شكلت ظاهرة خروج الفصائل الشيعية المسلحة إلى العلن على خلفية دعوة المرجعية الدينية الشيعية العليا وتأييد الحكومة العراقية ، بعد هيمنة تنظيم (داعش) الإرهابي على نحو 40 بالمائة من مساحة العراق وخاصة بعد حزيران / يونيو من العام الماضي ، منعطفا بارزا في مسرح الاحداث خاصة بعد تحرير عدد من المدن والقرى من سيطرة التنظيم. وبعد ان كان الحديث عن تناول موضوع انتشار ظاهرة الفصائل المسلحة وتغلغلها في أجهزة الدولة يجابه بالنفي من قبل الحكومة العراقية في حقبة نوري المالكي في دورتين / 2006- 2014/ اصبح اليوم انتشارها واضحا للعلن تحت عناوين مختلفة منها الفصائل الاسلامية المسلحة والحشد الشعبي وتفتخر بتحقيق انتصارات على تنظيم داعش في مناطق مختلفة من العراق وخاصة ذات الكثافة الشيعية . ويعد اعلان المرجع الشيعي الأعلى في العراق اية الله العظمى علي السيستاني بدعوة العراقيين جميعا الى التطوع ب "الجهاد الكفائي" لمحاربة داعش ، ومنع توسعه بعد سيطرته على محافظة نينوي في حزيران/ يونيو عام 2014 وتهديده ليشمل بغداد والمراقد المقدسة في كربلاء والنجف محطة مهمة لخروج الفصائل الشيعية الى العلن ، وإقامة معسكرات للتدريب تحت رايات ومسميات مختلفة فمنهم سرايا السلام و اليوم الموعود وتتبع هذه الفصائل رجل الدين مقتدى الصدر. بينما تتبع كتائب عاشوراء المجلس الأعلى الإسلامي بزعامة عمار الحكيم وقوات بدر بزعامة النائب هادي العامري ، وسرايا اخرى تابعة لحزب الله وعصائب اهل الحق فضلا عن مسميات عديدة ، مثل جند الامام و كتائب الخراساني ولواء أبو الفضل العباس والإمام علي. وتشاهد يافطات كبيرة جدا تغطي الساحات العامة والشوارع في المناطق والأحياء ذات الكثافة الشيعية لأسماء هذا المليشيات بعضها وضعت بجانبها صور لرجل الدين الشيعي الايراني الامام الخميني ، واخرى للمرشد الاعلى في ايران علي الخامنئي وزعيم حزب الله اللبناني حسن نصر الله فضلا عن صور شهداء هذه المليشيات في المعارك مع داعش وخاصة في شوارع حي الكرادة وشارع فلسطينوبغداد الجديدة . وجاء ظهور الفصائل الشيعية المسلحة الى مسرح الاحداث بعد انهيار الجيش العراقي والشرطة والأجهزة الأمنية بعد اتساع رقعة سيطرة داعش ووصولها إلى بوابات بغداد الشمالية والغربية والشرقية. وقال نصير الغرباوي 27عاما "لقد تطوعت في الفصائل الاسلامية المسلحة بناء على نداء المرجعية العليا بزعامة على السيستاني لمقاتلة تنظيم داعش في العراق". وأضاف "أنا سعيد في المشاركة بتطهير عدد من المناطق وخاصة امرلي ومناطق اخرى في بعقوبة بجانب عدد كبير من المتطوعين بينهم معممين وكبار في السن والقوات العراقي ". وتؤكد الحكومة العراقية بزعامة حيدر العبادي تمسكها بهذه الفصائل المسلحة التي تطلق عليها الحكومة العراقية اسم "الحشد الشعبي" وتدين لها بالفضل في تحرير عشرات المناطق والشوارع والاحياء من سيطرة داعش وخاصة في مناطق / امرلي وسليمان بيك وطوز خرماتو والعظيم وجبال حمرين / في كركوك وتحرير مساحات شاسعة من محافظة ديالى بالتعاون مع قوات البيشمركة الكردية ومناطق الضلوعية وبلد ودجلة ومحيط سامراء وبيجي التابعة لمحافظة صلاح الدين وناحية جرف الصخر في محافظة بابل. وقال حيدر العبادي رئيس الحكومة العراقية ، في مقابلة مع عدد من مدراء المحطات الفضائية العراقية إن "العراق لا يسمح بالمليشيات خارج القانون وهذا مثبت بالدستور ولا توجد مليشيات وفق هذا المفهوم بل لدينا حشد شعبي وفق نظام التطوع من قبل المدنيين وان مجلس الوزراء وضع تخصيصات مالية لمتطوعي الحشد الشعبي ". وأضاف" هناك بعض الجماعات ظهرت بأسماء معينة من المليشيات وقد قامت الشرطة العراقية باعتقالهم بسبب الادعاء بالانتساب الى الحشد الشعبي، وان الجهات التي يدعون الانتساب اليها لا تؤيد انتسابهم لها وبالتالي انا اطلق عليهم اسم الطفيليين الذين يعيشون على جهاد ومقاتلة المجاهدين الذين يقاتلون داعش". وقال"لدينا التزام بعدم السماح او التجاوز على القانون من قبل اية جماعة مسلحة وانا لا احمي احدا يتجاوز على القانون ". وأضاف أن "متطوعي الحشد الشعبي شكلت حالة من التلاحم الشعبي لمواجهة داعش وقد شاركت في معارك كثيرة بينها تحرير ناحية البغدادي ". وتتولى وزارة الدفاع العراقية تسليح هذه الفصائل بالأسلحة ضمن الامكانات المتاحة والمتوفرة في مخازن الجيش العراقي . وتشيد القيادات العسكرية في ميادين القتال بقدرة رجال الفصائل المسلحة بالاندفاع والاستبسال لمقاتلة داعش في مناطق القتال . وتتأهب هذه الفصائل حاليا للمشاركة مع القوات العراقية في أكبر عملية عسكرية لتحرير جميع مناطق محافظة صلاح الدين وطرد تنظيم داعش منها حيث تجرى اتصالات بين الزعامات العشائرية في المناطق السنية ، وقيادات الفصائل الشيعية للمشاركة معا في عمليات التحرير كما حصل في عملية تحرير منطقة الضلوعية ذات الغالبية السنية التي يدين اهلها الفضل لمشاركة الفصائل الشيعية في تحريرها من داعش. ورغم ان القيادات السنية تعارض مشاركة الفصائل الشيعية في معارك تحرير الاراضي من سيطرة داعش الا أن الزعامات العشائرية في المناطق المسيطر عليها من قبل داعش لاتمانع من مشاركة الفصائل الشيعية في عمليات التحرير. وقال ابو مهند الركابي 36عاما "المشاركة في تحرير الاراضي العراقية من سيطرة داعش لا تقتصر على المناطق الشيعية بل تشمل جميع اراضي العراق من الشمال الى الجنوب دون استثناء". وأضاف أن "قتال داعش واجب وطني وشرعي للدفاع عن ارض العراق ولايمكن لنا التخاذل والهوان امام هؤلاء المجرمين". وإلى جانب انتشار الفصائل الاسلامية الشيعية ، فإن التيارات السنية ورجالات العشائر والمسيحية والايزيدية شكلت هي الاخرى فصائل للمقاومة وتحرير الاراضي المحتلة من قبل داعش بعضها دخل في معارك واخرين الان في معسكرات للتدريب للمشاركة في معارك التحرير الحاسمة في الانبار وصلاح الدين والموصل والتي يتوقع لها ان تحسم بقاء داعش في العراق بعد منتصف العام الحالي.