كشف معرض في ميونيخ خصص لرسومات الأطفال النازحين من بؤر الصراع في دول عربية مثل سوريا والعراق وفلسطين،عن مدى فداحة ما يشعرون به من خوف وإحباط واضطرابات نفسية معقدة، بسبب معايشتهم للحرب في بلدانهم. في صالة خاصة بمقر "بيت واحد للعالم " في ميونيخ تم عرض 50 لوحة لرسومات أطفال عرب مقيمين في ميونيخ، عبر فيها الصغار عما يجيش في صدورهم من استمرار الحرب والاقتتال في بلدانهم. مشاهدة الصور والمرور عليها في المعرض تصيب المشاهد بالصدمة، فكلها تحمل نفس المضمون المتمثل في صور الخراب والدمار الذي مازال يدور في مخيلة الصغار. ورسم الأطفال في معظم لوحاتهم رسوما لطائرات تحوم في الجو وهي تقصف مدنا وأحياء بالصواريخ والقنابل. وبعضهم رسم دبابات وجنودً يصوبون أسلحتهم نحو رؤوس مدنين، وآخرون رسموا جثثا علي الأرض ودماء تقطر من جرحي. والملفت أن لا أحد منهم اهتم علي الإطلاق برسم صور طبيعية جميلة يرسمها عادة الأطفال في مثل هذه السن الصغيرة. ووفق موقع "ديوتش فيلله" الألماني، سألت الطفل باسم، 11 سنه من سوريا، عن التعبير الذي يقصده في اللوحة التي شارك فيها برسم طائرات تقصف المنازل وجثث الناس ملقاة علي الأرض فقال: "لقد رأيت ذلك المشهد بنفسي وكنت خائفا جدا لأن صوت الطائرات كان قويا وصوت القنابل والصواريخ كان مرعبا." ويرغب باسم، الطفل الصغير، في أن يصبح مقاتلاً عندما يكبر ليثأر من الذين قتلوا والده وجدته في قصف عشوائي علي منازل الحي. أما والدته فتقول: "إنه يرسم صور الحرب دائما، ويلعب بمسدسات الأطفال والبنادق، إنه مازال غير منتبه للحياة المختلفة في ألمانيا، فالكوابيس تزعجه في الليل منذ أن فقد والده في الحرب، وهو دائما يميل للعزلة واللعب منفردا." ازولم كورغلو متخصصة في رعاية الأطفال اللاجئين في مكتب الرعاية الاجتماعية في ميونيخ. بعد تخرجها من الجامعة تعمل منذ سنتين في مساعدة الأطفال اللاجئين، خاصة القادمين من مناطق الحروب مثل سوريا والعراق وغيرها. وتقول عن معايشتها لهؤلاء الأطفال: "لم أكن قادرة علي تخيل مدى معاناة هؤلاء الصغار إلا عندما اقتربت منهم، فهم غالبا خائفون ويعانون من مشاكل نفسية، وتظهر عليهم أعراض مرضية مشتركه مثل الاكتئاب والعصبية الزائدة والقلق المستمر وصعوبة النوم والإجهاد، ويرتسم الحزن علي وجوههم دائما، بعضهم متمرد الطبع ورافض لكل شيء، بل ويتحول سلوكه إلى سلوك عدواني ويصبح غير مهتم بالتحصيل المدرسي." أما فرانشيسكا فايزندر المحامية الشابة فقد سلكت طريقاً آخر في مساعدة أطفال الحروب. لقد أنشأت مكتبا للاستشارات القانونية المجانية وتقول: "بعد تخرجي من الجامعة بدأت في مساعدة هؤلاء الناس ونحن نقدم الاستشارات المجانية للاجئين وأطفالهم الخاصة بالسكن وحق التعليم والعلاج في المستشفيات وغيرها. وقد زاد عدد المتطوعين في المكتب حتى وصلوا إلى 60 شخصا بينهم تسعة محامين و16 مترجما.