يطالب أنصار حماية البيئة بفرض قيود على انبعاثات الزئبق الناجمة عن إحراق جثث البشر، وذلك في إطار الضوابط الخاصة بالتلوث التي تعتزم السلطات الأوروبية مناقشتها هذا الشهر. وأظهرت البيانات التي جمعها باحثون أمريكيون أن زيادة أنشطة إحراق جثث البشر -الناشئة عن نقص الأراضي المخصصة للمقابر وغلو أسعارها- تقترن بزيادة في انبعاثات عنصر الزئبق السام الناجمة عن حرق حشوات الأسنان. وأشارت البيانات إلى أن عملية الإحراق الواحدة ينطلق منها من اثنين إلى أربعة جرامات من الزئبق في المتوسط، حسبما ورد بوكالة الأنباء "رويترز". ويرتبط الزئبق بمشاكل تتعلق بتأخر النمو العقلي وبعد إنطلاق هذا العنصر السام في الجو وسقوطه مع الأمطار يتركز في الأسماك وفي حالة وصوله لأجسام الحوامل فقد يسبب أضراراً للأجنة. وتوصل الباحثون في مجال الصحة العامة إلى أن نحو 200 ألف طفل يولدون في دول الاتحاد الأوروبي سنوياً يعانون من وجود مستويات من الزئبق بأجسامهم تمثل ضرراً على نموهم. ويقول المكتب الأوروبي لشؤون البيئة -الذي ينسق جهوده مع منظمات غير حكومية في بروكسل في جدل يثير استقطاباً متزايداً بشأن جودة الهواء- إن احراق جثث الموتى يتعين أن يخضع لمعايير جديدة خاصة بإحراق المخلفات. وتتمثل إحدى الخيارات في نزع أسنان المتوفين قبل إحراق الجثث رغم أن أنصار حماية البيئة يعترفون بأن هذا الإجراء قد يثير قضايا أخلاقية. وقال كريستيان شايبله كبير مسؤولي الساسة بالمكتب الأوروبي لشؤون البيئة: "المهم هو التعامل مع حماية الكائنات الحية في البيئة من الملوثات الخطرة". وألمانيا هي الدولة الوحيدة حتى الآن بين الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي وعددها 28 دولة التي تفرض قيوداً على الانبعاثات من الزئبق رغم أن الاتحاد الأوروبي فرض ضوابط على المحطات التي تعمل بالفحم وهو أكبر مصدر للتلوث بالزئبق. ومنعت السويد والدنمارك استخدام الزئبق في حشوات الأسنان. ومن بين بنود مسودة تشريع جودة الهواء للاتحاد الأوروبي عام 2013 وضع حدود قومية قصوى للملوثات والانبعاثات من محطات الاحتراق المتوسطة الحجم التي تضم من الناحية النظرية محارق جثث الإنسان. واقترحت المفوضية الأوروبية العام الماضي التخلي عن الأهداف القومية ومناقشة محطات الإحتراق متوسطة الحجم، وذلك بناءً على طلب من الدول الأعضاء. ويشارك المكتب الأوروبي لشؤون البيئة في مناقشة عن موضوع المخلفات مع ممثلي المفوضية الأوروبية والدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي وقطاع الصناعة خلال الفترة بين 19 وحتى 22 يناير الجاري. وعلى نحو منفصل يقترع البرلمان الأوروبي، الخميس القادم، على معارضة لخطة المفوضية لإلغاء بعض المقترحات البيئية منها ما يتعلق بجودة الهواء والمخلفات. وأظهرت بيانات من جمعية إحراق جثث البشر في بريطانيا العظمى أنه خلال عام 2012 في أوروبا كانت أعلى نسب إحراق في سويسرا الدولة غير العضو بالاتحاد الأوروبي بنسبة 85% تلتها الدنمارك بنسبة 77%.