صدر عن دار الأوبرا المصرية تسع مجلات عن مهرجان الموسيقى العربية ال23، الذي اختتم فعالياته الأحد الماضي، تضمنت حوارات مع كافة الفنانين اللذين أحيوا حفلات المهرجات، بالإضافة إلى المسئولين عنه، برئاسة تحرير محمد منير المعداوي. قال وزير الثقافة د. جابر عصفور في مقدمة المجلات أن إحساس رائع أن نحتفل بكل ما هو عربي عبر الموسيقى، خصوصا في وقت تواجه فيه الأمة العربية تحديات وحدتها وتماسكها. والموسيقى العربية تعبر عن أجمل مفردات الثقافة العربية رغم غيوم الانقسامات الاجتماعية والسياسية.. وقد أثبتت الموسيقى العربية عبر تاريخها الطويل في فاعلياتها الفنية القدرة على توحيد العرب في لحظات شعورية استثنائية تفوق ما يمكن أن تحققه السياسة في سنوات!. كما تضمنت الصفحة الأولى من التسع مجلات إحدى وصايا د. رتيبة الحفني الذي تأسس على يدها مهرجان الموسيقى العربية عام 1992 من بينها: "لابد لكل المتعلمين والمشتغلين بالموسيقى أن يهتموا ويدققوا طويلا في الغذاء العقلي والوجداني الذي تبثه أجهزة الإعلام في قنواتها المختلفة.. فجزء من هذا الغذاء مغشوش حاليا"، "إلى جمهور الطرب.. هناك العديد من الأغنيات الركيكة المعنى والساذجة اللحن والمؤداة بأصوات منكرة للآذان، تخدش الحياءأحيانا، تقدم في طبق من ذهب للمستمع المسكين الذي لاحول له ولا قوة عن طريق أجهزة الإعلام والكاسيتات المبيعة على الأرصفة وفي المحال العام". ومن الفنانين الشباب اللذين شاركوا للمرة الأولى في المهرجان قال المطرب اللبناني أحمد حسين، في حواره مع حمدي طارق وعلاء عادل، أن الفن وطن يتحدث بلسان البلدان العربية، كما قال المطرب السعودي محمد هاشم أن كل فنان يحلم بأن يغني على أرض مصر أم الدنيا ومنبر الثقافة. وأضاف العراقي عامر توفيق أن الأوبرا هي السبيل الوحيد للفن الجاد في المرحلة الحالية. وأكدت مروة ناجي، ضمن الحوارات التي أجراها حمدي طارق في المجلات، أنها اختارت الأصوات المشاركة في الأوبريت الذي قدمته بالمهرجان من أصدقاء رحلة برنامج أكتشاف المواهب "ذا فويس"، وقالت عن تجربتها بالبرنامج أنها كانت تجربة ناجحة بكل المقاييس، فرغم أنها لم تفوز، إلا أنها عرفتها على جمهور الدول العربية، وبعد مشاركتها به رأت ترحابا كبيرا في كل دولة عربية توجهت إليها. وأكدت أنها ستحرص في ألبومها الجديد الذي تعمل عليه حاليا على تقديم الاغنية المصرية مع التطوير الذي يناسب الفكر الجديد للأجيال الموجودة حاليا، مع تفكيرها في تقديم أغنية من أغاني التراث الموسيقي بشكل وتوزيع جديد. وأوضح الفنان العراقي نصير شمة أن فكرة الأوبريت الذي افتتح به المهرجان واجه مشكلة في التكلفة ولذلك اقترح بأن يكون العمل بالكامل إهداء من صناعه للمهرجان؛ لأنه كان من الضروري أن يكون حفل الافتتاح جديد بأكمله. وقال أن أزمة صناعة الأغنية تتلخص في الإنتاج، والأغنية صارت عبارة عن "فيديو كليب" بهدف تجاري. واعتبر أن انتقاله للحياة