أظهرت دراسة أمريكية أن تلوث الأرض بدأ بشكل واسع قبل وقت طويل من الثورة الصناعية. وأظهر تحليل عينة ثلجية أخذت من أعماق الجليد في بيرو مرور سحب من الغبار تحمل مواد ملوثة للبيئة مثل الرصاص فوق قارة أمريكاالجنوبية، وذلك بعد فترة قصيرة من احتلال أسبانيا في بداية القرن الثامن عشر الميلادي، ثم وصلت تراكمات هذه المواد السامة ذروتها في القرن العشرين، وذلك حسبما ذكر الباحثون تحت إشراف باولو جابريلي من جامعة "أوهايو" في كولومبوس في دراستهم التي نشرت في مجلة بروسيدنجز التابعة للأكاديمية الأمريكية للعلوم. ويرى الكثير من الباحثين أن تأثير الإنسان على الأرض هائل في العصر الحالي الذي يبدأ حسب هؤلاء بالثورة الصناعية مطلع القرن التاسع عشر تقريباً، وأن هذا التأثير أعاد بشكل كبير تشكيل الأرض من جديد حيث تظهر آثار الإنسان على معظم أرجاء الأرض بدءاً من هذا التاريخ، وفقاً لما ورد بوكالة الأنباء "الألمانية". غير أن الباحثين عثروا في عينات جليدية أخذت من جزيرة جرينلاند تعود لما قبل هذا التاريخ على آثار مواد مثل الرصاص رجحوا أنها تعود لمناجم رصاص لليونانيين والرومان في منطقة البحر المتوسط. حلل الباحثون تحت إشراف جابريلي عينة جليدية أخذت من جليد جنوببيرو بامتداد 5600 متر. وتراكمت مواد علقت بهذه البقعة الثلجية على مدى قرون بدءاً من عام 793 وحتى عام 1989. وتبين من خلال تحليل العينة الثلجية التي تؤرخ حالة الطبيعة على سطح الأرض أن نسبة الكثير من العناصر في الجو ظلت مستقرة حتى عام 1450 باستثناء فترات الأحداث الطبيعية مثل تعرض جبال الأنديز على الساحل الغربي لأمريكاالجنوبية لأنشطة بركانية مع تزايد نسبة عنصر البزموت الفلزي أواخر القرن الخامس عشر، وهو ما فسره الباحثون باستخدام الهنود الحمر في امبراطورية الإنكا في أمريكاالجنوبية هذا العنصر بشكل مكثف في صناعة البرونز. ثم تزايدت بدءاً من منتصف القرن السادس عشر، أي بعد احتلال أمريكاالجنوبية من قبل الاسبان، نسب عناصر كثيرة مثل الكروم والموليبديونوم والأنتيمون والرصاص على وجه الخصوص. ونتجت الكثير من هذه العناصر خلال استخراج الفضة أو تصنيعها خاصة في منطقة بوتوسي الواقعة على بعد نحو 830 كيلومتراً من مكان العينة وهي منطقة بوليفيا اليوم، حيث كان الإسبان يشغلون آنذاك أكبر منجم للفضة في العالم، حيث طوروا بدءاً من عام 1572 طريقة جديدة لاستخراج الفضة، وذلك من خلال طحن خام الفضة المستخرج من باطن الأرض وتحويله إلى مسحوق ثم فصل الفضة باستخدام الزئبق السائل. ثم تراجعت نسبة تركيز هذه المواد اعتباراً من عام 1830 تقريباً، وذلك عندما تحررت الكثير من المناطق في أمريكاالجنوبية من حكم الاستعمار. كما دمرت حسب العلماء الكثير من المناجم ومصانع المعادن أثناء حروب التحرير من جانب الشعوب التي عانت من الاحتلال وذلك حسبما أوضح الباحثون.