الشيخ هاشم إسلام: زواج «الدم» و«الكاسيت» و«الوشم» باطل شرعا د.أحمد عبد الله: انخفاض التكاليف المادية والتحرر من الواجبات سر إقبال الشباب عليه د.حسن الخولى: وسائل التواصل الاجتماعي ساعدت في انتشار العلاقات المحرمة علاقات يرفضها المجتمع تبدأ طريقها بنزوة، تليها الوقوع في براثن المعصية، وكثيرًا ما تخلف وراءها أطفالا رضعا في «صناديق القمامة»، لا ذنب لهم في نزوة قادت آباءهم وأمهاتهم للتجرد من كل المشاعر الإنسانية، وأفضت إلى إلحاق العار بهم مدى الحياة. إنها كارثة الزواج السرى، الذى بات يحلق تحت جناحيه أنواع عديدة لم يكن المصريون يسمعون عنها من قبل، لتصدمهم مسميات "زواج الدم" و"زواج الكاسيت" و"زواج الشفايف" و"زواج الوشم"، بالإضافة بالطبع إلى "الزواج العرفي". أنواع ومسميات مختلفة وعديدة بدأت تفرض نفسها على المجتمع المصري، وخاصة في أوساط طلاب الجامعات، ليقنعوا أنفسهم بأن ما يفعلوه حلالا، بعد أن ضاقت بهم سبل الزواج الشرعي، وأطاحت معها بحلم كل أب وأم بأن ترى ابنتها في ثوب الزفاف. فتاة في العشرين من عمرها، رفضت ذكر اسمها، قصت ل" محيط، مأساة صديقتها بسبب زواجها العرفي السرى، فصديقتها (ن . م ) ذات ال 15 ربيعا تركت بيتها بعد انفصال الأب والأم، وزواج كل منهما، وحينما أرادت الفتاة أن تذهب إلى والدتها لتعيش معها بعد أن تزوجت، رفض زوج الأم الفكرة وخيرها بينها وبين ابنتها، فاختارت أن تترك ابنتها في الشارع، ليعرض عليها شاب جامعي أن يتزوجها عرفيًا في السر، وبالفعل قبلت أن تتزوج بدلاً من أن تظل في الشارع لعدم وجود بديل أخر، إلا أن هذا الشاب ظل يتعامل معها بقسوة لا تتقبلها أية فتاة. وبعد أن بلغت الفتاة سن الرشد واستخرجت البطاقة الشخصية، طالبته بأن يعلن زواجهما، إلا أنه رفض وقال لها: "إنت اتجننتى أنتى بنت من الشارع ومفيش بنت محترمة توافق إنها تتزوج عرفي"، لكنها اضطرت أن تبقى على الوضع الحالي بسبب الظروف التي تمر بها. ظاهرة حقيقية الدكتور أحمد عبد الله، مدرس الطب النفسي بجامعة الزقازيق، قال إن الزواج السرى داخل وخارج الجامعات ظاهرة حقيقية موجودة، ولكنها غير معلومة للبعض، خاصة أن هناك نواحي كثيرة تظهر مشروع الزواج الشرعي باعتباره مشروعًا فاشلاً، ولا يحقق لأطرافه الوعود التي جاء من أجلها مثله مثل التعليم. وأوضح أن الزواج الشرعي تحول إلى عملية بيع وشراء، فضلاً عن ارتفاع معدلات الطلاق فى المجتمع، ومن ثم بدأ اشخاص كثيرون يهربون منه لزواج أقل كلفة من الناحية المادية وفي الواجبات. وأرجع إقبال الشباب على العلاقات السرية إلى عدم وجود موضوع أو مشروع فى حياة الشاب أو الفتاة، وهو ما عزز دوافع الإقبال على هذه العلاقات السرية في نفوس الشباب، لأن الاصل فى المسألة هو أن الزواج الحلال أصبح مستحيلاً فى كل جوانبه فى ظل الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد، ومن ثم أصبح الزواج السرى أرضا خصبة. ونوه عبدالله إلى أن هناك احتياجات معينة لدى البشر في الحياة المعيشية، والانظمة الموجودة لا تلبى احتياجاتهم، وبالتالي لابد من وجود أنظمة مجتمعية تلبى هذه الاحتياجات، لافتًا إلى أن الجانب الاجتماعي لدى الدولة والاسرة "مفكك"، وهناك قصور شديد لابد من معالجته. فتش عن الإنترنت وفى السياق ذاته أوضح الدكتور حسن الخولى، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، أن هناك أزمة في امكانية الزواج الشرعي لدى الشباب والتي تتمثل في البطالة وأزمة الاسكان. وأوضح أن الدنيا مغلقة أمام الشباب لتحقيق أحلامهم، فكيف للشباب أن