حزب النور يدفع ب حمادة سليمان مرشحًا لمجلس النواب عن دائرة سنورس وطامية بالفيوم    محافظ الجيزة يعتمد حركة تنقلات مديري ووكلاء الإدارات التعليمية    وزير الاستثمار: حريصون على تعزيز العلاقات التجارية مع كينيا    التحالف الوطنى يقدم خدمات إنسانية لأكثر من 18 ألف مواطن فى قرية برنشت    رئيس الإمارات وأمير الكويت يؤكدان دعمهما لجميع مبادرات وقف إطلاق النار فى غزة    الوسيطان المصرى والقطرى يعقدان اجتماعا مع وفد حركة حماس فى شرم الشيخ    مقتل ما لا يقل عن 3 أشخاص في هجمات أوكرانية على منطقة حدودية روسية    موعد تناول لاعبي المنتخب وجبة الغداء والمحاضرة الأخيرة قبل مباراة جيبوتي    صدام جديد بين زيزو والزمالك.. اتحاد الكرة يحدد موعد جلسة الاستماع    السوبر الإفريقي.. بيراميدز يبدأ استعداداته لمواجهة نهضة بركان الجمعة المقبل    "الآثار الجانبية" لاستخدام الذكاء الاصطناعي    ضبط كميات كبيرة من المواد الغذائية مجهولة المصدر بمدينة العاشر من رمضان    طقس غد.. انخفاض بالحرارة وفرص أمطار ببعض المناطق والعظمى بالقاهرة 29 درجة    السجن 6 سنوات وغرامة 200 لتاجر لقيامه بالإتجار فى المخدرات بشرم الشيخ    خالد العناني مديرًا عامًا لليونسكو.. والريادة الثقافية والحضارية موطنها مصر    وزير الثقافة يفتتح قصر ثقافة حلوان بعد انتهاء أعمال تطويره    انطلاق برنامج مصر جميلة لاكتشاف المواهب الفنية والأدبية بالوادي الجديد    بالأسماء.. إصابة 9 مواطنين في حادث تصادم سيارتين على طريق شبرا بنها الحر    طارق العوضي: البرلمان الحالي غير مؤهل للنظر في «الإجراءات الجنائية»    بلخي: إعادة بناء النظام الصحي في غزة ضرورة إنسانية عاجلة    أسعار الدواجن بأسواق الإسكندرية تصل إلى 80 جنيها للكيلو    في ذكرى ميلاد فارس السينما.. «أحمد مظهر» العسكري المثقف الذي سكن قلوب الجمهور    عمر مونّس ياجي يحصد جائزة نوبل في الكيمياء 2025    نائب وزير الصحة يجري جولة ليلية مفاجئة لعدد من المستشفيات بالإسكندرية    علاج 1928 مواطنا مجانا ضمن قافلة طبية بقرية في الشرقية    «فصل الشتاء».. نصائح للوقاية من الأمراض الموسمية    مشاركة دولية غير مسبوقة في بطولة مصر لهواة للجولف 2025    الأهلي يعود للتدريبات اليوم استعدادًا لضربة البداية بدوري الأبطال    نجاة رئيس الإكوادور من هجوم على موكبه    عزاء الدكتور أحمد عمر هاشم اليوم بمسجد الشرطة بالتجمع الخامس بعد صلاة المغرب    دعم ركائز الأمن والاستقرار    رجال لا يكررون الخطأ مرتين.. 4 أبراج تتعلم بسرعة من التجارب    السيسي: الوضع الاقتصادي يتحسن يومًا بعد يوم.. ولسه الأفضل قادم    أشرف عبد الباقي ضيف برنامج فضفضت أوى مع معتز التونى اليوم    الإحصاء: 36.8 % زيادة بقيمة المبالغ المودعة فى صندوق توفير البريد 2024 / 2025    «فضل الشهادة والتضحية في سبيل الوطن» في ختام فعاليات الأسبوع الثقافي لوزارة الأوقاف    تموين الفيوم تضبط 35 مخالفة تموينية متنوعة وتُحكم الرقابة على الأسواق    وفد لبنانى يزور هيئة الاعتماد والرقابة للاطلاع على تجربة مصر بالإصلاح الصحى    الصحة العالمية: إدخال الرعاية التلطيفية فى النظم الصحية الوطنية    وزيرة البيئة تتجه إلى أبوظبي للمشاركة في المؤتمر العالمي للحفاظ على الطبيعة    مصرع صغير وإصابة 3 آخرين في مشاجرة بالأسلحة النارية بسوهاج    بن جفير يقتحم الأقصى مجددًا وسط توتر أمني في عيد العرش اليهودي    «الشكاوى الحكومية» تتلقى 13.5 ألف شكوى واستغاثة صحية    السيسي يوجه بإطلاق اسم أحمد عمر هاشم على