أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي في السنوات الأخيرة لاعبًا أساسيًا في تشكيل الرأي العام والتأثير في القضايا المجتمعية، فمنصات مثل «فيسبوك» أو «إكس» لا تقتصر على نقل الحدث بل تصنعه أحيانًا، ومع كل نجاح تحققه هذه المنصات في تسليط الضوء على قضايا مسكوت عنها تظهر في المقابل أوجه خطورة لا يمكن تجاهلها، أبرزها التلاعب بالعواطف، ونشر الأكاذيب، وتأجيج الفتن. ◄ د.صفوت العالم: البعض يستغلها لبث محتوى يعكس نزوات دفينة ◄ د.هالة منصور: سلاح للحصول على الحق ونشر الفتن في نفس الوقت «لعن الله الفتنة ومن أيقظها» هكذا بدأ الدكتور صفوت العالم الأستاذ بكلية الإعلام جامعة القاهرة، حديثه، مؤكدًا أن الإعلام له دور كبير في تنمية الوعي المجتمعي والتصدي لهؤلاء المغرضين والمحرضين على الفتن وخاصة الفتنة الدينية مؤكداً أن المجتمع المصري لم يدخل يوما في حزام المجتمعات الطائفية بشكلها المعروف، ، ومع تطور الأزمان دخلت الكنولوجيا وصفحات السوشيال ميديا لتكون أداة جديدة أكثر تأثيرًا في زرع الفتن الطائفية التى يمكن تعريفها بأنها أزمة أو معركة أو صدام لا يستطيع المحللون أو المراقبون لأحداثها التحديد بوضوح الحق مع أى طرف من أطراف النزاع، كما أن الفتنة قد تكون مدبرة بفعل فاعل. ◄ دور الإعلام ويشير العالم إلى أنه يمكن أن نواجه هذه المكائد من خلال تكاتف وسائل الإعلام مع جميع المؤسسات فى الدولة، فلا يستطيع أحد أن ينكر انتشار وسائل التواصل الاجتماعى وتعدد أدواتها من هاتف ذكى ولوحة «آيباد» ذكية وأجهزة حاسوب متطورة، وبالتفاعل مع شبكات يوتيوب وفيسبوك وإكس وواتساب، وهى مراكز بث متحررة من القيود رغم آليات الرصد الرسمية وغير الرسمية فإن واقعًا إعلاميًا جديدًا قد برز في المجتمعات على مستوى العالم كله، فلم يعد الإعلام حكرًا على المؤسسات الكبيرة من حكومات وجهات تتحمل مسئولية ما تبثه، بل إن الأفراد أصبحوا مراكز استقبال وإرسال وبعض المراكز الفردية الذكية استغلت هذا الفضاء الإعلامى المتحرر لبث محتواها الخاص وعلى هوى نزواتها الدفينة. ◄ اقرأ أيضًا | فرنسا تستغيث .. السوشيال وراء أعمال الشغب وتدمير الأقتصاد ◄ سلاح للحق والفتنة وتتفق معه فى الرأى الدكتورة هالة منصور، أستاذة علم الاجتماع: السوشيال ميديا استطاعت أن تكون وسيلة ضغط لجلب الحق فى الكثير من القضايا، وفى الوقت ذاته قد تُستخدم كسلاح لبث الفتنة، ما جعل المجتمع يخشى عواقبها، خاصة أن شعب مصر له سمات خاصة، فهو نسيج واحد لا يقبل الانقسام ولا يعرف الفتن الطائفية، وفى هذه الأوقات ظهرت خطورة المراكز الفردية الذكية، والصفحات والمراكز الخاصة التى نقع فريسة سهلة لها، وتستطيع هذه الصفحات أن تتلاعب بالعقول متى شاءت، كأن الأمر مسلمات نؤمن بها ونتفاعل معها، بل ونكون أداة تنفيذية من ضمن أدواتها، فقد أصبحت الصفحات المروجة للفتن الطائفية أسهل ما يكون، فبمجرد انتشار منشور يحمل مغزى محددًا وبثه لجماهير تم دراستهم مسبقاً عن طريق مجموعة المعلومات التى تمت إتاحتها من قبل المواطنين، كالنوع والسن والتعليم ومكان الإقامة والعمل والأقارب والأصدقاء والآراء السياسية والثقافية والاجتماعية وغيرها، أصبح هناك قاعدة معلومات عن كل فئة عمرية أو وظيفة، وهنا يمكنهم مخاطبتنا بما يشغل اهتماماتنا، وهو ما يحث الآن على منصات السوشيال ميديا، حيث يضعون السم فى العسل. من جانبه، يؤكد د. حسن السيد أستاذ القانون أن هناك طرقاً قانونية لاسترداد حقك فى الشكوى والتعبير عن الضرر الذى لحق بك من أى شخص تعرض إليك عبر السوشيال ميديا، وقد تفنن الكثير من المخربين فى إثارة الفتن وزعزعة أمن الوطن مستغلين قضايا معينة، لذلك لا بُد من تفعيل عقوبة المجرمين المهددين للسلم العام فى المجتمع حتى يكون ذلك رادعا لهم وذلك من خلال تقديم شكوى لمباحث الإنترنت، ويتم الإبلاغ عن الإساءة للإدارة العامة للمعلومات والتوثيق بوزارة الداخلية على الرقم 0227921490، ومن خلال المكالمة يمكنك شرح تفاصيل المشكلة وما حدث، وتحرير محضر بالإهانة، بالإضافة للإبلاغ عما إذا كانت الإساءة فى مجموعة معينة فضلا عن حساب الشخص المسىء أيًا كانت طريقة الإساءة، ويتم بعدها تحديد الأشخاص الذين قاموا بالإساءة من خلال العنوان الإلكتروني، وهذا الأمر يستغرق يومين ويتم بعدها تحويل الأمر للقضاء، وتنظر قضايا السوشيال ميديا أمام المحاكم الاقتصادية وفق قانون الإجراءات الجنائية بجنحة سب وقذف. ويوضح حسن السيد، أن المادة 98 من قانون العقوبات نصت على أن يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر ولا تتجاوز ال5 سنوات أو بغرامة لا تقل عن 500 جنيه ولا تتجاوز 1000 جنيه كل من استغل الدين فى الترويج بالقول أو الكتابة أو بأية وسيلة أخرى لأفكار منطوقة بقصد الفتنة أو تحقير أو ازدراء الأديان السماوية أو الطوائف المنتمية إليها أوالإضرار بالوحدة الوطنية أو السلام الاجتماعي، كما تنص المادة 176 على أنه يعاقب بالحبس كل من حرض على التمييز ضد طائفة من طوائف الناس بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة إذا كان من شأن هذا التحريض تكدير السلم العام.