مع دخول فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة، تبدأ علاقة الإنسان بالطعام في التغير، فبين فقدان الشهية الناتج عن الحر الشديد، والبحث عن وجبات خفيفة ومنعشة تلائم حرارة الطقس، مما يجعل العادات الغذائية تتغير بشكل ملحوظ، وهنا تبرز أهمية اختيار الطعام بعناية، ليس فقط من حيث القيمة الغذائية، لكن أيضًا من حيث الأمان الصحي. ففى هذا الفصل، تتضاعف مخاطر الإصابة بالتسمم الغذائى نتيجة سرعة فساد الأطعمة، ويصبح الغذاء في الصيف سلاحًا ذا حدين، يمكن أن يدعم الصحة ويمنح الجسم الترطيب والطاقة، أو يتحول إلى مصدر خطر إذا أُهمل فى اختياره أو تحضيره أو حفظه، في هذا التقرير نوضح كيفية التعامل السليم مع الغذاء فى الصيف وفقا لآراء الخبراء والمختصين. ◄ احذروا «منطقة الخطر» تفسد الطعام ◄ «أكل الشارع» وجبة سريعة تحمل مخاطر صحية تقول الدكتورة رشا مصطفى حسن، استشاري التغذية العلاجية، عن أن فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة يؤثران بشكل كبير على الجسم، حيث تنخفض الشهية للطعام، ويؤدى التعرق الزائد إلى فقدان كمية كبيرة من السوائل، وهو ما يستوجب تعويضه من خلال شرب كميات وفيرة من المياه، وكذلك عندما تزداد حرارة الجسم، تتسع الأوعية الدموية، مما يؤدى إلى انخفاض ضغط الدم، ويضطر القلب إلى العمل بمجهود أكبر لضخ الدم إلى مختلف أنحاء الجسم.. هذا التغيير قد يتسبب في ظهور أعراض مزعجة مثل الطفح الحراري الذي يصاحبه شعور بالحكة، وكذلك انتفاخ الأقدام. وفي الوقت نفسه، فإن التعرق المستمر يؤدى إلى فقدان الجسم لكميات كبيرة من السوائل والأملاح المهمة، مما يخل بتوازنها الضروري في الجسم، ويعرض الإنسان للإصابة بالإجهاد الحراري. وتظهر أعراض هذا الإنهاك في صورة دوار وغثيان، وقد يصل الأمر إلى الإغماء والتشنجات العضلية والصداع، مع الشعور العام بالإرهاق والتعرق الشديد، كما يصبح الجلد بارداً وشاحباً ومتعرقاً، وإذا ما استمر انخفاض ضغط الدم، فقد يؤدي ذلك إلى ارتفاع خطر الإصابة بالنوبات القلبية. ◄ اقرأ أيضًا | هل تشهد البلاد موجة حارة مع بداية فصل الصيف؟.. الأرصاد تكشف التفاصيل ◄ الأطعمة المفيدة ومن هنا، يصبح من الضروري الاعتماد على نظام غذائى مناسب خلال فصل الصيف يساعد الجسم على مقاومة الإجهاد الحرارى وتعويض ما يفقده من سوائل وأملاح، ويُعد الماء هو أفضل المشروبات على الإطلاق فى هذا الفصل، ويمكن تحسين مذاقه بإضافة شرائح الليمون أو بعض أوراق النعناع، كما يمكن تناول العصائر الطبيعية دون إضافة سكر، أو حتى الشاى المبرد كمصدر منعش للسوائل. وتعد سلطات الفاكهة من الخيارات المميزة، إذ إن الفواكه غنية بالفيتامينات ومضادات الأكسدة والألياف الضرورية لعمل الجهاز الهضمى. ويأتي البطيخ فى مقدمة هذه الفواكه، نظراً لاحتوائه على نسبة 90% من مكوناته من الماء، بالإضافة إلى احتوائه على مادة اللايكوبين المضادة للسرطان، كما ينصح بالإكثار من تناول الخضراوات الطبيعية، خصوصاً الورقية منها، نظراً لما تحتوى عليه من مضادات أكسدة قوية تحمى الخلايا من التلف الناتج عن درجات الحرارة المرتفعة. ومن بين الأطعمة المفيدة فى هذا الفصل أيضاً الأسماك، فهى منخفضة الكوليسترول وأسهل في الهضم، خاصة عند طهوها بشكل جيد، كما أنها لا تجهد الجهاز الهضمى، وهو أمر مهم جداً فى درجات الحرارة المرتفعة. ◄ احمِ صحتك وللحفاظ على الصحة العامة فى الصيف، تنصح د. رشا بتناول طعام صحى مقسم إلى وجبات صغيرة متعددة على مدار اليوم، مع زيادة كميات السوائل لتفادي الجفاف ومساعدة الجسم على تنظيم حرارته، ومن الأفضل اتباع نظام غذائى صحى بحيث يحتوى نصف الطبق على الخضراوات والنصف الآخر يتوزع بين البروتينات ومنتجات الألبان والحبوب الكاملة، كما يفضل تقليل تناول المشروبات التى تحتوى على الكافيين مثل القهوة والشاى، لأن الكافيين يعمل كمدر للبول ويزيد من خطر الجفاف والإجهاد الحرارى. ◄ تجنب هذه الأطعمة أما الأطعمة التي يُفضل تجنبها خلال الصيف، فتشمل الأطعمة الدسمة والمشروبات التي تحتوى على الكافيين، والوجبات عالية السكريات، وصلصة الصويا، والتوابل الحارة، والمخللات، والأطعمة المقلية، والمقرمشات المالحة، وكل الأطعمة الحارة، كما يجب الحذر من تناول الأطعمة سريعة التلف فى هذا الفصل، لتجنب خطر الإصابة بالتسمم الغذائي، الذى تزداد فرصه مع ارتفاع الحرارة. ولا نغفل خطورة تناول الطعام المُعد خارج المنزل أو ما يُعرف ب«أكل الشارع»، وذلك لأنه مع ارتفاع حرارة الجو في فصل الصيف، تتحول الأطعمة المكشوفة في الشارع إلى قنابل موقوتة تهدد صحة المواطنين، خاصة مع غياب الرقابة على طرق الطهو والنظافة العامة. ◄ التسمم الغذائي فيما تقول الدكتورة رضوى شاهين، مدرسة مساعدة التغذية وعلوم الأطعمة جامعة عين شمس: مع ارتفاع درجات الحرارة فى فصل الصيف، تزداد معدلات فساد الأغذية بشكل ملحوظ، مما يؤدى إلى ارتفاع حالات التسمم الغذائى والنزلات المعوية، يعود ذلك إلى نشاط الميكروبات والجراثيم التى تزدهر فى الأجواء الدافئة، خاصةً فى ظل سوء حفظ الأطعمة أو تعرضها لأشعة الشمس المباشرة، الأمر الذى يهدد سلامة الغذاء وصحة الإنسان. ووفقا لمنظمة الصحة العالمية فإن البكتيريا المسببة للأمراض، مثل السالمونيلا والإيشيريشيا كولاى، تنمو بسرعة فى درجات الحرارة التى تتراوح ما بين 5 درجات مئوية و60 درجة مئوية، وهى ما يُعرف ب«منطقة الخطر». لذلك، ينصح بحفظ الأطعمة القابلة للتلف فى درجات حرارة أقل من 5 درجات أو طهوها جيدًا لضمان سلامتها.