مسجد وطريق ومحطة قطار    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 8-10-2025 في محافظة الأقصر    يد - بعثة الأهلي إلى المغرب للمشاركة في بطولة إفريقيا    رئيس هيئة الشراء الموحد يبحث مع مستشار الرئيس للصحة الموقف التنفيذي لمشروع «المخازن الاستراتيجية»    تزوجت بقصد الإنجاب عبر الحقن المجهرى دون جماع والطلاق بعده.. ما حكم الدين    زحام من المرشحين على أسبقية تقديم أوراق انتخابات مجلس النواب بالأقصر    أكسيوس: ويتكوف وكوشنر يصلان شرم الشيخ للانضمام لمفاوضات إنهاء حرب غزة    ترحيل عصام صاصا وآخرين لقسم شرطة دار السلام بعد إخلاء سبيلهم    اعرف اسعار الدولار اليوم الأربعاء 8-10-2025 في بني سويف    «كنت أسير خلفه».. كيف بشر نبي الله الراحل أحمد عمر هاشم بمستقبله    سعر سبيكة الذهب اليوم الأربعاء 8-10-2025 بعد الارتفاع الكبير.. بكام سبيكة ال10 جرام؟    ابنة أحمد راتب: أشهد الله أنك يا حبيبي تركت في الدنيا ابنة راضية عنك    نائب رئيس الزمالك: «مفيش فلوس نسفر الفرق.. ووصلنا لمرحلة الجمود»    مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 8-10-2025 في بني سويف    منتخب مصر المشارك في كأس العرب يواصل تدريباته استعدادًا لمواجهة المغرب وديًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكومة الصيد أمام ملف الإرهاب «الحارق»
نشر في محيط يوم 22 - 02 - 2015

لم يكد يمضي أكثر من أسبوعين على تسلم حكومة الحبيب الصيد مقاليد الحكم في البلاد، وسط توتر في الأوضاع الأمنية وصعوبات اقتصادية، حتى قتلت "كتيبة عقبة بن نافع"، 4 أمنيين في عملية اختلفت تقييماتها بين من يراها عملا إرهابيا ردا على نجاحات حققتها وزارة الداخلية في الأشهر الأخيرة، ومن يعتبرها فشلا لما يعرف بالحرب على الإرهاب في المناطق الغربية للبلاد وخاصة في محافظة القصرين المنطقة الجغرافية التي مثلت منطلقا ومكانا لأغلب العمليات ضد الأمن.
عملية "بولعابة" التي جدت فجر الأربعاء الماضي، كانت الأحدث في سلسلة العمليات الإرهابية التي شهدتها محافظة القصرين غربي البلاد، وخاصة في مرتفعات جبل الشعانبي والجبال المحاذية له، "مثلث الرعب" وفقا لبعض التوصيفات.
وكانت وزارة الداخلية التونسية، أعلنت الأربعاء الماضي، عن مقتل 4 من قوات الأمن في "بولعابة" من محافظة القصرين، غربي البلاد. كما ذكرت الدّاخلية أن مجموعة من 20 إرهابيا تنتمي إلى كتيبة "عقبة بن نافع" (التابع لتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي) قامت بهذا الهجوم على الأمنيين.
وقبل هذه الحادثة بحوالي الشهرين سقط عسكري في مرتفعات "جبل سمامة" بعد انفجار لغم وجرح آخر، وجاء مقتل العسكري هذا بعد أكثر من 4 أشهر على شهر يوليو/تموز الدامي.
وفي 17 يوليو/تموز 2014 شهدت مرتفعات جبل الشعانبي أكثر العمليات دموية وهي العملية التي وصفت بالعنيفة وكان من تداعياتها استقالة رئيس أركان جيش البر الجنرال محمد صالح الحامدي، حين هاجمت مجموعة إرهابية مخيمات للجيش التونسي بمنطقة "هنشير التلة" مع أولى ساعات الغروب وأدت العملية إلى مقتل 15 عسكريا و20 جريحا كحصيلة نهائيّة.
لكن الهجمات الإرهابية لم تقتصر على المرتفعات الجبلية بجبل الشعانبي بل تعدت فيما عرف تغيرا نوعيا في عمليات المجموعات الإرهابية وذلك ليلة 28 مايو/أيار 2014 عندما هاجمت مجموعة مكونة من 25 عنصرا وفقا لتقديرات وزارة الداخلية منزل وزير الداخلية السابق لطفي بن جدو وسط المدينة وأدت العملية إلى قتل 4 عناصر أمنية وتبنى ما يعرف بتنظيم "كتيبة عقبة بن نافع" العملية.
