مع مرور الوقت وتغير الأجيال، قد تغيب عن أذهان البعض رموز وطنية خالدة تحمل في طياتها معاني العطاء والانتماء؛ ويُعد النصب التذكاري للجندي المجهول واحدًا من تلك الرموز التي تجسد أسمى قيم التضحية في سبيل الوطن. الجندي المجهول هو كل مقاتل استشهد في الحرب ولم يُستدل على هويته أو شخصيته بسبب ظروف المعركة أو التشوهات الناتجة عنها، ولذلك لا يُدفن في المقابر العسكرية العادية، بل يُقام له نصب تذكاري يرمز إلى كل الشهداء المجهولين الذين ضحوا بأرواحهم دفاعًا عن الوطن. فكرة عالمية بدأت من فرنسا أُقيم أول نصب تذكاري للجندي المجهول في فرنسا عام 1920، بعد الحرب العالمية الأولى تكريمًا لجندي فرنسي مجهول الهوية دُفن أسفل قوس النصر في باريس. ومنذ ذلك الوقت، انتشرت الفكرة في مختلف دول العالم كتقليد لتخليد ذكرى من ضحوا بأرواحهم دون أن تُعرف أسماؤهم. الجندي المجهول في مصر في مصر، أُقيم النصب التذكاري للجندي المجهول في مدينة نصر على طريق النصر، وهو من تصميم الفنان سامي رافع، الذي استوحى شكل الهرم رمزًا للخلود في الحضارة المصرية القديمة. أُنشئ هذا النصب بأوامر من الرئيس الراحل أنور السادات تخليدًا لذكرى شهداء حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر 1973، وتم افتتاحه في أكتوبر 1975. فكرة إنشاء النصب التذكاري للجندي المجهول وبنى النصب من الخرسانة على هيئة هرم مجوف من الداخل، بارتفاع 33.64 مترا فى حين يبلغ عرض الحوائط عند القاعدة 13.30م.. وتبلغ سماكة حوائطه الأربعة 1.9 متر، مسجل عليها 71 اسما رمزيا، ومكعب من حجر البازلت الصلب لقبر الجندى المجهول. وبالنسبة لتفاصيل إنشاء النصب التذكارى، أطلقت وزارة الإسكان عام 1974 وأثناء أول احتفال بانتصار أكتوبر، مسابقة لتصميم النصب، تقدم لها 150 فنانا وجاءت نتيجة التحكيم بفوز التصميم الخاص بالفنان سامى رافع، والذى هو عبارة عن بناء من الخرسانة المسلحة بارتفاع 32 مترا عن سطح الأرض يجمع ما بين الحضارة الفرعونية والمتمثلة فى الشكل الهرمى والحضارة الإسلامية المتمثلة فى الكتابات المحفورة على جدرانه بالخط الكوفى بسمك 10 سم لأسماء رمزية ل71 شهيدا من شهداء الحرب متنوعة ما بين أسماء لمسلمين ومسيحيين وأسماء تنتمى لمحافظات مصر. وبعد اغتيال الرئيس السادات عام 1981، دُفن إلى جوار قبر الجندي المجهول تخليدًا لذكراه.. كما توجد نُصُب تذكارية أخرى للجندي المجهول في الإسكندرية والإسماعيلية وعدد من المدن المصرية. زيارة قبر الجندي المجهول تعد رمزًا للعرفان والتقدير، حيث يضع رئيس الجمهورية وكبار القادة أكاليل الزهور على النصب في المناسبات الوطنية الكبرى مثل ذكرى نصر أكتوبر وثورة 23 يوليو، تكريمًا لأرواح الشهداء الذين ضحوا بأنفسهم في سبيل الوطن.