في مصر من أهم المحطات في مشواره الفني. أما الشاعر الغنائي إبراهيم عبدالفتاح فقال أننا أصبحنا ننظر للموسيقى والغناء على أنهما كماليات، لكن لابد أن يعي الجميع أن الأغنية ساعدت على بناء الحضارات وتخطي المحن للعديد من دول العالم. وأكد الفنان خالد سليم أن الراحلة د. رتيبة الحفني أول من قدمه للمهرجان، وقال أنه يتشرف أمام الجميع بالغناء في المهرجان؛ لأن الغناء بدار الأوبرا المصرية يتطلب أن يكون المطرب على قدر عال من الموهبة. موضحا أن غيابه السنوات الماضية عن سوق الكاسيت بسبب الأحداث الصعبة التي تمر بها مصر والتي جعلت المنتجين يتوقفون عن العمل خوفا من الخسارة. مشيرا إلى أنه انتهى من تسجيل معظم أغاني ألبومه الجديد، وسيقوم بتسجيل الأغنية الأخيرة الفترة القادمة. أما الفنان مدحت صالح فقال أنه يحلم بالغناء لأهل سيناء وصرح بأنه انتهى بالفعل من تسجيل جميع أغاني ألبومه الجديد، كما قام بتسليم الماستر للشركة المنتجة، وسوف يحدد قريبا موعد نهائي لطرح الألبوم؛ حيث كان الانتظار حفاظا على شعور الناس ونوعا من المشاركة في الحداد على شهدائنا. وقال الفنان محمد الحلو أنه قرر العودة إلى مصر بعد رحيله إلى دبي خلال عام حكم الجماعة الإرهابية، وأنه قرر الغناء في معهد الموسيقى العربية بدلا من المسرح الكبير بالأوبرا لأن هذا المعهد درس فيه ولكي يدرك الناس مدى القيمة التاريخية لهذا المعهد، فهذا المعهد وقف عليه موسيقار الأجيار محمد عبد الوهاب وكثير من عمالقة الغناء في تاريخ مصر. وأشار الحلو إلى أن سوق الكاسيت يمر بوعكة كبيرة وهي القرصنة الإلكترونية، ولابد من إحكام السيطرة على هذه المواقع وإغلاقها أو التحميل بمقابل مادي. وقالت المغربية فدوى المالكي، في إحدى الحوارات التي أجرتها دينا دياب، أن المهرجان هو "برستيج الطرب"، وحلم كل فنان عربي أن يقف أمام الجمهور المصري السميع الذي لايزال يسمع الطرب الأصيل والتراث العربي. وأكدت جيهان مرسي مديرة المهرجان أن الإعلام مقصر في حق الأوبرا، وقالت أن أهم ما يميز المهرجان هذا العام التواجد العربي بهذا الشكل فلم يعد ينظر الفنانون لمصرعلى أنها منبع الفنون بقدر نظرتهم على أنها دولة مؤثرة في مسار دول المنطقة فنيا وسياسيا. أما عن الصعوبات التي واجهتها في المهرجان فقالت جيهان هي ظاهرة اعتذار الفنانين المصريين عن المشاركة بعد ترحيبهم به، وذلك بعد بدء الخطوات التنفيذية، أو المبالغة في أجورهم. وتمنت أن يكون للأوبرا قناة خاصة بها وهذا بصدد الدراسة. وقال هاني عامر أن الغناء لكبار النجوم يجعلهم منافسين لهم، فهو لا يقلد فنان ولكن يقدم أغاني بإحساسه الذي يصل للجمهور بسهولة. وأكدت د. إيناس عبدالدايم أن بعد استقرار وضع مصر فوجئت ببعض الفنانين العرب يريدون المشاركة، وهذا يؤكد المردود الفني والسياسي، ويشجع السنوات القادمة على استضافة عدد أكبر من الفنانين. مشيرة إلى أنه بمجرد الإعلان عن تذاكر حفلات هذه الدورة