■ كتبت: منى سراج بين شاشات الهواتف الذكية وأجهزة القارئات الإلكترونية، انزلق جيل الشباب نحو عوالم رقمية لا متناهية ولكن، هل كان «الكتاب الإلكترونى» وسيلة لإنقاذ القراءة، أم أنه بسهوة وبدون قصد ساهم في تفاقم أزمة العزوف عن القراءة، خاصة بين الشباب؟! فى هذا التحقيق، نستعرض الآراء، نحلل الأرقام، ونبحث عن الجانى الحقيقى وراء تراجع الإقبال على الكتب، فهل ساهم الكتاب الإلكتروني في تفاقم أزمة قلة القراءة؟ أم أن ثمة عوامل أخرى تخطت حدود الورق والحبر لتغير طبيعة علاقتنا بالمعرفة إلى الأبد؟!.. خصوصًا بعد قرار وزيرة التعليم فى حكومة السويد، لوتا إدهولم، بإلغاء الشاشات الذكية والتكنولوجية فى المدارس، وإعادة طباعة الكتب والأوراق والأقلام، وفق تقرير نشرته صحيفة «اللوموند». ◄ بهنسي: نعيش في عصر الملهيات الذي يقضي على وقت القراءة ◄ دويدار: يجب التفكير في آليات جديدة لنقل المعرفة للشباب يؤكد الخبراء، أن تحميل الأزمة كاملة على عاتق الكتب الإلكترونية يعد تبسيطًا مخلا للمشكلة، ويقول عادل بهنسى، عضو اتحاد كتاب مصر وباحث فى التراث الشعبى والموروث، إن أزمة القراءة الحقيقية فى عصرنا الحالى تكمن فى «الملهيات أو المشتتات المختلفة» التى زادت بشكل كبير ومذهل، وخلقت جيلا جديدا يفتقر إلى الانتماء الحقيقى للقراءة، يشير بهنسى إلى أن هذا الجيل الجديد قد أصبح أسيرا لعالم الألعاب الإلكترونية التى تتمتع بتحفيز وإبهار متجددين، بالإضافة إلى إدمان مشاهدة فيديوهات الريلز والمواد الترفيهية الأخرى على وسائل التواصل الاجتماعى. أضاف بهنسى، أن هذا الوضع أدى لعدم وجود أى دقيقة فارغة فى التوزيع اليومى لوقت الشباب يُمكن تخصيصها لقراءة كتاب أو حتى صحبة كتاب صديق، ويعبر عن أسفه العميق لأن جيله تربى على قتل وقت الفراغ بالقراءة، بينما اليوم يرى «قتل القراءة بالفراغ»، حيث تملأ الفراغات بالمعلومات المغلوطة التى تنتشر بسرعة عبر الصفحات المفضلة لغالبية الشباب، وتصبح مصدرا موثوقًا يستمدون منه ثقافتهم بدلا من اللجوء إلى كتاب أنيس أو رواية بوليسية، أو أى عمل أدبي ثرى، ويرى بهنسي أن هذه المصيبة تتفاقم بسبب الاعتماد الكبير على هذه المصادر غير الموثوقة، مما يؤدى إلى ضياع قيمة القراءة الحقيقية والثقافة المكتسبة من الكتب، ويعكس تغيرا جوهريا فى طريقة استهلاك المعرفة والثقافة لدى الشباب في العصر الحديث. ◄ اقرأ أيضًا | a href="https://akhbarelyom.com/news/newdetails/4638358/1/%D8%A3%D8%AF%D9%88%D8%A8%D9%8A-%D8%AA%D8%B7%D9%84%D9%82-%D8%AA%D8%B7%D8%A8%D9%8A%D9%82%D9%8B%D8%A7-%D9%84%D9%84%D9%87%D9%88%D8%A7%D8%AA%D9%81-%D9%84%D8%A3%D8%AF%D9%88%D8%A7%D8%AA-%D8%A5%D9%86%D8%B4%D8%A7%D8%A1-" title=""أدوبي" تطلق تطبيقًا للهواتف لأدوات إنشاء الصور بالذكاء الاصطناعي""أدوبي" تطلق تطبيقًا للهواتف لأدوات إنشاء الصور بالذكاء الاصطناعي ◄ المتهم الأول بحسب تقرير Pew Research Center لعام 2023، أظهرت الإحصاءات أن حوالى 30% من الشباب الأمريكيين يفضلون الوسائط الرقمية على الورقية، وبينما كانت هذه النسبة أعلى بين فئة البالغين الذين تقل أعمارهم عن 35 عاما، فإن هذه التوجهات تشير إلى تغير كبير فى سلوكيات القراءة حول العالم، خاصة فى الدول التى تشهد تحولا رقميا سريعا. لكن هل يمكن أن يكون الكتاب الإلكترونى هو السبب المباشر فى انخفاض معدلات القراءة بين الشباب؟ البعض يعتقد أن التعود على الأجهزة الإلكترونية قد أدى إلى تقليص مدة الانتباه، مع إغراءات متعددة تصرف الانتباه بعيدا عن الكتب، على الرغم من أنه يسهل الوصول إلى الكتب الإلكترونية، إلا أن دراسة اليونسكو أكدت أن البلدان التى تشهد انخفاضا فى القراءة الورقية، مثل دول الخليج العربى، تواجه تحديات إضافية تتمثل فى قلة الوعى بأهمية القراءة والافتقار إلى ثقافة التقدير للكتاب بشكل عام. ◄ المسئول الحقيقي؟ باهر دويدار، السيناريست ومؤلف الدراما، يؤكد أن معدلات القراءة بدأت فى التراجع منذ نحو 20 عاما، وليس فى الوقت الحالى فقط، ويعود ذلك إلى ظهور جيل جديد من المؤلفين الشباب الذين استطاعوا مخاطبة شريحة الشباب بشكل فعال وأصبحوا نجوما فى عالمهم الأدبى، ومع ظهور الإنترنت، ولد جيل يعتمد بشكل كبير على الشاشات الإلكترونية فى جميع جوانب حياته، وليس فقط فى القراءة، مما أدى إلى ظهور ظاهرة «اللا ترقيم»، حيث لم يعد من الممكن قياس معدلات القراءة بنفس الطريقة التقليدية المتمثلة فى عدد النسخ المبيعة، والتى كانت تعد مؤشرا قويا للقياس، فعلى سبيل المثال كانت مبيعات عدد 10000 كتاب ورقى قياسا حقيقيا لوجود 10000 قارئ حقيقى. وأشار دويدار، إلى أن هذه الظاهرة خلقت تحديات كبيرة فى العلاقة بين الشباب والكتاب، سواء كان ورقيا أو إلكترونيا، ويقترح دويدار ضرورة التفكير فى آليات جديدة لنقل المعرفة للشباب، مثل الكتب المسموعة، ملخصات الكتب، وتقديم المحتوى فى شكل حلقات مقطعة بمواضيع مختلفة، ومع ذلك، يعبر دويدار عن عدم تفائله بشأن عودة حب القراءة بشكلها التقليدي، معتبرا أن هذه الظاهرة تتجاوز الشباب لتصبح نمط حياة استهلاكياًيتبناه معظم الناس، وتحبه معظم الأنظمة العالمية، لأنه يحقق مبيعات ضخمة على حساب القراءة العميقة، وبدلا من التركيز على الكتاب نفسه، يرى دويدار أن الهدف يجب أن يكون نقل المعرفة وتجنب خلق جيل سطحى، مما قد يتطلب ابتعادا عن الطرق التقليدية للقراءة والبحث عن أساليب حديثة وبديلة.