يشكو كثير من المواطنين، وحتي السائحين، في زيمبابوي من التعرض ل"ابتزاز" و"مضايقات" رجال شرطة في الحواجز ونقاط التفتيش التي زاد انتشارها مؤخرا علي الطرق العامة، وفي مواجهة مثل هذه الانهامات، تصر السلطات على أن الغرض منها هو حفظ الأمن. "نسجل قضايا تعدي على خصوصية الأفراد، وحرية التنقل بسبب العديد من الحواجز التي يتم إقامتها من قبل رجال الشرطة على الطرق في البلاد".. هكذا استهلت حديثها لوكالة الأناضول، فلورنس تشاغاداما، وهي محامية في "مؤسسة الموارد القانونية" الخيرية التعليمية. وقالت، إنه في الوقت الذي تنتشر مشكلة حواجز الطرقات في العديد من الدول، ينبغي أن يتم الأمر بطريقة منهجية، ومنسقة للغاية، ويجب أن تكون خالية من الفساد. وأشارت إلى أن "المواطنين الجاهلين (بالقانون)، يتعرضون للترهيب من قبل ضباط الشرطة، وذلك لكي يتنازلوا عن أموالهم على حواجز الطرق". وأضافت "تشاغاداما": "نلاحظ أن المواطنين يجري استفزازهم لكي يشعروا بالخوف ويرضخون للتفتيش، حيث أن البعض منهم ليسوا على بينة بحقوقهم (القانونية)". ونوهت إلى أن الحال في البلاد، وصل إلى درجة أن اضطرار سائقي السيارات أن يسلكوا مسارات وعرة عبر الغابات، لتجنب التعرض للمضايقات من قبل رجال الشرطة على الطرق السريعة. ولفتت المحامية "تشاغاداما"، إلى أنه في الوقت الراهن، ينظر إلى سلوكيات قوة الشرطة باعتبارها "مشروع تحصيل إيرادات على حساب المواطنين". وتابعت معربة عن أسفها: "لقد أبلغنا بأن رجال ضباط شرطة المرور، تحدد لهم حصيلة مطلوبة لزيادة الإيرادات يوميا من الجمهور، وهذا يتم على حساب أفراد الشعب الذين يجري حاليا سلبهم من نقودهم التي يكدون لكسبها". وعلى مدى السنوات الماضية، عززت السلطات في زيمبابوي التواجد الأمني على شبكات الطرق العامة من خلال إقامة حواجز على الطرق السريعة الرئيسية في البلاد، وكذلك الطرق الحضرية المحلية. وأعرب العديد من المواطنين عن قلقهم إزاء تزايد الفساد في صفوف قوات الشرطة بعد "ابتزاز أموالهم" من قبل ضباط فاسدين، كانوا يحرسون حواجز الطرق، غير أن مصدر قلقهم الرئيسي، هو الغرامات الفورية، حيث لا يتم إعطاء قائدي السيارات فرصة لدفع الغرامات في غضون أسبوع، بما يخالف القانون. وكثير من الناس يشتكون من "إجبارهم على دفع رشى"، لتفادي احتجاز سياراتهم أو سحب رخص قياداتهم من قبل ضباط الشرطة. من جانبه، أوضح كودا هوف، وهو محام في "فيريتاس"، وهي منظمة غير حكومية توفر معلومات عن عمل المحاكم والبرلمان والقوانين، أنه "من غير القانوني احتجاز أو مصادرة ضباط الشرطة المركبات من سائقي السيارات الذين فشلوا في دفع غرامات فورية على الحواجز"، معتبرا أن "هذا بمثابة ابتزاز". وقال "هوف" في حديث لوكالة الأناضول: "ينبغي إعطاء سائقي السيارات فترة سماح مدتها 7 أيام، وإصدار تذاكر مخالفة مرورية لكي يدفع غراماتهم". ومؤخرا وصف القاضي، فرانسيس بيري، مؤخرا ممارسة الغرامات الفورية ومصادرة المركبات بأنها غير قانونية مستشهدا بالبند 356 من قانون الإجراءات الجنائية والأدلة. وفي غضون ذلك، يعتقد الكثيرون