بعد حالة الحداد التي عاشتها مصر فوجئت أنه أكتمل بيع جميع التذاكر بعد ثلاث ساعات فقط، وهذا دليل على وعي الناس بأهمية الأوبرا، وأنه رغم محاولات البعض زيادة أسعار التذاكر إلا أنها أصرت أن يكون سعر التذكرة في متناول الجميع، ورفضت استغلال نجاح المهرجان لأن الدخل لن يغطي تكلفته لكنها راهنت على الإقبال القوي. وأضافت د. إيناس أن كل شهر يتم اختيار حفل مميز ويخصص دخله لصندوق "دعم مصر"، وتم تخصيص تذاكر حفل "آمال ماهر" هذا الشهر للصندوق، فعلى مدى الشهور حققت الأوبرا الكثير في الصندوق وسيستمروا. مشيرة إلى أن هناك مشروع ضخم لتنظيم "أوبرا عايدة" في الهرم تتبناه دولتا لاتفيا وإيطاليا في ديسمبر القادم، والأوبرا ستشارك فيه فقط بالكورال والمجاميع والتجهيزات، أما النجوم فجميعهم من الخارج. وقالت الفنانة مي فاروق أن المهرجان صنع نجوميتها وأن الفن المحترم والأصوات الأصيلة مظلومة إعلاميا، وأنها تحرص على حضور حفل أنغام في المهرجان. مؤكدة أنها ترفض بشدة التقديم في مسابقات اكتشاف النجوم. وأكد الفنان ماجد سرور عازف "القانون"، أن آلة "القانون" هي دستور النغم في التخت الشرقي، كما أنها آلة قيادية، وأصبحت تفرض نفسها الآن على الأغاني الشبابية، وأن عمرو دياب استعان به في أغنية "عودوني" ليكون دوره مؤثرا في الأغنية. وأكد المطرب السوري بدر رامي، في إحدى الحوارات التي أجراها علاء عادل في المجلات، أن الجمهور أكثر تفاعلا مع لهجته السورية، وذلك لوجود تقارب روحي بين الدول العربية وبعضها؛ فالألحان كلها شرقية أصيلة حتى في المقامات الموسيقية، وهذا التقارب الروحي يساعد الأذن على استقبال هذا النوع الموسيقي بكل محبة. كما أن جميع الموشحات بكل الدول أصلها أندلسي، وبعد تفكك الأندلس نالت الموشحات التي دخلت المغرب روحا من الثقافة المغربية، وما دخل مصر وسوريا أصبح لها طابع شرقي. وقال الفنان عماد عاشور أمهر عازفي آلة "التشيللو" أن تلك الآلة تغني بإحساس العازف، فلكي يصل ذلك للجمهور يجعل الآلة تعزف كما يشدو المطرب حتى يقتنع المستمع أن الآلة تغني، ومثلما قال من سبقوهم أن اليد اليسرى تقدم نغمات واليمنى يصدر عنها مخارج الألفاظ؛ لذلك فالآلة تغني ولكن بمذاق خاص. وفي حواره مع محمود مصطفى أكد الفنان عمرو سليم أشهر عازفي آلة البيانو في مصر، أن مشاركته في مهرجان الموسيقى العربية بمثابة عيد بالنسبة له، وقال أنه دائما ما يعشق عزف الأغاني والمقطوعات الموسيقية القديمة التي لها ذكريات عديدة وجميلة بالنسبة له. واحتفت المجلة بالكاتب الراحل أحمد رجب، وفنان الكاريكاتير الراحل مصطفى حسين؛ حيث خصصت لهما الصفحة الأخيرة من كل مجلة لإعادة نشر مجموعة من أعمالهما، واحدة من "نص كلمة" وكاريكاتير لمصطفى حسين، والذي تم نشرهما في جريدة "أخبار اليوم" سابقا، معتبرين أنهما كانا لسان حال الشعب يعبران عنه في أحزانه وأفراحه ولذلك تم الاختيار أن يكونا معنا تخليدا وتقديرا لهما.