انسحبت التجاوزات خلال حملات الانتخابات البرلمانية في تونس إلى حملة انتخابات الرئاسة التي تنتهي اليوم الجمعة .. تجاوزات تبدأ من حيث شكل الحملات الانتخابية وتفاصيلها ولا تنتهي عند حدود أكثر خطورة على مستوى الخطاب والتجييش .. التجاوزات التي أحصتها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وجاوزت المائة مخالفة ، شملت جل مناطق البلاد ولم تقتصر على الحملات الانتخابية في تونس وحدها. وفي حديث إلى الأناضول، قال "إلياس عمو" مراقب للحملات الانتخابية من منظمة "مراقبون" الحقوقية إن "التجاوزات التي تتكرر لدى أغلبية المترشحين للانتخابات الرئاسية تتعلق بالأنشطة الانتخابية من الناحية الشكلية، مثل وضع المعلقات والملصقات الدعائية في غير الأماكن المرخص بها، أو تمزيق الملصقات الخاصة بمرشحين آخرين ، إضافة إلى استعمال بعض المرشحين في حملاتهم الدعائية لأماكن مخصصة لمرشحين آخرين. وأشار عمو إلى أن بعض المرشحين للانتخابات الرئاسية يقيمون حملات وأنشطة واجتماعات دون إعلام الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بذلك ، بما في ذلك إعلام الهيئة الفرعية بالتظاهرات المتعلقة بالحملات الانتخابية ، حيث من المفترض أن يلزم قانون الانتخابات كل المرشحين بإعلام الهيئات الفرعية بالتظاهرات قبل 48 ساعة لانعقادها وذلك لتأمينهم وبرمجتهم ، كي تقوم المنظمات الملاحظة بالاتصال بالهيئات الفرعية والقيام بمهامها بمتابعة الحملات من حيث الشكل والمضمون وفقاً لبرنامج الحملات ، مشيرا إلى أن هذا التجاوز هو الأقل تكرارا لدى المرشحين . ولفت عمو إلى أنه "على الرغم من تكرار هذا التجاوزات والمخالفات إلا أنها إجمالا لا تؤثر على جوهر سير العملية الانتخابية مقارنة بتجاوزات أكثر خطورة". من جانبه، يقسم رئيس منظمة "عتيد" الأهلية لمراقبة الانتخابات، معز بوراوي، التجاوزات المتعلقة بالحملات إلى "تجاوزات قانونية" ، وأخرى صنفتها المنظمة في باب "اللاأخلاقيات السياسية"، مفصلا الأخيرة بتلك المتعلقة باستغلال ضعف الثقافة الانتخابية بالنسبة للمواطن التونسي التي لا تزال ثقافة شابة حيز البناء. وأوضح بوراوي أنه يحدث هذا النوع من التجاوزات اللاأخلاقية عندما "يستخدم المرشحون للانتخابات لرئاسية في حملاتهم الانتخابية مثلا الأدوات والحجج التي ليست من ضمن صلاحيات رئيس الجمهورية ، كأن يعد المرشح الناخبين بإصلاح المنظومة التعليمية أو إصلاح منظومة الصحة والمواصلات والبيئة و الثقافة غيرها" ، مشيرا إلى أن الجميع يعلم أن الدستور التونسي الجديد لم يقر هذه الصلاحيات لرئيس الجمهورية ، المحصورة فقط في الأمن القومي والعلاقات الدبلوماسية الأخرى ، أما باقي صلاحيات الرئاسة فإنها تتم بالتشاور مع رئاسة الحكومة " وبالتالي تمثل هذه الوعود من قبل المرشحين "نوعا من الاستهزاء بالناخب التونسي". ولفت بوراوي إلى مسألة استغلال الأطفال في الحملات الانتخابية بما فيها ارتداء الأقمصة الخاصة بالأحزاب السياسية والناخبين واستخدام الأطفال لتوزيع المنشورات ، يمس من نزاهة الطفل وبراءة الطفولة وتحدث وراوي للأناضول عن تجاوزات القانونية أعتبرها أكثر خطورة وفي مقدمتها "تشنج الخطاب السياسي الحالي لدى بعض المرشحين، والذي يحرض أحيانا على العنف بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، فضلا عن التحريض على التصويت بناء على الجهويات و"العروشية" (القبلية) في تونس". وقال بوراوي : "كنا نتصور أن هذا الموضوع بات وراءنا منذ عقود ، ومن المعيب أن يعود إليه البعض في أول انتخابات رئاسية في تونس من بعد الثورة " مشيرا إلى أنه هذا الخطاب ولَّد من جديد، وأفاق من جديد بعض "الميلشيات" المنتمية إلى بعض الأحزاب ، وهذه التجاوزات تشكل مخالفات كبرى تؤثر على الأمن الانتخابي. وطالب بوراوي الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بالتدخل الفوري والسريع لوضع حد لمثل هذا التجاوزات التي قد تعكر الجو الأمني للمناخ الانتخابي ، مطالبا أيضا الأطراف السياسية بالوقوف على مثل هذا الخطاب. وأشار بوراوي إلى نوع آخر من التجاوز القانوني الذي يحمل نوعا من الخطورة لتأثيره بشكل مباشر أو غير مباشر على نتائج الانتخابات، ويتمثل في الظهور الإعلامي لبعض المرشحين على حساب مرشحين آخرين لدى القنوات والإذاعات المحلية خاصة تلك التي تتمتع بجماهيرية واسعة ، ما يمثل خرقا واضحا وصريحا لمبدأ المساواة بين جميع المرشحين، داعيا الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وهيئة الاتصال السمعي البصري للتدخل السريع والفوري وأخذ قرارات في هذا الإطار. ولفت بوراوي أن التقارير التي أنجزت في هذا الشأن أظهرت تباينا شاسعاً وكبيراً جدا بين المرشحين وصل لفارق 25 ساعة ظهور إعلامي بين بعض التنافسين في سباق الرئاسة . رد الهيئة المستقلة للانتخابات بدا حاسما من خلال تصريح عضو الهيئة خمائل فنيش لوكالة الأناضول بإحالة أكثر من عشرين ملفا علي أنظار القضاء و النيابة العمومية في تونس بعد استيفاء مرحلة الإنذارات التي وجهتها الهيئة للمخالفين، وذلك من أكثر من 100 مخالفة او تجاوز احصتها الهيئة.