بدأت العاصفة القطبية «هدى» بالانحسار في لبنان، مخلفة أضراراً جسيمة في الأراضي والبنية التحتية، في حين تستمر في الأردن مع تمديد السلطات تعليق الدراسة والعمل في الدوائر الحكومية. العاصفة القطبية التي عبرت المتوسط حملت معها كل تفاصيل العاصفة من برد ورياح عاتية تجاوزت المئة كيلومتر، وأمطارا وثلوجا لتعزل قرى وتغلق طرقات قبل أن تبدأ بالانحسار التدريجي، خاصة من لبنان وسوريا، وتفقد زخمها. بيد أن إقامتها في الأردن ستطول أكثر، ما جعل السلطات تقرر تمديد تعطيل المدارس والدوائر الحكومية لليوم الثاني على التوالي مع توقعات من الأرصاد المحلية بهطول كميات من الثلوج على العديد من المناطق، كما سببت إرباكاً في حركة الملاحة الجوية، إذ ألغيت العديد من الرحلات من وإلى الأردن. أما في لبنان، فقد بدأت العاصفة فيه اليوم السبت 10 يناير 2015 بالتراجع، وبدأت الأضرار بالتكشف، حيث أظهر ذوبان الزائر الأبيض في بعض المناطق حجم الأضرار التي سببتها "زينة"، فقد فتكت ببعض المساحات الزراعية والأشجار المثمرة واللوحات الإعلانية، كما تسببت في نفوق حيوانات، إضافة إلى الإضرار ببعض البنى التحتية. اجتياح شرق "المتوسط" وكانت العاصفة الثلجية "هدى" قد ضربت مناطق واسعة في شرق البحر الأبيض المتوسط مصحوبة بأمطار غزيرة لاسيما في لبنان، في وقت يعاني فيه اللاجئون السوريون نقصا في محروقات التدفئة والمساعدات. وأظهرت صور أمواج البحر وهي تضرب كورنيش بيروت ومناطق أخرى على طول الساحل اللبناني، وتسببت العاصفة في قطع معظم الطرق بجبل لبنان، كما ألحقت أضرارا كبيرة بشبكات الكهرباء والاتصالات. كما تسببت أيضا في تعليق الملاحة بمطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، في انتظار انحسار الرياح ليعاد فتحه مجددا وفقا لنائب مدير المطار. ويعاني حوالي مائة ألف لاجئ سوري، في عرسال شمال شرق لبنان، نقصا في محروقات التدفئة والمساعدات رغم إعلان الأممالمتحدة وهيئات إغاثية تقديم معونات قبل وصول العاصفة. أضرار ووفيات ويتواصل تأثير المنخفض الجوي "هدى" الذي يجتاح منطقة الشرق الأوسط، وأدى البرد القارس وفقدان وسائل التدفئة إلى عدة وفيات في الأردن وسوريا، بينما غرقت عشرات المنازل في غزة بفعل تهاطل الأمطار. وتوفى خمسة أطفال في مدينة دوما بريف دمشقجنوب غرب البلاد منذ بداية العاصفة الثلجية بسبب البرد ونقص الغذاء والدواء. أما في جنوب البلاد فلم يختلف الحال كثيرا حيث يواجه نازحو مخيم البريقة في ريف القنيطرة ظروفا مأساوية، فالثلج يحاصر الخيام منذ عدة أيام وسط انعدام وسائل التدفئة والوقود مع ندرة المواد الغذائية، وهو ما يعانيه الآلاف في أقصى الشمال الغربي لسوريا قرب الحدود مع تركيا. ويعيش النازحون السوريون في مخيم باب النور بريف حلب أوضاعا إنسانية صعبة بعد أن جرفت الأمطار عددا من خيامهم ومزقت الريح بعضها، مع نقص حاد في وقود التدفئة، وسوء أوضاع المخيم الذي أغلب قاطنيه من الأطفال والنساء. ويعتبر مخيم باب النور واحدا من ثلاثة مخيمات على الحدود مع تركيا، وهو يؤوي أكثر من أربعة آلاف معظمهم من الأطفال والنساء وكبار السن. وفي الأردن أسفرت العاصفة التي تجتاح المنطقة عن مقتل أردنييْن اثنين وإصابة العشرات، بينما أعلنت الحكومة مساء أول أمس الخميس حالة أقرب لحظر التجول في مختلف أنحاء البلاد، كما واصلت تعطيل الدوائر الرسمية يوم السبت مع تأجيل امتحانات الثانوية العامة. وتوفت أيضا لاجئة سورية مسنة وحفيدتها يوم أمس الجمعة تسمما بغاز التدفئة في الأردن، وذلك بعد سقوط عدة قتلى في مناطق بسوريا والملاجئ اللبنانية جراء البرد. وفي مخيم الزعتري بالأردن -الذي يضم حوالي مائة ألف لاجئ سوري لا يزال أكثر من أربعة آلاف عائلة منهم تعيش داخل خيام- يطالب اللاجئون بضرورة نقلهم إلى بيوت جاهزة تقيهم من برودة الطقس في ظل العاصفة الثلجية القوية التي تضرب المنطقة. ويشكو اللاجئون من قلة وسائل التدفئة وانقطاع الكهرباء عن أجزاء كبيرة من المخيم، حيث أدت شدة العواصف إلى اقتلاع مئات الخيام، وتم نقل من كان فيها إلى أماكن أقل ضررا. ولا تزال أكثر من أربعة آلاف عائلة منهم تعيش داخل خيام- تطالب بضرورة نقلها إلى بيوت جاهزة تقيهم من برودة الطقس في ظل العاصفة الثلجية القوية. وأدى حادث وقع بين عشر مركبات مساء أمس الجمعة على جسر الشميساني غرب عمان إلى وفاة مواطنيْن وإصابة العشرات بينهم حالة خطرة، وفق بيان لمديرية الأمن العام. وفي غزة تعرضت عشرات المنازل الفلسطينية للغرق في مدينة رفح أقصى جنوبي القطاع مساء الجمعة جراء الأمطار الغزيرة بفعل المنخفض الجوي "هدى" الذي ضرب القطاع منذ يوم الثلاثاء الماضي. وتعرض حي سكني مكون من أكثر من خمسين منزلا يقع في منطقة "جميزة السبيل" غربي مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، للغرق بشكل كامل نتيجة غزارة الأمطار وفق وكالة الأناضول. وتمكنت طواقم الدفاع المدني من إنقاذ بعض العالقين -باستخدام قوارب صيد صغيرة- بصعوبة بالغة وتعطلت مضخات سحب المياه، في حين ظل العشرات من الفلسطينيين في الطوابق العلوية من منازلهم الغارقة. وكانت عشرات المنازل الفلسطينية و"كرافانات حديدية" في مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، قد تعرضت أيضا صباح الجمعة للغرق جراء الأمطار الغزيرة. ويوم أمس الجمعة وصلت توابع العاصفة "هدى" التي تضرب المنطقة إلى شواطئ مدينة الإسكندرية بمصر، وأغرقت المياه شوارع الكورنيش وتسببت الرياح خلال اليومين الماضيين في ارتفاع أمواج البحر إلى عدة أمتار.