في مشهد متكرر يعكس تحوّل برلمان المنقلب السيسي إلى أداة تصديق على قرارات إفقار المصريين، وافق مجلس النواب بسلطة الانقلاب نهائيًا، اليوم، على تعديل قانون الضريبة على القيمة المضافة، بما يشمل زيادات جديدة على أسعار السجائر وخدمات أخرى، في خطوة وصفها مراقبون بأنها حلقة جديدة في مسلسل لا ينتهي من الغلاء الذي بدأ منذ انقلاب يوليو 2013. القرار الحكومي المفاجئ، الذي أُحيل للمجلس مساء أمس فقط، أثار استياء عدد من النواب، حيث قال عبد المنعم إمام، أمين سر لجنة الخطة والموازنة، خلال الجلسة: "الحكومة كل شوية تفجر أزمة، إمبارح حادثة بنات المنوفية، والنهار ده تعديل ضريبي مفاجئ على القيمة المضافة". وانتقد إمام طريقة تمرير القوانين دون مشاورات أو دراسات كافية، خاصة أن المجلس الأعلى للضرائب لم يُعرض عليه المشروع، مضيفًا: "مش كل شوية قانون داخل فجأة، تعبنا والطريقة دي تحط المجلس في مواجهة الناس في قوانين تعمل مشاكل". لكن وزير الشؤون النيابية محمود فوزي حاول الدفاع عن الحكومة، قائلاً: إن "البرلمان"يتصدى بشجاعة لمشكلات لم تواجهها برلمانات سابقة"، مضيفًا: "هذا قدرنا ونحن نبني الدولة، ولا بد أن نمتلك شجاعة المواجهة". من جهته، برّر رئيس لجنة الخطة والموازنة فخري الفقي القرار بأنه يهدف إلى "تحقيق التوازن المالي وزيادة موارد الدولة"، مضيفًا أن التعديلات تعيد تنظيم شرائح تسعير السجائر والكحوليات، لتتماشى مع قدرة الشركات على التسعير، زيادات تشمل السجائر والكحوليات والنفط والمقاولات التعديلات الجديدة ترفع الحدود السعرية لشرائح السجائر المحلية والمستوردة، وتقر زيادات سنوية بنسبة 12% لمدة ثلاث سنوات تبدأ من نوفمبر 2025، فيما تفرض ضرائب تصاعدية على الكحوليات بنسبة 15% لثلاث سنوات، ثم 12% بعد ذلك". كما نصّت التعديلات على إلغاء إعفاء البترول الخام من الضريبة، وفرض ضريبة قدرها 10%، ضمن ما قيل إنه "تعزيز للإيرادات العامة"، وشملت التعديلات كذلك خضوع خدمات وكالات الأنباء والإعلانات وبعض أنشطة المقاولات والتشييد للضريبة، بعد أن كانت معفاة. سياسة تحميل المواطن وحده ثمن الانهيار تعكس هذه السياسات، التي تتكرر منذ سنوات، فلسفة النظام في تحميل المواطن أعباء الأزمة الاقتصادية، فيما تُمنح امتيازات واسعة لأصحاب المصانع الكبرى والشركات الأجنبية. وتأتي الزيادات الجديدة وسط تضخم مرتفع وتراجع القدرة الشرائية لملايين المصريين، في وقت لا تزال فيه الحكومة تتهرب من فرض ضرائب عادلة على الثروات الكبرى أو خفض إنفاقها على المشروعات غير الضرورية. وبينما تستمر موجات الغلاء، يبقى البرلمان شاهد زور على سياسات تُفاقم معاناة الشعب، دون أي مساءلة حقيقية، في مشهد بات معتادًا منذ تسليم السلطة للعسكر قبل أكثر من عقد.