عضو «تشريعية النواب»: قانون الإجراءات الجنائية يعزز الثقة في التوجه الحقوقي للدولة المصرية    محافظ المنوفية يتابع جهود إزالة التعديات على مجرى نهر النيل بنطاق المحافظة    البابا تواضروس الثاني يستقبل سفيرة المجر    عاجل- رئيس الوزراء يلتقي وزراء الصحة والتعليم بعدد من الدول خلال المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية    «إنفنيتي باور» تحصل على تمويل من «أبسا المالية» بقيمة 372 مليون دولار    سفير سنغافورة بالقاهرة: قدمنا أكثر من 24 مليون دولار كمساعدات لغزة    هبة التميمي: المفوضية تؤكد نجاح الانتخابات التشريعية العراقية بمشاركة 55%    كأس العالم للناشئين| مشوار مصر وسويسرا قبل مواجهة الجمعة في دور ال 32    الزمالك يسعى لإنهاء إجراءات إقامة اللاعبين الأجانب قبل السفر لجنوب أفريقيا    مواعيد مباريات ملحق إفريقيا المؤهل لكأس العالم 2026.. والقنوات الناقلة    وباء الشوارع.. كيف تحول «التوك توك» من حل للأزمة إلى مصدر للفوضى؟    هميلي: قلبي اختار مصر.. وتحقق حلمي بعرض «اغتراب» بمهرجان القاهرة السينمائي    بطريقة طريفة.. أسماء جلال تحسم جدل ارتباطها بعمرو دياب    وزير الصحة والكيماويات والأسمدة الهندي يعقد لقاءات رفيعة المستوى في القاهرة    ستاندرد بنك يعلن الافتتاح الرسمى لمكتبه التمثيلى فى مصر    وزير الاستثمار: مصر ضمن أفضل 50 اقتصاداً فى العالم من حيث الأداء والاستقرار    بحماية الجيش.. المستوطنون يحرقون أرزاق الفلسطينيين في نابلس    جنوب سيناء.. تخصيص 186 فدانا لزيادة مساحة الغابة الشجرية في مدينة دهب    بعد شكوى أولياء الأمور.. قرار هام من وزير التعليم ضد مدرسة «نيو كابيتال» الخاصة    19 ألف زائر يوميًا.. طفرة في أعداد الزائرين للمتحف المصري الكبير    بعد افتتاح المتحف المصري الكبير.. آثارنا تتلألأ على الشاشة بعبق التاريخ    محمد صبحي يطمئن جمهوره ومحبيه: «أنا بخير وأجري فحوصات للاطمئنان»    أسعار الفراخ والبيض اليوم الأربعاء 12 نوفمبر 2025 بأسواق الأقصر    موعد نهائي كأس السوبر المصري لكرة اليد بين الأهلي وسموحة بالإمارات    الغرفة التجارية بمطروح: الموافقة على إنشاء مكتب توثيق وزارة الخارجية داخل مقر الغرفة    حجز محاكمة متهمة بخلية الهرم لجسة 13 يناير للحكم    أثناء عمله.. مصرع عامل نظافة أسفل عجلات مقطورة بمركز الشهداء بالمنوفية    ذكرى رحيل الساحر الفنان محمود عبد العزيز فى كاريكاتير اليوم السابع    الرئيس السيسي يصدق على قانون الإجراءات الجنائية الجديد    نجم مانشستر يونايتد يقترب من الرحيل    رئيس الوزراء يتفقد أحدث الابتكارات الصحية بمعرض التحول الرقمي    «المغرب بالإسكندرية 5:03».. جدول مواقيت الصلاة في مدن الجمهورية غدًا الخميس 13 نوفمبر 2025    عاجل- محمود عباس: زيارتي لفرنسا ترسخ الاعتراف بدولة فلسطين وتفتح آفاقًا جديدة لسلام عادل    وزير التعليم: الإعداد لإنشاء قرابة 60 مدرسة جديدة مع مؤسسات تعليمية إيطالية    الرقابة المالية تتيح لشركات التأمين الاستثمار في الذهب لأول مرة في مصر    أمم أفريقيا سر بقاء أحمد عبد الرؤوف في قيادة الزمالك    انهيار عقار بمنطقة الجمرك في الإسكندرية دون إصابات    وزير دفاع إسرائيل يغلق محطة راديو عسكرية عمرها 75 عاما.. ومجلس الصحافة يهاجمه    «عندهم حسن نية دايما».. ما الأبراج الطيبة «نقية القلب»؟    