قال عمرو موسى، الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية، إن الجامعة العربية مؤسسة لها ميثاق ولوائح، وتقيم اجتماعات دورية في مواعيد محددة، وبالتالي تعمل كمنظمة إقليمية، ولا تجمع إلا العرب وعملهم المشترك، بصرف النظر عن العمل الأقليمي. وأكد موسى في حواره ببرنامج "الساعة السابعة"، الذي تقدمه الإعلامية دينا سالم، عبر فضائية "سي بي سي إكسترا"، أن الجامعة العربية جمعت رأي العرب في القضية الفلسطينية، وكان لها دور هام في بلورة أساس العلاقات العربية العربية، وليس فقط بالنسبة للقضية الفلسطنية، مشيرا إلى أن السنوات العشر الأخيرة كان للجامعة مواقف تمس نزع السلام العالمي، وحقوق الإنسان، والعلاقات مع أفريقيا وأسيا، وأيضا الدفاع عن قضايا عربية معينة، ودعم الدول التي لديها قضايا. وشدد على أن حديث الجامعة العربية مثل الأممالمتحدة، ولكن لديها فعالية في القرارات غير الملزمة، وهو أمر متكرر في الحياة السياسية، ولذا فبها قرارات ومنابر ولكن درجة الفعالية أقل من الزخم الذي يطرح المواقف السياسية والإعلامية، كما هو الحال بالنسبة لكافة المنظمات العالمية. وأضاف موسى :"درجة التنفيذ بدأت ترتفع وتيرتها، فالعشر سنوات الأخيرة كان هناك مشكلة العراق، وكان للجامعة العربية موقف كبير، وأحضرت جميع زعماء العراق لمناقشة الوضع هناك، بهدف التأكيد على أن العراق جزء من العالم العربي، وبعد الغزو الأمريكي وتعيين مجلس رئاسي عراقي كان العراق مهتم بعلاقته بالأممالمتحدة والجامعة العربية، بهدف اعتراف الدول العربية بأن النظام الجديد هو الممثل للعراق، وسألت الجماعة العربية كل المكونات العراقية والطوائف، وتحدثنا مع الدول العربية كلها حتى نصدر موقفا إجماعيا تجاه النظام الجديد بالعراق". واستطرد :"يوجد التباس في أذهان الكثيرين في دور الجامعة العربية، ولا يوجد اهتمام بملفات معينة على حساب آخرى، بل نتعامل حسب الأهمية، ورجل الشارع يحس أن هناك شيئا ما خاطئ بالمنطقة، بداية من داعش، والوضع الإنساني المتدهور في سوريا وليبيا، ومن المشرق والمغرب يوجد أزمات، فمن أيام حدث حادث في متحف تونس، وأيضا في مصر والإرهاب، وكذلك عدم وجود رئيس في لبنان، ناهيك عن الوضع في العراق، ثم سماع تصريحات إيران التي تقول إنها تسيطر على 4 عواصم عربية، والوضع غير طبيعي، ولم نسمع أبدا عن هذه الأحداث المتلاحقة من قبل". وتابع :"العالم العربي يرى الأمر خطيرا للغاية، وكان ينتظر من قادته ماذا سيفعلون لمواجهة هذه الكارثة، ثم قبل القمة العربية الأخيرة نشأ تحالف كرد فعل للأزمة اليمنية، إذن القمة انعقدت في وسط حالة حرب، وكانت محل اهتمام، وهو ما أشير إليه بأن الجامعة العربية وجودها مهم، لانها منظمة يستطيع فيها العرب إتخاذ القرارات، ولهذا وجودها ضروري، ونحتاج إلى نظام أقليمي جديد". وحول شكل النظام الأقليمي الذي يقصده، أجاب :"يوجد أكثر من شكل ولكن المهم هو أن يجتمع العرب سويا على مختلف المستويات لدراسة الموقف، فهل صيغة الجامعة العربية تكفي أم نحتاج إلى صيغة مختلفة وأقوى، وهذا يقتضي من الأخوة العرب أن يروا مستقبل العمل العربي المشترك والنظام الأقليمي خلال السنوات المقبلة، لأن هناك دول كبرى تبحث هذا، ويجب أن ندرسه أيضا، وإلى أن يتم ذلك يجب أن تبقى الجامعة العربية قائمة". وردا على المحفز الرئيسي الذي جعل التحرك سريعا في الملف اليمني، رأى أن الأمور تصل إلى درجة من السخونة تدريجيا، وظهرت مواقف لدول أقليمية تتحدى الشعور العربي، وتصريحات إيران بها إهانة للعرب واستهانة بهم، وخاصة في تصريحها الخاص بان بغداد ستكون عاصمة إيران، وهي كانت أحد العوامل، وهناك عوامل أخرى مثل أمن الخليج، وأمن الملاحة في البحر الأحمر، بالإضافة أن إيران زودت الإهانة بصرف النظر