يفتح منزلاً ويقود أسرة بدون مسكن أو عمل، لافتًا إلى أن أغلبية الأسر يتضررون من زواج أبنائهم في منازلهم بسبب أزمة الاسكان. وأضاف أن مشكلة الزواج السرى في الأصل قضية اقتصادية اجتماعية متعددة الجوانب، والدولة تسعى إلى حلها عن طريق الاستثمارات التي تتيح فرص عمل للشباب، مشيرًا إلى أن نتاج الزواج السرى كارثة اجتماعية بالغة الخطورة، تتمثل في إنجاب أطفال شوارع لا حصر لهم، ويترتب عليها اشياء لا يمكن تفادى خطورتها، خاصة أن الزواج السرى ليس به أي التزامات بين الفتاة والشاب. وشدد أستاذ علم الاجتماع على ضرورة متابعة الاسرة لأولادها، سواء كانوا فتيات أو شباب، وخاصة في سن المراهقة، مشيرًا إلى أنه لابد أن يكون هناك حوار ووضوح في شبكة العلاقات الاجتماعية، وخاصة بعد أن اصبحت الاسرة الأن منعزلة عن الأبناء، في الوقت الذي انتشرت فيه وسائل التواصل الاجتماعي التى ساعدت على انتشار الزواج والعلاقات السرية بين الشباب في ظل غياب الرقابة الاسرية. باطل شرعًا الشيخ هاشم إسلام، عضو لجنة الفتوى بالأزهر سابقًا، أكد أن الزواج السرى باطل شرعًا، لأن الأصل في الإسلام أن يكون الزواج علنًا وليس سرًا، متسائلاً كيف يكون زواجًا وهو في السر؟. وأوضح أن الزواج لابد أن تتوافر فيه أركان وشروط، من بينها أن يكون هناك إشهار للزواج (أي يكون في العلن )، ولا شك أن التوثيق لدى مأذون هو بمثابة إعلان. وشدد على أنه لا يعترف بالزواج العرفي من الناحية الشرعية في وجود الزواج الموثق (أي المنعقد علي يد مأذون شرعي ومقيد في دفاتر الأحوال المدنية )، إلا في حدود ضيقة جدًا لأنه يضيع الحقوق. وحول حكم الزواج العرفي قال الشيخ هاشم إن بعض علماء الأزهر المحدثين في مجمع البحوث قالوا إنه لابد من التفريق بين الزواج العرفي مكتمل الأركان والشروط، والعرفي غير مكتمل الشروط، فالأول الذي يتم في العلن ويكون بولي وشاهدي عقد اجازه بعض علماء الأزهر واعتبروه صحيحا حتى لو لم يوثق، بينما النوع الثاني الذي لا تتوافر فيه هذه الشروط فهو باطل. وتابع: لكن أذا اخذت المرأة برأي بعض علماء الأزهر في الزواج العرفي الموثق( الولي وشاهدي عقد )، من الممكن ذلك ، ولكن بشرط أن العقد يكون مكتوب ومحدد الشروط، وفى نفس الوقت يوثق في المحكمة في اقرب فرصة. واعتبر أن اشتراط بلوغ الفتاة 18 سنة ليتم الزواج خطأ قانوني وشرعي، لأن الزواج ليس له سن محددة، فمتى اكتملت الفتاة وبلغت وأرادت الزواج فمن حقها أن تتزوج. وشدد الشيخ إسلام على أنه يجب شرعًا على الدولة أن تستمر في صرف معاش الأرملة حتى وإن تزوجت حتى لا تفتن ويدعوها ذلك إلي الزواج بطريقة الزواج العرفي، لأن اغلبية الزواج العرفي دائمًا ما يكون سببه حرص المرأة على استمرار حصولها على معاشها بعد الزواج، خاصة لو كان عندها أولاد، وهناك آلاف الحالات بمثل هذا الوضع في مصر. وعن أحكام أنواع الزواج السرى المنتشرة داخل وخارج الجامعات أكد أن "زواج الأنس والطرب" المقيد بوقت محرم شرعًا ولا يجوز، ولا يمكن أن يكون مستوفيا للشروط، أما الزواج المقيد بعدم الإنجاب فهو يتراوح بين الحرمة والكراهية ولكنه ليس باطلاً. وتابع: الزواج بنية الطلاق حرام، وقد يكون باطلا عند البعض، كما أن "زواج الأصدقاء" زواج غير مكتمل الأركان والشروط وباطل، و"زواج الإنترنت" إذا كان في السر فهو باطل، أما إذا كان زواجا مكتمل الأركان والشروط فهو في حكم الزواج الحلال، و"زواج الدم" و"زواج الكاسيت" و"زواج الوشم" وغيرها من المسميات هي أنواع باطله، مشيرًا إلى أنها بمثابة تقنين للزنا في ثوب جديد.