خلاف درية شفيق مع عبد الناصر ظلمها المرأة المصرية " مفترية " بشكل إيجابى حرمنا من الأدب 30 عاما ..و ها هو يولد من جديد كونى غير مشهور جعلنى أكتب ما أريد السياسة لعبة " الذئاب" والحمل الوديع هو "الشعب" صدفة فى " الأسانسير" كانت السبب فى انطلاقة مشواره الأدبى ، إلى سماوات الأدب الواسعة ، ليصبح أحد نجومها الجدد ، و تبرز أعماله فى قوائم الأكثر مبيعاً ، و احتل " جرافيت " مؤخرا مكانا ضمن ترشيحات أكبر جائزة عربية " البوكر " . عن المبدع المهندس هشام الخشن نتحدث .. حاورت شبكة " محيط " الكاتب الذى عبر عن سعادته و فخره بترشيح روايته " جرافيت " ضمن القائمة الطويلة للبوكر التى تعد أهم الجوائز العربية ، ووصف ترشيحات القائمة لهذا العام ب " الغنية " لاحتوائها على قامات كبيرة من الكتاب ترشح خمسة منهم من قبل ، و فيهم الكاتب أشرف الخمايسى ، الذى أكد الخشن أنه مبدع متميز . تفاجأ الكاتب إن الروايات ال 16 المرشحة التى تعد على قمة المنتج الأدبى فى العالم العربى خلال العام المنصرم ، 12 منهم حصلوا على تقييمات 3 نجوم و أقل من قبل القراء ، بخلاف خمس روايات بلا تقييم حتى الآن على موقع الكتاب الشهير " جود ريدز " ، معبرا عن حزنه أن " أحسن" الروايات العربية – على الأقل من وجهة نظر النقاد و لجنة منتقاة – غير مقروءة بهذا الشكل ، قائلا : الأرقام التى صدمتنى ، تعبر عن حال وطننا العربى الثقافى . و بسؤاله عن تفسير ذلك ، قال الكاتب أنه أمر طبيعى أن تختلف معايير النقاد عن معايير القراء التى تعد أكثر عاطفية ، و أن النجاح الأمثل للكاتب هو التقاء الاثنين . و عن إمكانية تحول روايته المرشحة إلى عمل تلفزيونى ، كعمليه السابقين " 7 أيام فى التحرير " ، و " ما وراء الأبواب " ، عبر الخشن عن ترحيبه بذلك ، فهذا يعنى نجاح آخر للرواية . بداية المشوار عن سر الخلطة الغير اعتيادية بالجمع بين الهندسة و الكتابة ، قال الخشن : الهندسة دراستى و عملى ، أما الكتابة فهى هوايتى و متعتى الكبرى ، و قد تمنيت طوال حياتى أن أكتب ، و لكن الهندسة أخرت بدايتى فى الكتابة ، فلم أبدأ سوى منذ 5 أعوام فقط ،و أنا أبلغ من العمر 46 عاما . و تابع الكاتب أن الهندسة أفادته كثيرا فى كتاباته ، و جعلت أسلوبه أكثر تحديدا دون إسهاب أو تطويل ، كما أثرت فى بناءه السردى . أما عن حكاية الخشن مع " الأسانسير" ، فقال أن مشواره الأدبى بدأ بالصدفة فى " الأسانسير " عندما قابل الروائى عصام يوسف ، و حدثه عن قصصه ، و بعد أيام تفاجأ باتصال من الناشر محمد رشاد بالدار المصرية اللبنانية لنشر كتابه . جرافيت حدثنا الخشن عن روايته المرشحة للبوكر " جرافيت " مؤكدا أنها تنتصر للمرأة ، معبرا عن معاناتها فى المجتمع المصرى و امتهانها من قبل الرجل ، حتى خرجت المرأة تطالب بالمساواة و حقها فى الحياة ، و قد قطعت شوطا كبيرا فى ذلك ، و لكننا تقهقرنا و تأخرنا من جديد فى عصرنا الحالى ، قائلا : نحن فى مجتمع ذكورى يطغى على المرأة ، و هذا الطغيان مستمر و يتزايد ". " درية شفيق اختارتنى و لم أخترها " كان هذا رد الكاتب عن سبب اختياره لدرية شفيق زعيمة الحركة النسائية المصرية و رئيسة تحرير مجلة " المرأة الحديدية " كأحد أبطال روايته الرئيسيين ، و قد حكى لنا أن فكرة الرواية جاءت لذهنه فى 2012 ، عندما ثار الكثير من الحديث عن درية شفيق ، فشعر بأنه منجذب ليعرف عنها أكثر ، و لكن لم يجد عنها الكثير فى المراجع العربية ، و المخيب للآمال أن الكتاب الذى تناول حياتها بشكل كبير كان لكاتبة أمريكية أمضت 13 عاما فى كتابته . و كان الخيط الذى انطلقت منه الرواية هو قرأته لمعلومة إرسال