أثار خبر إقامة مسجد في حي "كاناريجيو " على أطلال كنيسة كاثوليكية مهجورة منذ عدة عقود تسمى ب "سانتا ماريا ديلا ميزيريكورديا " ، بالقرب من الحي اليهودي في مدينة فينيسيا "البندقية" الكثير من الجدل ، و هدد المسئولين هناك بإغلاقه لاعتبارهم أنه يشكل تهديدا أمنيا لاحتمالية حدوث أعمال عنف سواء من المتطرفين المناهضين للإسلام أو المتطرفين الإسلاميين. المسجد الذى أثار الجدل ليس سوى عمل فنى مشارك فى بينالى فينسيا للفنان السويسري الأيسلندي كريستوف بوتشال، العمل يسلط الضوء على عدم وجود مساجد في القلب التاريخي لمدينة البندقية التي تأثر فنها وعمارتها بشكل كبير بالتجارة والثقافة الإسلامية. وتقول نيويورك تايمز في تقرير لها إن الفكرة أثارت غضب مسئولي البندقية وشرطتها التي حذرت من أن المسجد يشكل تهديدا أمنيا ، وأشاروا إلى ضرورة الحصول على تصريح قانوني خاص في البندقية لإقامة مكان للصلاة، ورفضوا زعم بوتشال ومسئولي الفن الأيسلندي أن المسجد عمل فني بسيط يشير إلى مكان صلاة. وبعثت المدينة خطابا إلى مدير مركز الفن الأيسلندي ومفوض جناح أيسلندا، حذر فيه مسئولو البلدية من أن المبنى الذي أقيم في حي كانارغيو، لن يسمح باستمراره في العمل كمكان للصلاة. و يقول الخطاب "الجناح ليس ولا يمكن أن يكون مكانا للصلاة، كما تقول المواد الترويجية التي صدرت في الأيام الأخيرة". وأضاف أنه حتى الأعمال التحضيرية للصلاة مثل "الوضوء" غير مسموح بها وأن الذين يدخلون مبنى الكنيسة لا يمكن أن يرتدوا ملابس "تختلف عن تلك التي يرتدونها في أي مكان آخر من المعرض في بينالي البندقية". ويقول مسئولو الفن الأيسلندي إن محاميهم تسلموا خطاب المدينة ، فيما يخطط بوتشال لترك المسجد مفتوحا للصلاة حتى نهاية البينالي في نوفمبر المقبل، إلا إذا صدر قرار بغير ذلك . المسجد بعد أن كان كنيسة مهجورة، تمَّ تزيين جدرانه من الداخل بالحروف العربية و الآيات القرآنية، و المحراب الذى يدل على موضع القبلة والمئذنة التي تم نصبها في سقف المسجد الجديد. إلا أن تحويل الكنيسة التاريخية لمسجد اغضب السلطات الكاثوليكية والمسئولين في مدينة البندقية، و هددوا بإغلاقه بزعم انه قد سمح للمسلمين بالصلاة داخل كنيسة "سانتا ماريا ديلا ميزيريكورديا " ،و تحويلها مؤقتا إلى مكان لعبادة المسلمين كجزء من فعاليات بينالي ومعرض الفن المعاصر لهذا العام. البندقية على الرغم من علاقاتها التجارية منذ قرون مع الشرق، و تأثرها بالفن العربي والعمارة، واللغة، و على الرغم من وجود آلاف المسلمين من 29 جنسية بالمدينة إلا أن المدينة لم تسمح ببناء مسجد في وسطها التاريخي و كان المسلمين بالمدينة يؤدون الصلاة خارج قصر تاريخى يعود للقرن الثالث عشر . و قد قرر مجلس مدينة البندقية أنه ما لم يتم استخراج التصاريح الصحيحة من قبل الفنانين المسئولين عن هذا الأمر فانه سيتم إغلاق المسجد بحلول 20 مايو الجارى ، و ذلك نتيجة احتجاح أعضاء الحزب اليميني " فراتيلي دي إيطاليا " و الذين نظموا احتجاجات خارج المسجد المؤقت و رفضوا خلع أحذيتهم عند دخولهم للمكان قائلين انه مجرد عمل فنى و لا يعنى وجوده انه مسجدا للعبادة يفترض معه الالتزام بآداب دخوله . و يقول " لويجي بوريجينيرو " وهو رجل أعمال ايطالي بارز يقود حملة ليكون الرئيس المقبل لبلدية البندقية إن مبادرة تحويل الكنيسة التاريخية إلى مسجد كانت خاطئة و تمت دون الأخذ بعين الاعتبار مشاعر أهل البندقية" ، بينما أكد "محمد أمين الأحدب" زعيم الجالية المسلمة في مدينة البندقية " إن المسجد يعد بمثابة العمل الفنى الرسمى الذى يمثل أيسلندا فى البينالي، و هو عمل مؤقت ولا نريد استفزاز أحد. و هو عمل فنى مؤقت و لكنه مفيد بالنسبة للمسلمين و فى نفس الوقت وسيلة يمكن أن تشجع الحوار". أما الفنان، فقال إن فكرة المسجد تنطلق من العلاقات التاريخية بين فينيسيا والتجار المسلمين، كما تخدم الفكرة أيضا قضايا اجتماعية وسياسية حول المهاجرين في أوروبا. وتتواءم الفكرة تماما مع علاقة العرب مع مدينة البندقية قديما عبر التجارة وتشهد مباني المدينة على تلك الصلات؛ ففي أعلى كاتدرائية القديس سان ماركو نرى اللوحات التي تصور التجار المسلمين، ويضيف بوشيل أن البندقية شهدت طباعة أول نسخة من القرآن في القرن ال16. وأشار بوتشال إلى أن المشروع ليس فقط للمسلمين، فكل من يريد الزيارة يستطيع الدخول. وتعاون بوشيل مع جمعيات المسلمين في آيسلندا وفينيسيا، ويهدف لجعل المسجد مكانا لزيارة المسلمين من فينيسيا وما حولها، وأيضا مركزا لجذب السياح المسلمين الذين يفدون لزيارة المدينة. وسيكون المسجد مركز لأنشطة ثقافية وتعليمية لسكان المدينة وزوارها.