عن المصالح العربية، وفي تغليب مصالح أخرى علينا، وهناك مرحلة يجري فيها صياغة شرق أوسط جديد، ونحن تأخرنا في هذا، وأرى أن ما يحدث في اليمن مقدمة لما سيحدث مع باقي الدول". واستكمل عمرو موسى :"نحن في موقف دفاعي، ولكن لم نكن ندافع بل نشاهد، والآن لا نشاهد، بل بدأ رد الفعل في اليمن، وهذا الموقف مقدمة لمواقف شبيهة لمواقف عربية آخرى، والأمر ليس مد قومي، بل العلاقات الإقليمية في دورها الجديد، ولا يوجد ما يمنع وجود مد قومي، وآن الآوان أن نقول لا أسفين، والوضع في سورياوالعراق غير مقبول، والوضع في اليمن وليبيا ولبنان كذلك، ولذلك كان لابد وأن نصل إلى هذه المرحلة إلى الغضب المترجم في ما حدث باليمن". وأردف :"لابد وأن يكون لنا قاعدة إقليمة بلون أقليمي، وأن نرى مثلا علاقاتنا مع تركيا كيف وما هي شروطها، وبالنسبة لإسرائيل فقضيتنا معها هي فلسطينالمحتلة، وهذه مواقف يجب أن تدرس، سواء إيران أو تركيا أو إسرائيل، ولا ننسى اننا نتحدث وإيران على وشك الدخول مع الدول الكبرى بشأن الملف النووي، مما يعني وجود دولة واحدة فقط ليدها نووي وهي إسرائيل، ويجب أن نعلم موقفنا من هذا، لان موقفنا هو منطقة خالية من الأسلحة النووي، وأعتقد أنه لابد وأن نأخذ في الإعتبار مصالحنا مع دول الجوارن بمعنى أنها جزء من الساحة الشرق أوسطية العربية، وأنا طالبت قبل فترة بان يكون لنا سياسة جوار عربي، ولكن يجب أن نرى موقف الدول العربية". وأوضح أن :"كلمة الشرق الأوسط الجديد أصبح لها مردود سلبي، وأصبحت مرتبطة بالفوضى الخلاقة، ولكن الشرق الأوسط الآن مختلف بالضرورة فهل ستبقى الجامعة العربية في عملها كمبادئ ميثاق، أم أن الأمر يحتاج إلى إعادة نظر بالكامل .. هذا هو السؤال الذي يجب أن نطرحه على أنفسنا". وشدد :"إيران جزء من المنطقة، ومن الثقافة العامة لها، إنما لها أمال وطموحات في الدور الأقليمي، وكل شئ له حدود، وإن كان الدور الأقليمي يترجم في ما قاله قاسم سليماني بأنها مسيطرة على عواصم عربية، فهذه ليس دور أقليمي، بل تحدي، ولا يمكن قبول هذا، لأن الدور الأقليمي يجب أن يكون إيجابيا، وأن يقوم على تفاعل ثقافي وتفاهم كيف نعيش سويا، ولكن أن نرى تنظيمات ليس دور أقليمي بل تخريب إقليمي، لذا فيجب إعادة النظر في الدور الأقليمي من زوايا مختلفة، ويجب أن يكون لنا دورا في صياغة الدور الأقليمي الجديد بطريقة إيجابية". ولفت إلى أن :"لا يوجد طرف في المعادلة السورية يتمتع بمركز قوى، وبصرف النظر عن حل المشكلة، ولكن الأطراف الغربية تتحدث من منطلق مصالحها فقط، وأعتقد ان الحل يجب أن يكون بإسهام عربي كبير، وجينيف 1 أساس لحل الأزمة، ولكن بلاجتماع حوله وحدوث تفاوض لحل الأزمة". وردا على سؤال "ما المهمة الأصعب لك أثناء توليك الأمين العام لجامعة الدول العربية"، أجاب :"لدي تجربة ثلاثية، ولكل تجربة مزاياها، والأولى كانت بعد الغزو العراقي للكويت، وايضا القضية الفلسطينية، وكنت وزير خارجية مصر حينها وكان لدي موقف في هذا، وله صداه الشعبي والدولي، في أني غير مطمئن لتصرف الدول الغربية في إدارة عملية السلام مع بين الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي، وكنا نشطين أفريقيا وأضفنا البعد المتوسطي في مصر". وأشار إلى أن :"عندما تبدأ القوى العربية ويتم الاتفاق بين الدول بالتعاون سويا بعدها ستدخل دول أخرى وتصبح شيئا أقوى من هذا بكثير، ومن الضروري أن نعيد النظر في اختياراتنا بمديري المنظمات، وأن يكون هناك إطار للعمل، وهناك إعادة تعريف من الجانب الأمريكي مع مصر، فيما يتعلق بالمعونة وشراء السلاح، وأرى أن العلاقات يجب أن يكون إيجابية لأنها دولة عظمى وليس من الحكمة أن تكون العلاقات على الدوام متوترة أو بها شكوك، ويجب العناية بها وأن تكون صريحة وواضحة".