فرّ القاضي سلفار نمباغاريتس، نائب رئيس المحكمة الدستورية البوروندية، وهي الهيكل المكلّف بالبتّ في دستورية ترشّح الرئيس المنتهية ولايته، بيير نكورونزيزا، لولاية دستورية ثالثة، متوجها نحو رواندا المجاورة، وفقا لمصادر متفرّقة. وفي تصريح أدلى به، اليوم الثلاثاء، للأناضول، قال أنكلي نديكوريو، وهو أحد المقرّبين من القاضي الهارب، منذ أمس الاثنين، رفقة زوجته وأطفاله، إن "نمباغاريتس كان يردّد منذ يومين أو ثلاثة، بأنّه مهدّد هو عائلته، وأنّ التهديدات لها علاقة، بلا شك، بوظيفته". القاضي سلفار نمباغاريتس، والذي أكّدت للأناضول خبر هروبه أيضا مصادر من حركة "أوقفوا الولاية الثالثة" اجتماعية مستقلة، صرح للصحافة قبل فترة وجيزة من هروبه، أنّ "قضاة المحكمة الدستورية قالوا لي إنهم يعيشون ضغوطا من قبل مسؤولين رفيعي المستوى، لتوقيع مرسوم المصادقة على ترشيح نكورونزيزا، وأنا، بكل وعي وضمير، قررت ألا أضع توقيعي على مرسوم وقرار يجانبان القانون، ومفروضين من الخارج". وبحسب نمباغاريتس، فإنّ "4 قضاة، بينهم أنا، من جملة 7، عارضنا خلال الجلسة الأولى للتداول، المنعقدة في 30 أبريل/ نيسان الماضي ترشح بيير نكورونزيزا لولاية رئاسية ثالثة، غير أنّ القضاة الأربعة تعرّضوا إلى تهديدات بالقتل. وفي مواجهة تلك الضغوط، انتهى بهم الأمر بالتوقيع على قرار ترشيح الرئيس المنتهية ولايته"، ما يعني أنّ قاضيا واحدا بقي معارضا لهذا القرار. ولا يمكن لهروب القاضي إلى رواندا المجاورة، التأثير على قرار المحكمة الدستورية، بما أنّ المادة 227 من الدستور البوروندي تنصّ على أنه بإمكان المحكمة البتّ في الحكم بحضو 5 من أعضائها على الأقلّ. وعلاوة على ذلك، فإنّ المصادقة على قرارات المحكمة تتم "بالأغلبية المطلقة لأصوات أعضائها الحاضرين، وفي صورة تساويها، فإنّ صوت الرئيس يكون الفيصل". ولم يسجّل أي تعقيب على هروب نائب رئيس المحكمة الدستورية من قبل السلطات البوروندية أو السلطات الرواندية، حتى 9.00 تغ من صبيحة اليوم الثلاثاء. وتعيش بوروندي، منذ 26 أبريل/ نيسان الماضي، تاريخ الإعلان الرسمي عن ترشح الرئيس البوروندي لولاية رئاسية ثالثة، على وقع احتجاجات عارمة، تنديدا بولاية تصفها المعارضة ب "غير دستورية". ويفصل بوروندي، شهران على تنظيم انتخاباتها الرئاسية المقررة في 26 يونيو/ حزيران المقبل، وهي فترة انتظار ستبدو طويلة على الرئيس نكورونزيزا الذي يحكم البلاد منذ 10 سنوات، والذي يتهدده غضب شعبي بعد أن توعد أطياف كبيرة من المجتمع المدني بالنزول إلى الشارع. وتأتي مجمل التطورات في سياق بالغ الحساسية يتّسم بتصعيد عرقي محتمل في بلد تهيمن على تركيبته السكانية عرقيتي توتسي وهوتو، وخرج لتوّه من أتون حرب أهلية امتدّت على 12 عاما 1993- 2005. وطلب مجلس الشيوخ البوروندي الغرفة الثانية بالبرلمان يوم 28 أبريل/نيسان الماضي، من المحكمة الدستورية، البتّ في دستورية ترشح نكورونزيزا لولاية رئاسية ثالثة، والتي تطرح جدلا قانونيا. ومن المنتظر أن تبتّ المحكمة الدستورية البوروندية خلال 30 يوما اعتبارا من يوم 28 أبريل/نيسان الماضي في دستورية ترشح نكورونزيزا لانتخابات يونيو/حزيران المقبل، وهو الذي تولى الحكم في بلاده منذ 2005، ما يعني أنّ ولايته القادمة ستكون الثالثة، وهو ما يحظره الدستور البوروندي، الذي يحدّ الولايات الرئاسية باثنتين. ومع ذلك، فإنّ نظام نكورونزيزا يحبّذ الاستناد إلى جزئية بالدستور البوروندي، والذي حدّد الولايات الرئاسية بإثنتين فقط، إلاّ أنّه ربطهما بالاقتراع العام المباشر، وهذا ما يخدم مصلحة الرئيس البوروندي المغادر، حيث أنه تولّى الحكم بشكل استثنائي وعلى أساس اتفاق أروشا، بالاقتراع الحر غير المباشر، قبل أن يعاد انتخابه لولاية رئاسية ثانية بالاقتراع العام المباشر في 2010، ما يعني أنّ ترشحه للانتخابات المقبلة سيحسب له ك"ولايةً دستورية ثانية"، بحسب أنصاره وليس ثالثة كما تقول المعارضة.