عملية "هنشير التلة" جاءت بعد أيام من مقتل جندي وجرح 4 في انفجار لغم مزروع بجبل الشعانبي وكان أول لغم قد انفجر في ربيع 2013 في وجه وحدات الحرس الوطني التي كانت تقوم بعمليات تمشيط بالمنطقة.
لكن الألغام لم تكن وحدها المسؤولة عن سقوط ضحايا حيث نفذت المجموعة الإرهابية في 29 أغسطس/أب 2013 كمينا لدورية عسكرية انتهت بمقتل 8 جنود والتنكيل بجثثهم وهي العملية التي دفعت الجيش الذي كان يرابط أسفل الجبل إلى قصفه.
عملية صيف 2013 كانت في سياق عمليات تمشيط بدأتها الوحدات الأمنية والعسكرية لتعقب مجموعات إرهابية تم اكتشافها في جبال "بوشبكة" غرب جبل "الشعانبي" إثر مقتل وكيل الحرس الوطني أنيس الجلاصي يوم 10 ديسمبر/ كانون الأول 2012 وهي العملية التي كانت المنطلق لاكتشاف تمركز مجموعات إرهابية بجبل الشعانبي.
أكتر من سنتين منذ بدء "الحرب على الإرهاب" بمحافظة القصرين، وألغام الشعانبي لم تصمت ودوي إطلاق النار وأصوات المدافع تشق سكون الجبال، لكن تلك الجهود توضع بعد كل عملية إرهابية أمام النقد والمساءلة.
وفقا للمعلومات الرسمية فإن ما لا يقل عن 80 عنصرا من قوات الأمن والجيش سقطوا خلال عمليات "إرهابية" بتونس من بينها استخدام ألغام أرضية يدوية الصنع وأن نصفهم سقطوا في عمليات بمحافظة القصرين مما يجعل المنطقة عقدة ملف الإرهاب والمجموعات الإرهابية وذات أولوية قصوى على طاولة رئيس الحكومة الحبيب الصيد.
وتختلف التحليلات والقراءات للأسباب التي تجعل من محافظة القصرين المنطقة الأكثر جذبا لتمركز المجموعات الإرهابية وكذلك عن نجاح هذه المجموعات في تكبيد المؤسسة العسكرية خسائر كبيرة.
الطبيعة والجغرافيا التربة الخصبة
يقدم عادل الحيزي، مختص في القانون وفي التشريعات الدولية في مكافحة الإرهاب، رؤيته الخاصة في تفسير هذه الظاهرة.
ويقول لوكالة الأناضول: "امتداد الغابات والمرتفعات وتواصلها نحو الجهات الأربعة إضافة إلى التواصل بين المجال الحضري والجبال حيث تمتد المدن وخاصة الكبرى إلى سفوح الجبال (تحيط بمدينة القصرين 3 جبال وتمتد المدينة إلى سفوح هذه الجبال) وهذه توفر إمكانية المراوغة والالتجاء للمدن للتزود أو الاختباء عندما يشتد الخناق على الجبال ويعودون إلى الجبال عندما تتراخى المراقبة الأمنية زد على ذلك امتداد الحدود مع الجزائر".
رأي الحيزي قد يجد ما يبرره في الواقع حيث أن عملية المراقبة الدائمة للجبال منذ أكثر من سنتين لم تحل دون عمليات كانت مؤلمة للجيش والأمن وأحدثها عملية "بولعابة".
ويضيف الحيزي أن "عملية بولعابة الأخيرة تمثل دليلا واضحا على فشل المقاربة المتبعة في مقاومة الإرهاب في هذه المناطق حيث يعمد الجيش إلى قصف المرتفعات بشكل دائم لكن النتائج تكاد تكون صفرا، والى حد الآن لم تكشف وزارة الدفاع عن قتلى نتيجة القصف وإن كشفت فان العدد قليل جدا، سنتان من القصف مقابل جثتين أو ثلاث أمر لا يمثل نجاحا".
تواصل العمليات العسكرية وإعلان جبل "الشعانبي" والجبال المتاخمة له مناطق عسكرية مغلقة منذ منتصف 2013 لم يمثل حلا ناجعا رغم إعلان وزارة الداخلية من حين لآخر عن تفكيك شبكات إرهابية لكن الحصار المفروض على الجبال لم يمنع تنقل أشخاص مطلوبين للأمن ومطاردين من التسلل خارج الجبال.