منتخب مصر يخوض تدريباته في السادسة مساء باستاد العين استعدادا لودية أوزبكستان    عاجل- رئيس الوزراء يشهد توقيع مذكرة تفاهم بين مصر ولاتفيا لتعزيز التعاون فى مجالات الرعاية الصحية    اليابان تتعاون مع بريطانيا وكندا في مجالي الأمن والاقتصاد    «العمل»: التفتيش على 257 منشأة في القاهرة والجيزة خلال يوم    إطلاق قافلة زاد العزة ال71 بحمولة 8 آلاف طن مساعدات غذائية إلى غزة    الحبيب الجفرى: مسائل التوسل والتبرك والأضرحة ليست من الأولويات التى تشغل المسلمين    دار الإفتاء توضح حكم القتل الرحيم    ما الحكم الشرعى فى لمس عورة المريض من قِبَل زوجة أبيه.. دار الإفتاء تجيب    المشدد 15 و10 سنوات للمهتمين بقتل طفلة بالشرقية    السعودية تستخدم الدرون الذكية لرصد المخالفين لأنظمة الحج وإدارة الحشود    القليوبية تشن حملات تموينية وتضبط 131 مخالفة وسلع فاسدة    قصر العينى يحتفل بيوم السكر العالمى بخدمات طبية وتوعوية مجانية للمرضى    «لو الطلاق بائن».. «من حقك تعرف» هل يحق للرجل إرث زوجته حال وفاتها في فترة العدة؟    اليوم.. عزاء المطرب الشعبي إسماعيل الليثي    تطورات جديدة في مفاوضات ديانج والأهلي.. شوبير يكشف التفاصيل    وزير الخارجية يعلن انعقاد المنتدى الاقتصادي المصري – التركي خلال 2026    «وزير التنعليم»: بناء نحو 150 ألف فصل خلال السنوات ال10 الماضية    18 نوفمبر موعد الحسم.. إعلان نتائج المرحلة الأولى لانتخابات النواب 2025 وخبير دستوري يوضح قواعد الفوز وحالات الإعادة    دعاء الفجر | اللهم ارزق كل مهموم بالفرج واشفِ مرضانا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قماشة بيضاء
نشر في محيط يوم 03 - 11 - 2014

فى كل لحظة أعيشها ..وفى كل خطوة أخطوها..يتغير مفهومي تجاه الحياة, ففى طفولتي كانت أثقل همومي هى خوفى من "الأستاذ أو الأبله" فى المدرسة أو رفض أمي الذهاب للعب مع رفاقي..وأعترف إنني كرهت طفولتي كثيراً عندما كنت أرى رفاقى يكتبون باليد اليمنى..وأنا وحدى من تكتب باليسرى.
فقد كنت فتاه مرهفة الحس..تبكى من أقل شئ..وأتذكر شعوري بالظلم لأول وهلة فى حياتى..عندما كنت ألعب مع "ابن الجيران" فى الشارع ,بجانب عجلة جارنا"عم حميدو" وكانت هذه العجلة محكمة بصندوق من حديد..وكان يوجد على الأرض "قلة مكسورة" نلعب ببقاياها فى الطين كعادة الأطفال..
وإذا بهذا الصبي يتهيأ للوقوف..فاصطدمت رأسه بطرف الصندوق الحديد بقوة شديدة..فارتفع صراخه حتى ملأ أنحاء الشارع ..وأخذ يعدو ناحية منزله...وهو يصرخ لكى يستنجد بأمه, وأنا مازلت واقفة مكانى مذعورة...عندما رأيت الدماء تسيل من رأسه..وعندما اختفى الصبي..أسرعت بالدخول إلى العمارة التى كنا نقطن فيها.. وأول ما فعلته عندما عبرت باب الشقة اختبأت "تحت السرير"
ولا أعلم لما اختبأت وأنا لم أفعل شئ!!! إنه من اصطدم بالصندوق ولستُ أنا من صدمته به..وبعد لحظات سمعت أصوات ضجيج عالية.....آتيه من ناحية باب الشقة وإذا بوالدة الصبى تطرق باب شقتنا... فقد كانت امرأة ضخمة البنيان..غليظة الصوت..
