قال الرئيس الفرنسي فرنسوا أولاند إنه أجرى زيارة دولة إلى الجزائر منذ أكثر من عامين وكانت هذه الزيارة هي الأولى من نوعها خارج القارة الأوروبية تلبية لدعوة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة حيث كانت الجزائر تحتفل حينها بالذكرى الخمسين لاستقلالها وانتهز تلك الفرصة التاريخية للدعوة إلى تصالح الذاكرات بين بلدينا كما اعترفت أمام غرفتي البرلمان المجتمعتين بالويلات التي تكبدها الشعب الجزائري على يد النظام الاستعماري . جاء ذلك في كلمة مكتوبة بعث بها الرئيس الفرنسي إلى صحيفتي الخبر ولوكوتيديان دوران الجزائريتين بمناسبة الزيارة القصيرة التي سيجريها للجزائر ونشرتها الصحيفتان في عددهما الصادر اليوم الإثنين. ووصف أولاند هذا الفعل السياسي بأنه كان ضروريا وقال :الحقيقة هي القاعدة التي تبنى عليها الصداقة، لذلك وجبت مواجهة هذه الحقيقة، وهذا الفعل السياسي الذي انتظره الشعب الجزائري مدة طويلة الذي كانت فرنسا تدين له بذلك ولنفسها أيضا ... عمل الذاكرة لا يكتمل أبدا وعلى المؤرخين ومواطني بلدينا مواصلته ، وهذا جوهري إن أردنا بناء مستقبل مشترك. أنا أقدر ، عشية زيارتي الثانية إلى الجزائر ، مدى التقدم الذي تم إحرازه ، فبلدانا تحدوهما نفس الإرادة في إقامة شراكة متساوية بين الطرفين متجهة نحو التنمية ونحو الشباب ، تمنحنا اللجنة الحكومية المشتركة ، التي يرأسها رئيسا وزراءنا في الجزائر ثم في باريس، إطارا لتعميق شراكاتنا في جميع المجالات. وأضاف أولاند : أنا أولى اهتماما بالغا للحوار السياسي بين فرنساوالجزائر، لأن بلدينا يساهمان في استقرار وأمن المنطقة ... لقد دفعت الجزائر في تاريخها ضريبة ثقيلة جدا للإرهاب، وكانت فرنسا بجانبها خلال عملية احتجاز الرهائن بعين أميناس وبرهنت الجزائر على دعمها حينما استُهدفت فرنسا في هجمات باريس في يناير الماضي .. أود في هذا المقام أن أعبر عن امتناني للسلطات والشعب الجزائري لتضامنهم، فقد وقف بلدانا جنبا إلى جنب خلال مسيرة 11 يناير ثم في تونس بعد هجمات باردو. لقد اضطلعت فرنسا في 2013 بمسؤولياتها بطلب من السلطات المالية لوقف تقدم المجموعات الإرهابية، ومنذ ذلك الحين لعبت الجزائر دورا رئيسيا في ترجمة هذا النجاح سياسيا من خلال التوقيع، في مايو الماضي على اتفاق الجزائر للسلم والمصالحة في مالي .. كما أحيى مساعي السلطات الجزائرية لإيجاد حل سياسي في ليبيا .... الجزائروفرنسا مرتبطتان جغرافيا عبر البحر المتوسط، هذا البحر المشترك يشهد اليوم مآسي سببها كافة أنواع التجارة غير الشرعية وأولها التجارة بالبشر ... فرنساوالجزائر مدعوتان لتضافر قواهما لوضع حد لهذا الاستغلال وهذه الجرائم، ولكن علينا أيضا أن نحمل معا مشاريع تنمية. وقال أولاند :كنت قبل سنتين قد أعربت عن رغبتي في تعزيز التعاون الفرنسي الجزائري وهو اليوم في حراك، أدركت ذلك في مدينة مرسيليا حيث شاركت في منتدى ميدكوب 21 تحضيرا لمؤتمر المناخ الذي سيعقد في باريس في ديسمبر المقبل وكانت فرصة لتقدم لي العديد من الاستثمارات من ضفتي البحر المتوسط . وستكون زيارتي إلى الجزائر فرصة لترجمتها بصورة ملموسة وتعزيز الشراكة الاقتصادية القائمة بين بلدينا ... فبعد إقامة مصنع رونو بوهران وألستوم بعنابة، تتعدد المبادرات... حوالي 7000 مؤسسة فرنسية تصدر نحو الجزائر ... 450 مؤسسة فرنسية متمركزة اليوم في الجزائر وتوظف أكثر من 140 ألف شخص ترغب هذه الشركات في مرافقة ديناميكية للاقتصاد الجزائري وانفتاحه وتنويعه، وتلتزم على المدى الطويل من خلال الاستثمار والإنتاج محليا وهذا ضروري من أجل فتح آفاق للشباب الجزائري. واختتم مراسلته بالقول : كل هذه الأسباب تدفعني للعودة إلى الجزائر حيث لا زلت أحتفظ بذكرى الاستقبال الاستثنائي الذي حظيت به والموجه من خلال شخصي ووظيفتي إلى الشعب الفرنسي وقد لمست في ذلك رغبة مشتركة لكتابة صفحة جديدة من تاريخنا لطالما كانت قناعتي راسخة بأننا قادرون على بناء شراكة استثنائية وهو ما سنبرهن عليه اليوم.