المئات من الإيفواريين الذي اضطرّوا إلى إخلاء مناطق سكناهم بناء على طلب من السلطات المعنية، بحجّة وجود "مخاطر" تهدّد حياتهم لتردي حال البنايات الآيلة للسقوط، يرابضون، حاليا، في مناطق أخرى لا تقلّ خطرا عن الأولى وإن إختلفت درجاته، بل قد تحتدّ لتصل حدّ التعرض للموت.. رحلة محكومة بثنائية البؤس والفناء في مسار مجهول في خضمّ رحلة البحث عن الإستقرار. وفي أحياء "أبوبو- باولي" و "كينيدي"، في قلب العاصمة الاقتصادية أبيدجان، لا شيء يحيل على الحياة: أكوام من القمامة المكدّسة في الزوايا والأزقّة الضيّقة، والروائح الكريهة تنبعث من كلّ شبر في المكان، جرّاء غياب الصرف الصحّي.. وضع مزري حدّ الموت، بل قد يكون الأخير أرحم لتلك الوجوه البائسة والتائهة. وعلى بعد بضعة أمتار، انتصب حي قصديري لم يبال ساكنوه بالوادي المخيف الذي ينحدر في جنون على تخوم "أبوبو باولي" و "كينيدي كلويتشا". في هذا الحي البائس، تعيش "ماساندجي تراوري"، منذ ما يزيد عن الشهر الواحد. هي أرملة وأم لطفلين، لم تكن الكلمات لتنساب سريعا من بين شفتيها وهي تسترجع تفاصيل رحلتها التي قادتها إلى ذلك المكان.. ومع ذلك استجمعت قواها لتقول للأناضول: "حين قامت السلطات بطردنا من كولومبيا (حي في بلدة كوكودي بأبيدجان)، حملت أغراضي وإنتقلت فورا عند بعض الأصدقاء. البعض حدّثني عن هذا المكان، ولذلك قرّرت الإنتقال إليه والإقامة فيه ما إن أحصل على بعض المال". أيّام تلك الأرملة تمضي رتيبة شاهدة على بؤسها، فهي لا تعلم كم من الوقت تنوي، أو بالأحرى، عليها المكوث في ذلك المكان. ومع أنّ حتى السكن في حيّ بتلك القذارة يكلّف بضعة فرنكات إفريقية، إلاّ أنّ السيدة لم تودّ كشف قيمة المبلغ الذي أنفقته للحصول على "مسكن" فيه. وتماما مثل "ماساندجي"، وصلت "سوزان كواكو أمينان" إلى هذا الحي بعد أن هدمت السلطات مسكنها بحي "مامادو كوليبالي"، بداعي أنه كان يمثل خطرا على ساكنيه.