وفي بيان أصدرته وزارة الداخلية التونسية منذ أسبوعين قالت فيه إن "الإرهابي، مراد الغرسلي، أكثر المطلوبين في قضايا إرهابية بجبل الشعانبي لا يزال يتنقل في المنطقة"، وهو ما يطرح لدى المراقبين أسئلة حول مدى جدوى الاستراتيجية المتبعة.
يقول الحيزي: "إلى اليوم لم نتفق على تفسير واضح عن أسباب تمركز المجموعات الإرهابية بهذه المرتفعات، إذ تختلف القراءات الأولى، والتي أتبناها، وهو انتشار ما يمكن تسميته بفكر انتقامي من الدولة التي همشت هذه المناطق حيث أعلن جزء كبير من الشباب الذين جربوا أولا الثورة، القطيعة مع الدولة لفائدة مشروع آخر بدا لهم أنه سيكون بديلا، دون أن يكونوا بالضرورة مقتنعين بالمشروع الذي يمثله الفكر الجهادي السلفي".
ويبرر الحيزي هذه الفكرة بخصوصية "المجموعات الإرهابية" الموجودة بجبل الشعانبي، قائلا: "لم تعلن هذه المجموعات عن نفسها بشكل واضح كما هو شأن كل التنظيمات السلفية، بل أعلنت عنها أطراف إما في الخارج او ما تعلنه وزارة الداخلية من أسماء وفقا لمعلومات تستقيها من التحقيقات التي تجريها ولا نعلم عددهم بالتدقيق ولا يتبنون العمليات التي يقومون بها".
ويرى الحيزي: "لقد تعاملت السلطات مع هذه الجماعات على اعتبار أنها تنظيم مستقر بالجبال في حين أن هذه الجماعات تتنقل بين المدن والقرى والجبال وفقا للحالة الأمنية فهم يتواصلون مع الناس ويعيشون بينهم فإذا استثنينا بعض القيادات هل لدينا قائمة كاملة عن أسماء بقية الأفراد وعددهم؟".
وقدر وزير الداخلية في تصريحات صحفية سابقة أن ما تبقى من هذه المجموعات "مجموعات صغيرة لا تتوفر لديها أسلحة تمكنها من تنفيذ عمليات كبيرة"، وأضاف أن "عددهم لا يتجاوز 100 في كل الجبال بمن فيهم جزائريون".
يعتبر كثيرون أن امتداد الحدود الجزائرية ونشاط حركة التهريب يمثل الشريان الذي يساعد هذه الجماعات على الصمود، وهو أمر يرفضه عادل الحيزي إذ يرى أن "التسرع في الربط بين الإرهاب والتهريب هو الذي ساعد هذه الجماعات على الاستمرار وأن الربط بين الظاهرتين غير بريء فكم من مهرب من هذه المناطق ثبت تورطه، إن اعتماد تحليلات لها خلفيات اقتصادية في قضية أمنية سيعقد من مهمة مواجهة هذه المجموعة".
مسألة مقاومة الإرهاب وسبله المطروحة على حكومة الحبيب الصيد التي تلقت أول رسالة من خلال عملية "بولعابة" قد تعيد ما طُرِح أثناء الحملات الانتخابية عن استراتيجيات الأحزاب في مقاومة الإرهاب، فيما البعض يعتبر أن الحكومة لا خطة واضحة لديها باستثناء تعيين وزير داخلية من المحافظة، فيما يعتبر الحيزي أن "الحكومة مطالبة بالتعامل مع الحادثة ببرودة أعصاب وعدم التسرع في إقرار خطط غير مدروسة وإلا ستكون مسؤولة عن فشل جديد تواصل مع الحكومات السابقة".
ويرى البعض في تونس أن الحل يكمن في القضاء على التهريب بالمناطق الحدودية وهو ما بدا واضحا في اعتبار احتجاجات اجتماعية شهدتها مناطق الجنوب تحركات مشبوهة يدعمها "بارونات" التهريب، فيما يرى آخرون ان المسألة قد تفضي في النهاية إلى اختيار الأمن مقابل المطالب الاجتماعية والتنموية، وتظل التهديدات الإرهابية بمرتفعات جبل الشعانبي والجبال المحاذية له متواصلة، إذ لاتزال قوات الجيش والامن تواصلان التمشيط دون القضاء على من يعتبرون القيادات الكبرى وفي ظل انسداد افق التنمية ووضوح الرؤية في التعامل مع الظاهرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.