يأتي انعقاد قمة زعماء دول مجموعة العشرين التي استهدفت اتخاذ موقف مشترك جديد في مواجهة تداعيات الأزمة العالمية وذلك في الوقت الذي بدأت تظهر فيه بعض بوادر التعافي للاقتصاد العالمي وان كان في إطار محدود للغاية بعد مرحلة صعبة من الانكماش الحاد. فهناك مظاهر التحسن النسبي في أداء بعض الاقتصاديات الصناعية الكبرى والناشئة وهو ما يعد مؤشرا على حدوث تراجع في سرعة معدلات انكماش الاقتصاد العالمي . ولعل أهم تلك المؤشرات ذلك الانتعاش الذي شهده السوق العقاري الأمريكي خلال فبراير الماضي رغم استمرار ضعف حركة الائتمان لتسجل مبيعات المساكن ارتفاعا في الوقت الذي شهدت فيه الطلبيات على السلع المعمرة انتعاشا أيضا . وفيما يتعلق بأداء ثالث اكبر اقتصاد في العالم فقد قفزت حركة الاستثمارات على مستوى المناطق الحضرية في الصين بحوالي 26.5 % خلال أول شهرين من العام الحالي . وفي ألمانيا ارتفع مؤشر ثقة المستثمر خلال الشهر الماضي لأعلى مستوى له منذ يوليو 2007 . وتشير الإحصائيات إلى انه على مستوى البورصة الأمريكية فقد حقق مؤشر ستاندرد آند بورز 500 خلال الشهر الماضي أعلى ارتفاع له منذ سبعة أعوام كرد فعل من السوق لإجراءات التحفيز الاقتصادي الأخيرة التي تبنتها كل من الحكومة الأمريكية وبنك الاحتياط الفيدرالي بفاتورة إجمالية تصل لنحو 12.8 تريليون دولار . ورغم بوادر التحسن في أداء بعض الاقتصاديات ، إلا انه مازال هناك الكثير من المؤشرات التي تنذر باستمرار التأثيرات السلبية للأزمة الاقتصادية الراهنة حيث حذر البنك الدولي من " أزمة بطالة " في الوقت الذي من المتوقع أن تعلن فيه وزارة العمل الأمريكية من ارتفاع البطالة في الولاياتالمتحدة لأعلى مستوياتها منذ حوالي ربع قرن . ففي ضوء استمرار نزيف الوظائف على مستوى أسواق العمل في العديد من دول العالم أشار تقرير لشبكة " بلوم برج " الإخبارية إلى أن التحدي بالنسبة لدول مجموعة العشرين سيكون من خلال النجاح في الانتقال من مرحلة المؤشرات التي ترجح أن أسوء ما في الأزمة قد تم تجاوزه إلى مرحلة التيقن من أن انتعاش وتعافي الاقتصاد العالمي قد تحقق بشكل كامل . ويرى الاستير نيوتون المحلل السياسي لدى مؤسسة " نومورا اينترناشيونال " أن مع استمرار المؤشرات السلبية المتعلقة بأرقام البطالة فإن دول مجموعة العشرين ستظل مطالبة بالتحرك لاحتواء تداعيات الأزمة العالمية الراهنة . وقد أقر زعماء دول مجموعة العشرين العمل على التصدي للكساد الاقتصادي العالمي من خلال تخصيص تريليون دولار توجه كسيولة مالية لصندوق النقد الدولي وتمويل حركة التجارة الدولية، غير أنه لم يتم الإعلان عن طرح أي برامج أو خطط تحفيز اقتصادي جديدة. وأشار جوردن براون رئيس الوزراء البريطاني خلال مؤتمر صحفي مع نهاية أعمال قمة دول مجموعة العشرين إلى أنه يمكن تدبير نحو ألف مليار دولار لمواجهة الأزمة المالية الراهنة يوجه منها 750 مليار دولار لتمويل صندوق النقد الدولي و 250 مليار دولار لتمويل التجارة. مؤكدا التزام دول المجموعة والتي تشكل اقتصاديتها نحو 80% من إجمالي الاقتصاد العالمي باتخاذ الإجراءات الضرورية لضمان عودة النمو الاقتصادي والحفاظ على فرص العمل. وأضاف براون في تصريحاته التي أوردتها صحيفة ال "فايناشيال تايمز" عبر موقعها الاليكتروني إلى أنه سيكون هناك توجه عالمي مشترك نحو تخليص ميزانيات البنوك من الأصول المتعثرة غير أنه لم يكشف عن التفاصيل. ومن المرجح أن تتأتى بشكل جزئي الأموال الجديدة الموجهة لصندوق النقد الدولي بهدف مساعدة الدول الفقيرة والدول الأكثر تضررا من الأزمة وذلك من خلال القروض المقدمة من الدول الأعضاء والبالغ قيمتها 500 مليار دولار ، وأشار براون إلى أن 100 مليار دولار ستقدم من جانب كلا من اليابان والاتحاد الأوروبي و 40 مليار دولار من الصين. وسيكون متاحا 250 مليار دولار أخرى وذلك في ضوء اتجاه صندوق النقد الدولي لإرساء حقوق سحب خاصة جديدة.