الحكومة المصرية عام 1928 ، ل 12 بنتا مصرية فى بعثة لفرنسا و إنجلترا ، بعد حصولهن على البكالوريا، من أجل استكمال تعليمهن الجامعى هناك، و الملفت كما ذكر الخشن و الذى يظهر كم تأخرنا أن تلك الفتيات كن من أسر متوسطة ، و قد سمح لهم أهلهم بالسفر لأنهم أدركوا النفع من وراء ذلك . و بالفعل أصبحت أغلب ال 12 فتاة من المشاهير ، مثل درية شفيق، كريمة السعيد، سميحة عثمان، أبلة نظيرة، هيلانة سيداروس أول طبيبة أمراض نسا في تاريخ مصر، وغيرهن، وبعد أن قرأ الكاتب المعلومة ألصق للمجموعة المنتقاه بطلة من وحى خياله " نوال عارف " التى كانت نموذجا مغايرا لدرية . و كشف الخشن عن الاسم الأول للعمل " ظلال درية " ، قبل أن يستقر الأمر على " جرافيت " و هو المادة التي يصنع منها القلم الرصاص، الذى كان الأداة الأساسية التى تستخدمها البطلة فى رسم لوحاتها التى كانت تبقيها بلا ألوان " أبيض و أسود " كحياتها ، إلى أن جاء الوقت الذي اختارت فيه أن تلونها، عندما ثارت على كل القيود التي كانت تكبلها ، فيقول الكاتب للمرأة من خلال روايته " يحق لك أن تشتهى ألوان الحياة .. لا تغزلى من خلالها قيودك " . و تابع قائلا : استغرقت عامين لكتابة الرواية ، بسبب البعد التاريخى الذى جعلنى أخوض عملية بحث و تمحيص كبيرة و اقرأ الكثير من الأعمال ، فتحرى الدقة هام فى تناول الأحداث التاريخية و الشخصيات الحقيقية التى تضمنتها الرواية . ظلال درية أما فيما يخص درية شفيق ، أكد الخشن أنها ظلمت تاريخيا ، بدليل أن الكثيرون لا يعرفون عنها شيئا ، لافتا إلى أن المرأة الحديثة مدينة لدرية شفيق بالكثير . و تابع قائلا : أهالوا عليها التراب بسبب خلافها مع الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ، ففى عام 1957 قام جمال عبد الناصر بوضعها تحت الإقامة الجبرية لثلاث سنوات بمنزلها، نتيجة خطاب أرسلته للأمم المتحدة، تندد بالديكتاتورية فى مصر ، و عاشت درية بعد ذلك فى عزلة شبه تامة ، بعد أن تخلى عنها الجميع خوفا من الاعتقال، وعاشت فى وحدتها، ومنعت الصحف ذكر اسمها حتى جاء نبأ وفاتها عام 1975 ، إثر سقوطها من شرفة منزلها بالزمالك. الرواية تقع فى الفترة التاريخية من 1928 إلى 1951 ، و تستعرض نشأة الحركات النسائية و سعى المرأة للتحرر فى الوقت الذى نشأت فيه جماعة الأخوان المسلمين ، و عن ذلك قال الكاتب : هذا الواقع المصرى فى تلك الفترة ، و لا أستطيع أن أذكر حدث منهم دون الآخر ، فمصر كانت قد خرجت حديثا من عباءة الخلافة العثمانية ، و كانت تسعى لتستقل ، و من الطبيعى أن يحدث الصراع بين التيار المحافظ الذى مثله الأخوان المسلمين ، و التيار المتقدم الذى تمثل فى الحركات النسائية و تحرر المرأة ، و حالة الصراع مستمرة إلى الآن بين التيارين ، و لا نستطيع أن نقول أن أحدهم صحيح بالكامل ، و من هنا ينتج التيار الوسطى . أما عن تصريحه بأن المرأة المصرية " مفترية " بشكل إيجابى ، ضحك الكاتب قائلا هى " أم الافتراء " فعندما ثارت و تحركت حركت الرجل ، و هكذا سقط الأخوان ، فكون المرأة " قوية " لا يعيبها ، و الرجل دوما يتكأ على سيدة لأن تركيبتها قوية أما و أختا و زوجة . الرواية فى عيون النقاد لفت الكاتب هشام الخشن أن أفضل نقد قرأه عن الرواية للناقدين د. صلاح فضل ، و علاء الديب ، أما عن أسوأ نقد ، فأشار أنه حتى الآن لم يسمع ما يسيئه ، و أن أكثر نقد محبب لقلبه " لماذا لم تطيل فى الرواية ؟ " ، قائلا هذا يعنى أنهم أحبوها و يريدون المزيد . أما عن تعليق " الاختزال المخل " الذى وصف به النقاد القفزات التاريخية فى تلخيص مصائر شخوص الرواية ، أكد الخشن ، أن آخر صفحتين بالرواية بعنوان " خواتيم " لا تعد اختصار مخل ، فإن تمت إزالتهم من الرواية ، لن يؤثرا بشئ ، و لكنه فضل وضعها لوجود شخصيات حقيقية فى الرواية ليعرف الناس ما حدث لهم ، مثل درية شفيق ، و أحمد السكرى الذى انشق عن جماعة الأخوان المسلمين و حذر منها ، كما وضع نهاية شخصياته الخيالية ، و قال عن تلك التقنية التى اتبعها أنها أشبه بنهاية الأفلام " الأمريكانى " . و عندما سألناه عن الجملة التى ختم بها روايته : " و ما حيواتنا إلا قصص قصيرة فأنى للرواى أن يطيلها " ، أجاب أن هذا رده على من يطالبوه بالإطالة . حكايات مصرية جدا برغم دخوله إلى عالم الكتابة منذ فترة ليست بالكبيرة ، استطاع أن يصل للأعلى مبيعا و ترشحت آخر رواياته إلى جائزة ، و بسؤاله عن سر ذلك ، أجاب قائلا : الناشر له دور كبير فيما وصلت ، و كذلك عائلتى و أصدقائى ، و أنا مدين بنجاحى لقرائى ، فلدى حوالى من 3 إلى 4 الآف قارئ دائمين كافين بالنسبة لى أن أظل أكتب . و أضاف الكاتب : في عام 2009 نشرت أول كتبي "حكايات مصرية جدا" ، و ظننت وقتها أنها ستصبح مغامرة من فصل واحد ، نجح الكتاب و نفدت 6 طبعات منه فى 6 أشهر ، فى وقتها كنت سعيد و مكتفى بما وصلت إليه ، أن يقول أحفادى يوما أن جدهم نشر كتاب . و لكن لم تغلق فصول الكتاب عند هذا الحد ، و قال لى الناشر محمد رشاد " أريدك أن تكتب رواية " .. لم أملك وقتها سوى الضحك ، متسائلا : أنا ؟؟ .. رشاد رأى فى قدرة لم أكن أراها فى نفسى ،و أنا مدين له و للدار ، لأنهم آمنوا بي واستمروا في تحفيزي ولأني أجدهم فعلا أصحاب رسالة وليسوا فقط أصحاب أعمال . أنا قارئي الأول قلت من قبل " يحمينى أنى لست كاتبا كبيرا و مشهور ، فأكتب ما أريد " ، و الآن بعد ترشيحك للجائزة ستتجه لك الأنظار بشكل أكبر منتظرة عملك القادم فبما تشعر ؟ ضحك الكاتب قائلا : سأظل أكتب ما أريد ، فليس هناك معنى أن أكتب " تفصيل " على هوى السوق ، فأنا أحترم ذكاء القارئ ، و أنا أول قارئ لى ، فأن لم أكن راضى و سعيد بما أكتب ، فلن يسعد به أحد . و أعترف أن ما كتبته مؤخرا أفضل من أوائل كتاباتى ، فأنا أفضل آخر روايتين لى عن أول روايتين ، و كذلك بالنسبة للمجموعات القصصية . الديمقراطية ذئبان وحمل وديع "حرمنا من الأدب 30 عاما " من التصريحات المثيرة للكاتب ، الذى حدثنا عنها قائلا : أن المنتج الأدبى بعد السبعينات كان شبه خاليا ، و حرمنا من صعود نجوم جدد لعالم الأدب ، حتى جاء الأديب علاء الأسوانى و غيره ، و عن قوله " الثورات دوما تنتج أدبا على مستوى عالى " قال : " مازال هذا الأدب يولد " . "الديمقراطية ذئبان وحمل وديع تتناقش في مسألة العشاء، أما الحرية فتعني أن الحمل معد ومسلح جيدا لهذه المناقشة"؟ ، جذبتنا هذه الجملة لبنجامين فرانكلين الذى استشهد بها هشام الخشن فى عمله " 7 أيام فى التحرير "، و بسؤاله عنها قال أنه أبسط تعبير عن الديمقراطية و الحرية ، فالسياسة لعبة الذئاب ، و الحمل الوديع هو الشعب ، و الحرية هى أن يقوم الحمل بترويض الذئاب ، و إلا فقد يصبح عشائهم . و أكد الكاتب أنه ليس عمله أن يعلق سياسيا ، فهو روائى عندما يريد أن يثير قضية ما يفعل ذلك من خلال كتاباته ، و عن ذكرى الثورة التى تقترب قال : أن الثورات ليست 18 يوما ، بل تستمر الثورة عقد أو عقدين ، لتشكل الحالة الجديدة للشعب ، و أن أكثر ثورة أثرت فى العالم " الثورة الفرنسية " أخذت 33 عاما لتحقق ذلك . و فى الختام حدثنا الخشن عن عمله القادم ، قائلا هناك فكرة فى ذهنى و لكنى لم ابدأ فيها بعد ، ستكون رواية اجتماعية تدور فى عصرنا الحالى ، و ليست تاريخية كسابقتها .