لابد من خطة إستراتيجية لتجديد الخطاب الديني نتواصل مع الجميع لمواجهة التطرف والإلحاد الأزهر قلعة الوسطية في العالم الإعلام روج الفتاوى الغريبة للحصول على الربح الثورات العربية استخدمت أسوأ استخدام الأخلاق لن تتحقق بدون العدالة الاجتماعية طالب محمود الشريف نقيب الأشراف، بأن تكون آليات تجديد الخطاب الديني ضمن منظومة خطة إستراتيجية تضعها المؤسسات الدينية بالتنسيق مع الدولة، لافتا إلى أن الخطاب الديني يعتبر أمن قومي لمصر وللأمة العربية. وأضاف خلال حواره مع شبكة الإعلام العربية "محيط"، أن الثورات العربية تم استخدامها بشكل سيء، مشيرا إلى أن المفهوم الحقيقي للثورة أن يثور الناس لتحقيق العدالة الاجتماعية. حول رأيه في آليات تجيد الخطاب الديني، وكيفية مواجهة الإرهاب والإلحاد، و ماذا يمثل الأزهر للأمة الاسلامية، ولماذا تجرأ البعض عليه، ورأيه في الفتاوى الغريبة التي يروج لها الإعلام وغيرها كان لنا الحوار التالي. وإلى الحوار: بداية.. ما آليات تطوير الخطاب الديني؟ لابد أن تكون آليات تجديد الخطاب الديني ضمن منظومة خطة إستراتيجية تضعها المؤسسات الدينية بالتنسيق مع الدولة، لأن الخطاب الديني يعتبر أمن قومي لمصر وللأمة العربية، وإذا كان هناك أمر مثل تجديد الخطاب فيجب أن يكون هناك تعاون مع جميع المؤسسات الدينية. ومن ضمن الخطوط العريضة يجب أن يشمل التعليم بكل مراحله الابتدائي والإعدادي والثانوي والجامعي، بالإضافة إلي النظر في شأن المعلم وتحسين وضعه المادي، وإعداد الدعاة بشكل يتواكب مع العصر، كل هذه النقاط الرئيسية تحتاج إلي التعاون بين مؤسسات الدولة. هل ترى أن هناك إرادة سياسية لتجديد الخطاب الديني؟ لاشك أن القيادة السياسية تبذل قصارى جهدها في الوصول إلى آلية جديدة لتجديد الخطاب الديني، ومن وجهة نظري أصبحت الإرادة السياسية اليوم موجودة ومتجهة إلي تجديد وإصلاح المنظومة بصفة كاملة. وأري أن الأزهر وجامعته عليه دور كبير في تلك المسألة من خلال وضع وثيقة تنص علي تجديد الخطاب تشمل كل الجوانب وذلك بالتنسيق بين مشيخة الأزهر الشريف بقيادة شيخ الأزهر، ووزارة الأوقاف بقيادة وزيرها الدكتور محمد مختار جمعة. كما يجب التنسيق مع المؤسسات الدينية التي تهتم بالخطاب الديني ومنها نقابة الأشراف والمشيخة العامة للطرق الصوفية ودار الإفتاء، وغيرها من المؤسسات الدينية الأخرى، وهؤلاء عندما يتعاونون معا فسوف يتطور الخطاب الديني. هل ترى أن الندوات والمؤتمرات تأتي بجدوى في الخطاب الديني؟ لاشك أن مثل هذه الندوات والمؤتمرات وورش العمل التي قام بها الأزهر الشريف والأوقاف وبعض المؤسسات الدينية ستأتي بنتائج إيجابية للغاية، وأفضل الأشياء المتوقعة التي تسفر عن عصف ذهني وتوصيات ولكن في نفس الوقت لابد أن يكون هناك تنفيذ حقيقي وتطبيق عملي علي الأرض. ما دور نقابة الأشراف في محاربة التطرف والإلحاد والتشيع؟ النقابة لها دور كبير في التوعية لدي الجميع علي أرض الواقع من خلال القوافل التي تطلقها في المحافظات والقرى والنجوع، فلا نتحرك من خلال الغرف المكيفة فقط، بل نتواصل مع الجميع من خلال الندوات والمؤتمرات والتجمعات الشبابية لتوضيح أهمية الحفاظ علي الوطن واستقراره، وتوضيح أهمية التوعية بالمهج الحقيقي لرسول الله الذي بني على الرحمة. ومنذ إنشاء النقابة فقد حرصت ولا زالت تحرص علي التعاون والتواصل مع كبار علماء الأمة من الأزهر الشريف والمؤسسات الدينية بالعالم، ولم يقتصر دورنا علي مصر فقط بل نعمل بالخارج من خلال بعثات للخارج تنشر الفكر الديني الوسطي المعتدل، وتصحح صورة الإسلام لدي تلك الدول. العالم يعج الآن بالصراعات وتحولت المنطقة لبحور من الدماء بسبب الأفكار المتطرفة.. برأيك كيف نتصدى لهذا النزيف المستمر؟ يجب أن يعلم الجميع أن إصلاح النفس هو السبيل للقضاء علي تلك الأمور، وإذا أردنا أن نصلح غيرنا لابد من إصلاح ذاتنا، ولا يكون الإصلاح بالكلمات، وإنما بالتطبيق العملي لما جاء به النبي، بتكاتف الجميع والوقوف صفا واحدا لمواجهة مثل هذه الأمور الدخيلة علينا باستغلال جهل البعض منا باسم الدين. ولابد أن نعرف أن هناك بعض المؤسسات الدخيلة تحت مسميات ظاهرها فيه الرحمة وباطنها من قبله العذاب، تحت أجنحة تمول من الخارج لأهداف نعلمها جيدا من إفساد وتفتيت عضد الأمة سواء مصر أو الأمة. لماذا يتهم البعض الأزهر بأنه مصدر العنف والأفكار المتطرفة من خلال مناهجه؟ اتهام البعض للأزهر بأنه مصدر للأفكار المتطرفة أمر مستغرب للغاية، وفي الوقت ذاته عار تماما عن الصحة، لأن الأزهر كما يسميه كثير من علماء العالم قلعة الوسطية في العالم كله ومصدر للمنهج الوسطي المعتدل. والناظر في التنظيمات الإرهابية لن يجد أي أزهري في صفوفها، بالإضافة إلى أن هؤلاء المدعون لا يعلمون قيمة وقامة الأزهر العالمية في العالم، ويحاول البعض أن يقلل من شأنه حتى يشتت الأزهر، وإذا احتاج الأزهر إلي إصلاح فهو قادر علي إصلاح نفسه. ولهذا الأمر فإن الأزهر قادر علي تطوير نفسه، وأن من يقول أن الأزهر ضعيف وانتهى فهو ضد الدين وسماحته، والأزهر في مصر هو من يصدر علوم الدين وسماحته للأديان. كيف نعيد منظومة الأخلاق التي اندثرت في الأمة من وجهة نظركم؟ اندثرت الأخلاق الفاضلة التي أمر بها النبي صلى الله عليه وسلم وحث عليها، بسبب إهمالنا لمادة التربية الدينية في المدارس ولا يوجد شخص من الأجيال السابقة إلا وكان يحفظ القرآن الكريم ونصفه أو ربعه، أما الآن فلا نجد إلا القليل من الجيل الحالي. وقبل التعليم كانت تدرس التربية، فعندما يتربي الطفل في البيت أو المدرسة علي الأخلاقيات سينصلح حال المجتمع ولابد من قيام ثورة أخلاقية لعودة الأخلاق الحقيقة للمجتمع، ولن يتم ذلك إلا من خلال تطبيق العدالة الاجتماعية. وكان أدب الخلاف يظهر في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وسيرة الأعلام من الأئمة والصالحين، وقد كان الإمام الشافعي يقول "رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب"، ومنها أيضا قول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت "كل الناس يؤخذ منهم ويرد إلا صاحب تلك الروضة" في إشارة منها للنبي صلى الله عليه وسلم، وهذا كان من أخلاقيات النبي والصحابة بخصوص الاختلاف بكون الخلاف بين الناس أحد أسباب ضياع الأخلاق من بين أبناء الأمة الإسلامية. وهناك الكثير من الموضوعات التي تحتاج إلي إعادة النظر فيها، مثل تربية الأبناء علي العادات والتقاليد وكيفية احترام الكبير والحنو على الصغير. هل الاستبداد السياسي في الدول العربية بعد ثورات الربيع العربي سبب العنف والتطرف والإرهاب؟ الثورات العربية تم استخدامها بشكل سيء، واستخدام البعض لها بتلك الطريقة هو الذي ولد العنف، والمفهوم الحقيقي أن الشعب يثور ليحقق العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص ويحدث توازن، وأن السياسة تعني أن تحترم خصومك وتحترم الآخر. وهناك فرق بين أن أختلف معك في الرأي الذي لا يفسد للود قضية، وأن أختلف لأقتلك وهذا لا يحثه الإسلام، فالجميع مطالب بفهم الدين الحقيقي، والاستبداد وارد علي مدار التاريخ والأزمان وأنه يحدث كل فترة من الزمن وعلاج ذلك هو العدل. البعض اعتبر أن الفتوى أحد أسباب انتشار العنف والتطرف فكل شخص يعتبر نفسه مفتيا.. كيف نضبط هذه المنظومة؟ يجب أن يكون هناك تشريع يلزم جميع الجهات المختصة بالالتزام الأخلاقي في جميع مؤسسات الدولة، وأولها الإعلام، وأن يشترط ألا يتجرأ أحد على الفتوى إلا من يمتلك مؤهلات الفتوى كما يحدث مع الطب والهندسة. فالساحة الإعلامية الآن تشهد حالة من الانفلات الأخلاقي من قبل بعض المؤسسات الإعلامية التي تهدف إلى الحصول على الربح من أي تصريحات أو فتاوى تثير الجدل تعمل على زيادة المشاهدات أو المتابعات من أجل الوصول إلى الربح، ومعاقبة كل من يسيء لآل بيت النبي. هل ترى أن وضع ميثاق شرف إعلامي ضرورة ملحة هذه الأيام ؟ ميثاق الشرف الإعلامي في هذه الآونة ضرورة ملحة لوقف الاعتداء الممنهج والصارخ على الشريعة الإسلامية وثوابت الدين، وتمنع الكثير من التطاول على قيم وأخلاقيات المسلمين. ولهذا يجب الإسراع في وضع هذا القانون أو التشريع الذي طالب به الأزهر من قبل، لضبط إيقاع العمل الدعوي والخطاب الديني المستنير، وأن تضبط الذين يخرجون للفتوى للناس فلا يصح "كل من هب ودب" أن يكون مصدرا للفتوى وهذا مهمة المؤسسات الدينية أن تتعاون مع الإعلام بتزويدهم بقائمة من يصلحون للفتوى. لماذا لا يوجد قوانين تجرم دعوات إنكار السنة ؟ لضعف الوازع الديني، والفئات المأجورة التي تعمل على توشيه الدين ونشر العلمانية لأغراض أجنبية، والحل يكمن في تقوية الوازع الديني بتعليم النشء وتربية الأجيال الحالية علي سنة رسول الله.