ثم قالت لأمي: "ينفع كده بنتك الصغيرة تفتح دماغ الواد بالقلة ويجى سايح فى دمه", وأنا مازلت مختبئة "تحت السرير" أسمع دقات قلبى المضطربة من شدة الخوف!!
وعندما غادرت والدة الصبي الشقة..كان عقاب أمي لي هو تحدثها معى بعنف وقسوة قائلة: "فتحتى دماغ الواد ليه؟؟" وفى الحقيقة كانت أمى فى غاية الدهشة عندما عرفت ذلك,فهي تعلم أننى فتاه مطيعة وهادئة بطبعي وأكره الاذى لاى أحد..فكيف فعلت ذلك؟!
وحينها شعرت بالعجز ...فلا أعلم لما لم أدافع عن نفسى وقتها والتزمت الصمت!! ومازالت أسرتي حتى هذه اللحظة التي أكتب فيها تدرك "أنني من كسرت القلة على دماغ الصبي" ولكن قلمي قد أعتاد أن يفصح عما بداخل قلبي..وها هو يفعل الآن
وبعد أن قابلت ذلك الطفل أدركت أن قد أخطأت عندما كرهت طفولتى يوماً ما..
فقد كان جالساً على الأرض فى إحدى محطات المترو..وأمامه قماشة بيضاء فوقها "مناديل" ثم تقدمت نحوه سائلة:-
ما أسمك؟؟ فأجاب.."نادر خليل"
فقلت له..أزيك يا نادر فأجاب.."الحمد لله كويس"
ثم سألته: كم عمرك؟؟ فأجاب..."12 عاماً"
فقلت له:فى أى سنة أنت فى المدرسة؟؟ فقال.."أنا ما دخلتش المدرسة خالص"
فقلت: لماذا؟؟....فقال لى "أبويا ماقدمش ليا فى المدرسة"
ثم سألته: وما الذى جعلك تخرج لبيع المناديل ومازلت طفلا صغيراً؟؟....فأجابنى: "عشان أصرف على أخواتي"
وحينها شعرت أننى أتحدث إلى رجلاً ناضجاً...يسعى لكى يكفى احتياجات زوجته وأولاده
وظننت أنه يتيم الأب والظروف قد أجبرته على الخروج لبيع المناديل...
ومن هنا وجهت سؤالى: هل والدك على قيد الحياة؟؟.. واندهشت عندما قال لى "نعم"
واستمررت فى حديثى قائلة:ولماذا لا يعمل هو ؟؟
فقال: "أصل ابويا بقاله كتير مش بيشتغل عشان تعبان..هو كان شغال فى الجبس والأسمنت وجاله تعب فى صدره..وكمان هو بيشرب سجاير..لقى نفسه تعب قعد فى البيت"
ثم سألته: وهل هو من أمرك ببيع المناديل؟؟
فقال" لا أنا اللي نزلت أبيع من نفسى عشان اصرف على أخواتي"
فقلت له: هل والدتك موجودة؟؟...فقال: "نعم"
"فهى تعمل بائعة ذرة..وزى ما أنتي عارفة الشغلانة دى مش بتكسب كتير"
ثم سألته: هل لديك أشقاء؟؟..فأجاب.."عندى زينب أصغر منى كانت بتبيع معايا وبطلت تيجى وديحة وفرحه وبهجت..وأنا اكبر واحد فيهم "
فقلت له: ما المبلغ الذى تحصل عليه من بيع المناديل في اليوم؟؟
فأجاب"30 أو 35 جنيه"
وكان سؤالي الأخير لنادر... ما هى أمنيتك فى الحياة؟؟
فأجابني: "نفسي أروح المدرسة أوى...أنا ليا ابن خالي أمه بتوديه المدرسة وهو مش عايز يروح"
وهنا أدركت إحساس نادر بالنقص بسبب عدم التحاقه بالمدرسة كباقي الأطفال..
هكذا رأيت طفولة "نادر" كالماء الذي انحدر على لوح رخام مائل لم تتعلق به قطرة ماء واحدة!!
ومازلت أنا أرى طفولتي "كفتات الأرز الذي يشقى به العمش وأنصاف العمى"


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.