواقع المعاش المعاصر فمن ذلك: أ) قال الإمام السيوطي - رحمه الله تعالي-: "ان المراد بتجديد الدين: تجديد هدايته، وبيان حقيقته وأحقيته، ونفي ما يعرض لأهله من البدع أو الفتور في اقامته، وإعادة مصالح الخلق، وسنن الاجتماع والعمران في شريعته" -الجامع الصغير للسيوطي-. ب) قال الحافظ الذهبي - رحمه الله تعالي-: "لا يلزم أن يكون المبعوث علي رأس المائة رجلا واحدا، وإنما يكون واحدا، وقد يكون أكثر منه، فإن لفظة" من "تقع علي الواحد والجمع. ج) قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله تعالي -: موضحا دلالة الحديث الشريف -سالف الذكر- "لا يلزم ان يكون في رأس كل مائة سنة واحد فقط، بل يكون الأمر فيه كما ذكر في الطائفة". د) الإمام محمد عبده -رحمه الله تعالي-: "ان التجديد يشمل حفظ نصوص الدين الأصلية صحيحة نقية، ونقل المعاني الصحيحة للنصوص، واحياء الفهم السليم لها، والسعي للتقريب بين واقع المجتمع المسلم في كل عصر، وبين المجتمع النموذجي الأول الذي انشأه الرسول -صلي الله عليه وسلم-، واحياء مناهج ذلك المجتمع في فهم النصوص والاجتهاد، كما يشمل التجديد تصحيح الانحرافات النظرية والفكرية والعملية والسلوكية وتنقية المجتمع من شوائبها". ه) الشيخ أمين الخولي - رحمه الله تعالي-: "التجديد في الدين فريضة" مجلة الرسالة 1933م "وتناول التجديد في الدين وعلومه ذات الصلة. و) المورودي - رحمه الله تعالي- : كتب "موجز تجديد الدين واحيائه 1948م". ز) الشيخ عبدالمتعال الصعيدي - رحمه الله تعالي- : أصدر كتابا غاية في الأهمية "المجددون في الإسلام من القرن الأول إلي القرن الرابع عشر" عام 1955م. ح) الفاضل/ محمد إقبال - رحمه الله تعالي- : كتب بافاضة "تجديد التفكير الديني في الإسلام وإصلاح لعلاقة المسلمين بالدين، والتفاعل مع أصوله والاهتداء بهديه، لتحقيق العمارة الحضارية، وتجديد حال المسلمين، ولا يعني إطلاقا تبديلا في الدين أو الشرع ذاته" - نقلات عن مجلة الوعي الإسلامي الكويتية العدد 600-.. تأسيسا علي ما ذكر: يجب فقه "التجديد" ودواعيه ومقتضياته وآلياته ومجالاته ومقاصده، بورش علمية من خبراء أكاديميين سالف في العلوم الإسلامية والدعوة الإسلامية، وخبراء تربويين ذات التخصص سالف الذكر، بعمل "مؤسسي" يتناول تأصيل "الثوابت" فلا انقلاب عليها، فهي مسلمات شرعية لا تقل قوة عن مسلمات عقلية، هي هكذا بمنظور "المصلحة العامة وليست الخاصة" وهذا يقتضي الإلمام بمبادئ أساسية في العمل المؤسسي: - فهم آلية التعامل مع النصوص الشرعية من جهة ووردها القطعي والظني، ودلالتها علي الأحكام الشرعية. - فقه التعامل مع التراث الموروث في فهم المصادر التشريعية. - بعث علم "أصول الفقه" في ثوب جديد للإعانة في فهم الدلالات والوسائل والمقاصد. - فقه مرتكزات علمية لدي كبار خبراء منها: التخريج الفقهي، تحقيق المناط. - الأخذ بقواعد ذات صلة منها "لا ينكر تغير الأحكام بتغير الأزمان"، "المشقة تجلب التيسير"، "الضرر يزال"، "حيثما كانت المصلحة فثم شرع الله". - تحقيق علمي لمبادئ الرسول محمد "صلي الله عليه وسلم" ودلالة الترك علي أحكام من عدمه". العمل المؤسسي لما سلف ذكره وما يناظره وما يشابهه بحاجة إلي "هيئة قومية للخطاب الديني" لها الاستقلالية، يتم اختيار خبراء "الذين يبلغون رسالات الله ولا يخشون أحدا إلا الله"، "قل هذه سبيلي أدعو إلي الله علي بصيرة أنا ومن اتبعني"، أصحاب رسالة وليسوا موظفين مهما علت ألقاب وظائفهم المهنية! نقلا عن "اخبار اليوم" المصرية