طالب عمار الحكيم رئيس المجلس الأعلى الإسلامي في العراق (شيعي) بحصر السلاح بيد الدولة والاسراع بتشكيل "الحرس الوطني" المعول عليه ضم قوات عشائرية سُنية وميليشيات شيعية تقاتل تنظيم "داعش" في المحافظات الشمالية والغربية من البلاد. جاء حديث الحكيم خلال كلمة ألقاها في مؤتمر موسع ل"حوار الاديان والمذاهب" الذي انطلقت أعماله في بغداد صباح اليوم السبت، بحضور شخصيات سياسية ودينية على رأسها الرئيس فؤاد معصوم، وحيدر العبادي رئيس الوزراء، وسليم الجبوري رئيس البرلمان. وقال الحكيم في كلمته إن "المرحلة الحالية تتطلب منّا حصر السلاح بيد الدولة، والاسراع بتشكيل الحرس الوطني وحصر الخلافات السياسية". وأضاف أن "المنطقة تمر اليوم بظروف استثنائية لم تشهدها منذ 100 عام وهذه الظروف تضغط على الواقع الداخلي العراقي من مختلف الجهات"، مستدركاً بالقول "فلنكن نحن البحارة الماهرين الذين ننجو بسفينة وطننا وسط هذه العواصف". ولفت الحكيم إلى أنه "لا يوجد مشكلة عصية على الحل، عندما يؤمن المختلفون بالحل والعيش المشتركين، وليست هناك أزمة لا يمكن الخروج منها، عندما نملك إيماناً بأن الوطن فوق كل الازمات والالام". واعتبر رئيس المجلس أن "اعتماد الوسطية والاعتدال والالتقاء في المنتصف لا يمكن اعتباره تنازلاً". ودعا السلطات التشريعية العراقية والاقليمية والدولية إلى "سن التشريعات التي تجرم الاساءة للرموز والمعتقدات الدينية واعتبارها تتعارض مع احترام حقوق وحرية من يعتقد بها ويقدّسها". كما دعا السلطات التنفيذية والقضائية في العراق والعالم إلى "الوقوف بحزم في وجه أي ممارسة تنال او تحط من شأن الاديان والطوائف وتحرّض على الكراهية ومراقبة وسائل الاعلام وتشجيع الأخيرة للعب دور ايجابي في تنقية الأجواء وإشاعة التسامح". وشهد المؤتمر الذي يعقد ليوم واحد برعاية مؤسسة الحكيم الدولية الدينية(شيعية) حضور أسامة النجيفي نائب الرئيس العراقي وممثلون عن الامين العام للأمم المتحدة والاتحاد الاوربي وعواصم عربية وأجنبية وعن الديانات والطوائف المختلفة في العراق. من جهته، دعا حيدر العبادي رئيس الوزراء العراقي الى احترام المقدسات والاديان وعدم الاساءة لها من قبل اي جهة كانت، مشيراً إلى "الاساءة" التي صدرت من الصحيفة الفرنسية "شارلي إبدو" على خلفية الحادث الارهابي الذي قتل فيه عدد من موظفيها. وقتل 12 شخصًا، بينهم رجلا شرطة، و8 صحفيين، وأصيب 11 آخرون، في 7 يناير/ كانون الثاني الجاري، في هجوم استهدف مقر صحيفة "شارلي إبدو"، الأسبوعية الساخرة في باريس، أعقبته هجمات أخرى أودت بحياة 5 أشخاص، فضلًا عن مصرع 3 مشتبه بهم في تنفيذ تلك الهجمات. وأعادت الصحيفة نشر رسم ساخر للنبي محمد خاتم المرسلين على غلاف أول إصداراتها بعد الهجوم عليها، ما أثار ردود أفعال منددة بذلك. وأضاف العبادي في كلمته خلال المؤتمر أن "الارهاب اليوم يستهدف الدين الاسلامي، كما أن داعش يستهدف بشكل مباشر جميع حقوق العراقيين، داعش تدّعي أنها تدافع عن أهل السُنة، بينما أكثر الذين قتلوا هم من أهل السنُة وأكثر من هجّرهم كذلك منهم وأكثر المدن التي دمرت هي مدن أهل السُنة". وبيّن العبادي أن "هناك تحديا في بعض المناطق المحررة من داعش وهو الانتقام من بعض الذين هجّروا المواطنين او محاولة لتصفية حسابات سابقة بين العشائر، وهذا غير ممكن ولن نسمح للتجاوز على الحرمات، يجب ألا نسمح بأي نوع من التسامح للتجاوز على حقوق المدنيين". ووصف رئيس الوزراء من يقومون بارتكاب التجاوزات بأنهم "خارجون عن إجماع الحشد الشعبي، ولا يمثلون الجيش والشرطة، ومجرمون يقومون بأجنداتهم، هؤلاء الذين يخطفون المدنيين لا يقلون خطرا عن خطر الارهاب، والذين يحرقون منازل المواطنين وارواحهم في المناطق التي تحرر من داعش هم ليسوا اقل خطرا من داعش". وأعلن اتحاد القوى السٌنية في العراق، الثلاثاء الماضي، عن ان حيدر العبادي تعهد بفتح تحقيق عاجل بالمعلومات التي اشارت الى إعدام نحو 70 سنُيا على ايدي القوات الامنية العراقية ومقاتلي الحشد الشعبي(ميليشيا شيعة) اثناء فرارهم من بلدة بروانة شمالي ديالى(شرق)، وطالب الكتلة السنُية بسحب جميع "الميليشيات" من المحافظة. وكانت وسائل إعلام مختلفة نشرت، الإثنين الماضي، نقلاً عن سياسيين وزعماء عشائر سنة، اتهاماتهم للقوات العراقية ومقاتلي الحشد الشعبي بقتل 70 مدنياً من السنة اثناء فرارهم من بروانة، وذلك أثناء استعادة تلك القوات السيطرة على البلدة وبلدات أخرى بمحافظة ديالى من قبضة "داعش". وتواجه الميليشيات الشيعية وعلى رأسها "الحشد الشعبي"، سيلا من الاتهامات من القوى السياسية السنُية بارتكاب جرائم قتل وخطف وإحراق مساجد وغيرها في المناطق التي تدخلها بعد طرد مقاتلي "داعش" منها، إلا أن تلك الميليشيات تنفي التهم المنسوبة إليها مؤكدة أن هناك جهات تسعى الى تشويه سمعتها.