هل يصبح حزب العمل الشيوعي من الأحزاب الأكثر حظاً إذا ما قرر حمة الهمامي الترشح للرئاسة.. أم أن تعرض هذا الحزب طوال السنوات الماضية للاضطهاد والقمع سيكون عائقاً أمامه؟ هذا السؤال يصعب الإجابة عليه في ظل حالة عدم الاستقرار الذي يشهده الشارع السياسي التونسي على الرغم من مرور ما يقرب من عشرة أشهر على تونس الثورة. الهمامي كان واحداً من أكثر المعارضين الذين نكل بهم الرئيس المخلوع، وكان دائماً ما يؤكد على أن حزبه يناضل من أجل الحرية ومن أجل إسقاط الديكتاتورية وليس من أجل تخريب البلاد؛ بل من أجل أن تستقر تونس على نظام اقتصادي عادل ونظام سياسي ديمقراطي.
مسيرة سياسية حمة الهمامي ولد عام 1952 بقرية العروسة من مدينة سليانة بالشمال الغربي بتونس، حصل على الأستاذية في الآداب العربية وعلى شهادة الدراسات المعمقة في علم الاجتماع بلدان الشرق الأوسط.
بدأ حياته السياسية عام 1970 في الحركة الطلابية وتم اعتقاله لأول مرة في عهد بورقيبة عام 1972 على خلفية نشاطه في الاتحاد العام لطلبة تونس، التحق عام 1973 بمنظمة العامل التونسي الماركسية اللينينية.
وكانت المرحلة الانتقالية في حياته عام 1986 عندما ساهم في تأسيس حزب العمال الشيوعي التونسي وعيّن ناطقاً رسمياً باسمه.
وكان دائماً متخذاً جانب المعارضة، فقد عارض انقلاب 7 نوفمبر 1987 وأصدر حزبه بياناً لتوضيح ذلك، كما رفض التوقيع على الميثاق الوطني الذي قدمه المخلوع بن علي وأمضته بقية فصائل المعارضة التونسية عام 1988.
تعرّض الهمامي للتعذيب في عهد بورقيبة الذي قرّر عام 1980 معالجته على نفقة الدولة، كما تعرّض للتعذيب في عهد النظام النوفمبري وقد قدم شكوى دولية لمقاضاة ذلك النظام وفقاً لنص الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب.
ساهم الهمامي عام 2005 في تأسيس هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات التي ضمت يساريين وإسلاميين وليبراليين وقوميين ومستقلين وحقوقيين.
أصدر الهمامي العديد من المؤلفات من بينها: ضد الضلامية، مطارحات حول قضية المرأة، المجتمع التونسي، المرأة التونسية حاضرها ومستقبلها، الاشتراكية أوالبربرية، الاشتراكية والمرأة.. ولكن منعت السلطات بيع هذه الكتب في عام 1996 من المكتبات وأحرقتها بإذن رسمي من وزير الداخلية وزكت المحكمة الإدارية هذا القرار.
كان الهمامي ومن قبل الثورة بفترة وهو يطالب برحيل بن علي والقضاء على النظام الاستبدادي، فتحديداً في خلال الانتخابات الرئاسية والتشريعية 2009 أدلى بذلك على قناتي الجزيرة وفرنس24، ولكن عقب هذه التصريحات تم الاعتداء عليه بالعنف الشديد في مطار تونسقرطاج هو وزوجته الحقوقية راضية النصراوي من قبل البوليس السياسي.. ولكنه واصل نشاطه السياسي مع بقية رفاقه.
وخلال الثور ة أيضاً تم اعتقاله في فجر يوم الثاني عشر من يناير بعد أن دعا صراحة إلى الإطاحة ببن علي عبر تسجيل بث على شبكة الإنترنت وقناة الجزيرة ولم يطلق سراحه إلا بعد فرار المخلوع بن علي، أي بعد يومين من اعتقاله.
انتخب أميناً عاماً لحزب العمال الشيوعي التونسي خلال المؤتمر الوطني العلني الأول أيام 22-23-24- و25 من شهر يوليو عام 2011.
تهديدات واتهامات تعرّض الهمامي عقب الثورة لتهديدات بالقتل هو وابنته – على حد قوله – بواسطة موقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك من قبل أسماء مستعارة، وقال في ذلك الوقت إنها من الممكن أن تكون من قبل البوليس السياسي أو بقايا الحزب الحاكم أو عناصر معادية لحزب العمال ومرتبطة بأوساط رجال أعمال، لأنه في الفترة الماضية شنّت عناصر من القبة هجوماً على حزبه وضده هو شخصياً.
وقد واجه أيضاً حزبه عدداً من الاتهامات والحملات التي تأخذ صبغة تكفيرية من خلال اتهام الحزب بالكفر، ومرات تأخذ صبغة أخرى باتهامه بالتحالف مع حزب النهضة لإخافة عناصر من الشباب ونوع من الناس، كما أن هناك أطرافاً تتهم الحزب بالوقوف وراء أعمال العنف.
ورد الهمامي على تلك الاتهامات بأن البوليس السياسي وبقايا الحزب الحاكم السابق هي التي ترتكب أعمال العنف والتخريب ثم يلصقون تهمهم بالحزب أو بالاتحاد العام التونسي.
العمال والنهضة كان هناك عدد من التطورات في موقف حزب العمال الشيوعي حيال حزب النهضة، ففي المرحلة الأولى كان هناك تصادم فكري وسياسي وحتى ميداني خاصة في الثمانينات ولم يكن هناك ما يجمعهم.
ثم جاءت المرحلة الثانية وتحديداً في عام 1991 تعرضت جميع الأطياف السياسية للقمع ووقفوا ضد ذلك القمع الذي طال الإسلاميين واعتبروا أن حركة النهضة كانت حركة سياسية منافسة ضدّ السلطة وضد المحاكمات المفتعلة ودافعوا عن العفو التشريعي العام لهم وللنهضة.
أما في عام 2005 كان الحزب في مرحلة انغلاق وقاموا باتصالات بعدة أطراف واستجابت وقتها عدة حركات سياسية ومن بينها حركة النهضة والتقدمي الديمقراطي والمجلس الوطني من أجل الجمهورية والتكتل وجمعيات وشخصيات مستقلة منها العياشي الهمامي وخميس الشماري وراضية النصراوي، وتم الاتفاق على حد أدنى من المبادئ كحرية التعبير وحرية التنظيم وإجراء حوار حول قضايا خلافية متعلقة بحقوق المرأة وحرية العقيدة وعلاقة الدين بالدولة، وتم التوصل إلى اتفاقات موثقة.
وتشهد المرحلة الحالية اختلافاً مع حركة النهضة بالرغم من أن الهمامي يشير إلى أن أهم ما يميز حزب العمال هو أنه ضد النزاعات ولا يريد أن يستغل حزب النهضة أو أية حركة سياسية أخرى من أجل إخافة الشعب التونسي ومن أجل إقصاء أية حركة.