أن زيادة انتشار الحواجز الأمنية له تأثير سلبي على القطاعات الرئيسية للاقتصاد، وخاصة النقل والسياحة والزراعة. من جهته، اعتبر فرانسيس نغوينيا، رئيس مجلس زيمبابوي للسياحة، أن "حواجز الطرق عائق أمام نمو قطاع السياحة، لا سيما في المناطق التي تصل إليها الطرق مثل منتجعات كاريبا، ونيانغا وزيمبابوي الكبرى". وقال في حديث لوكالة الأناضول، إن المجلس كان قد أشار إلى أن السياح والزوار الأجانب الآخرين يجري ابتزاز أموالهم من قبل ضباط الشرطة الفاسدين، محذرا من خطورة هذا على صورة زيمبابوي وسمعتها التجارية. وأشار إلى أنه من الضروري لزيمبابوي أن تعدل قوانين الطرق للتوافق مع بقية دول مجموعة تنمية دول الجنوب الافريقي (سادك)، التي تضم 15 دولة، حتى لا تعيق حرية تنقل الأشخاص. وأوضح أنه "في بلدان أخرى في المنطقة، ليست جريمة أن يتحرك قائد المركبة بدون مطفأة حريق، ولكن في زيمبابوي، يجبر الزوار الذين يأتون إلى البلاد على دفع غرامات، كما أن هناك الكثير من الحواجز على الطرق في البلاد مقارنة مع البلدان الأخرى". وفي هذا السياق، قال دينيس سيسون، وهو سائح زائر من مدينة "سان دييغو"، بولاية كاليفورنيا (غرب)، الأمريكية، إنه واجه مضايقات من رجال الشرطة على الطريق خلال زيارته لمنتجع "كاريبا". وأضاف "سيسون": "كانت سيارتي في حالة ممتازة، ولكني شعرت أن ضابط الشرطة يتحرشون بي، حتى يتمكنوا من ابتزاز أموالي". من جهته، اعترض وزير السياحة والضيافة الصناعة والتر مزيمبي، على استخدام كلمة "حاجز". وقال في تصريح لوكالة الأناضول، إنه "عندما تقول حاجز، فهذا يعني أنك يتم منع الدخول، ونحن نفضل استخدام كلمات (نقطة تفتيش أمنية) كما هو متبع في دول أخرى". وأوضح الوزير أنه "كما هو الحال في سائر البلدان الأخرى عند نقاط التفتيش الأمنية، تتواجد مجموعة من مختلف وكالات إنفاذ القانون من إدارة الطرق الوطنية لزيمبابوي والجمارك للهجرة". وأشار إلى أنهم "يتواجدون جميعا في نقطة تفتيش أمنية واحدة، بحيث يقللون من وتيرة انتشار نقاط التفتيش تلك على طول الطرق السريعة السياحية". ورغم ذلك، أقر "مزيمبي" بأن نقاط توقف الشرطة تؤثر سلبا على قطاع السياحة، مضيفا: "أنا مندهش فعلا أنه كان هناك مثل هذا الانتشار الهائل لنقاط التفتيش الأمنية، وأعتقد أنه ينبغي أن تكون هناك وقفة لأن السياحة تشتكي من حجم تأثير نقاط التفتيش الأمنية". وفي المقابل، قال المتحدث باسم الشرطة، تشاريتي تشارامبا إن نقاط التفتيش على الطرق السريعة ضرورية لمكافحة الجريمة. وأضاف في تصريح لوكالة الأناضول إن "مشكلة الحواجز لا ترتبط بزيمبابوي فقط، فجميع البلدان تنشر ضباط على الحواجز". وتابع: "مهام الضباط على الحواجز الأمنية ليس فقط اكتشاف أخطاء في السيارات... ولكن البحث عن المجرمين الهاربين من العدالة والأشخاص المطلوبين الذين نعثر عليهم عند بعض هذه الحواجز". ومضى المتحدث باسم الشرطة، قائلا إن رجال الشرطة يطلبون من السائقين دفع الغرامات في حال مخالفتهم القانون، و"لسنا نجمع التبرعات، بل نريد من الناس أن تلتزم بالقواعد ولوائح الطريق".