أصوات ملايين النساء في العالم في الثامن من شهر مارس من كل عام الموافق للاحتفال باليوم العالمي للمرأة تجدد مطالبهن بحقوقها، وبألا تكون حبرا على ورق، ونداء من منبر الأممالمتحدة يؤكد فيه أمينها العام بان كي مون على ضرورة إعطاء الأولوية للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة في خطة التنمية لما بعد عام 2015 إذا أريد أن تسفر عن تحول حقيقي، مؤكدا أن العالم لن يحقق 100 % من أهدافه ما لم يستغل 50 % من ساكنيه إمكاناتهم الكاملة. ويمثل عام 2015 عاما محوريا لتقييم التحديات المقبلة وإيجاد السبل لتفعيل التغيير في مجال تحقيق المساواة بين الجنسين وتشجيع جميع الطوائف للقيام بدورها، وتحت شعار "تمكين المرأة.. تمكين الإنسانية.. فلنتخيل معا"، جاء احتفال العالم هذا العام "باليوم العالمي للمرأة" وفيه يسلط الضوء على إعلان ومنهاج عمل بكين، الذي يعد بمثابة خارطة طريق تاريخية وقعت من قبل 189 حكومة منذ 20 عاما لوضع جدول أعمال تحقيق حقوق المرأة، ورغم العديد من الإنجازات التي حققت منذ ذلك الحين، لا تزال هناك العديد من الثغرات الخطيرة، وفقا لما ذكرته وكالة أنباء الشرق الأوسط. يحل على العالم احتفال هذا العام ولا تزال المرأة تعانى من الانتهاكات والإساءات والعنف في جميع أشكاله وصوره في جميع مراحل حياتها، فمن الختان في الطفولة، إلى العنف الجسدي واللفظي والإساءات والتحرشات والعنف الجنسي والطلاق، إلى جرائم الشرف والحرمان من التعليم وعدم تكافؤ الفرص في العمل..انتهاكات وسلوكيات مهينة لقيمة المرأة كفرد كامل تتراوح آثارها السلبية ما بين خوف وألم وإحباط واكتئاب، إلى إعاقات نفسية وما بين النقطتين تقع أنواع كريهه ومختلفة من الجرائم. تحد جديد أضافته ظروف التوتر والصراعات للتحديات المشتركة التي تواجه المرأة العربية فباتت منفردة به، وبدلا من أن يكون هذا اليوم يوما للتأمل في التقدم المحرز في حقوقها، ومناسبة للدعوة إلى التغير والاحتفال بشجاعة النساء اللاواتي اضطلعن بدور استثنائي في تاريخ دولهن ومجتمعاتهن، تعانى المرأة في الشام والعراق مما يرتكبه تنظيم داعش من جرائم بحقها تحت غطاء أوامر الإسلام وأحكامه، وذلك بتفنيد ما تستند إليه من أدلة وبراهين لشرعنة أفعالهم رغم مخالفتها لأبسط قواعد الإسلام. ففي وقت من المفترض أن يكون التطور الذي لحق بمفهوم التنمية في القرن الحادي والعشرين، والحديث عن دور المرأة في المجتمعات الإسلامية قد تجاوز مرحلة الجدل وأصبح ضرورة حياة وفريضة تنمية، نجد هذا التنظيم يمتهن المرأة ويستغلوها أبشع استغلال لتحقيق مآرب وأهداف دونية لا تمت بأدنى صلة للإسلام حيث يتم التغرير بالنساء والفتيات المسلمات - كما الرجال والشباب - للانضمام لتلك التنظيمات الشاذة فكريا والمنحرفة عقديا وإنسانيا من أجل بسط نفوذها على رقعة من الأرض، والإدعاء بإقامة دولة إسلامية تتناقض في حقيقتها مع قواعد الإسلام ومبادئه التي جاءت إنصافا للمرأة وتكريما لها ورفعة لمكانتها حيث أعطى الإسلام المرأة قيمة إيمانية تعبدية، فرؤية الإسلام لمكانة المرأة رؤية نبيلة وسامية تعلى قيم التكافل والتراحم والمشاركة والمساواة رؤية وسطية مستنيرة تعلى من شأنها. خالف التنظيم الإرهابي جميع أحكام الإسلام ومبادئه في معاملة المرأة في الحروب والذي نهى عن قتلهن وحث على معاملة الأسرى بصفة عامة والنساء خاصة معاملة كريمة لا تهان فيها كرامتها ولا تنتهك حرمتها، لكن داعش قتل وسبى النساء وأعاد إحياء فصل كريه من فصول التاريخ البشري الذي أجمعت دول العالم على تحريمه وتجريمه، حيث أعاد تجارة الرق ليخرق المواثيق التي أجمع عليها العالم كله، واتخذ من النساء سبايا، ليستأنف من جديد الفتنة والفساد في الأرض، والفحشاء باستئناف استعباد وبيع النساء واختطافهن، وشرع جهاد النكاح والاغتصاب وفتح أسواق النخاسة لبيع الايزيديات والمسيحيات. لم يشفع القانون الدولي الإنساني الذي مر على وضعه 60 عاما، بما يتضمنه من أحكام محددة وواضحة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عامة والمرأة خاصة، من تحرك المجتمع الدولي ونفرته لحماية المرأة في تلك البقعة وانتشالها من مأساتها، وباتت بدلا من تفرغها للتعبير عن قضاياها الخاصة والعامة والمهمة والمصيرية، وكفاحها للوصول إلى مستوى معين من الحقوق في الكرامة والمساواة، ضحية للسبي والنخاسة والأفعال الشاذة. كل هذا يحدث في القرن الحادي والعشرين، وفى عالم يعترف بدور المرأة ومسئوليتها وضرورة النهوض بأوضاعها كشرط أساسي لتحقيق التطور الاجتماعي، يحدث في عالم يعترف على الورق فقط بأن الاختلاف بين الجنسين يأتي ليعزز المجتمع ويضيف إليه لا ليخصم من القيم المشتركة للإنسانية في عالم يواجه نفس المخاطر والتحديات ويتقاسم ذات الأحلام والتطلعات.