أقر الرئيس السوداني عمر البشير بحدوث "عثرات" في عملية الحوار التي دعا لها في يناير / كانون الثاني الماضي وقاطعتها غالبية فصائل المعارضة، لكنه أكد في الوقت نفسه أن العملية ستبلغ غايتها للتأسيس ل"الحكم الرشيد". وجدد البشير، خلال مخاطبته الجلسة الافتتاحية للمؤتمر العام الرابع لحزب المؤتمر الوطني الحاكم والذي يترأسه أيضا اليوم الخميس، دعوته للحركات المسلحة للانخراط في عملية الحوار. وقال البشير "نؤكد التزامنا بأن نبلغ بالحوار الوطني غاياته وذلك يتطلب أن يسمو الجميع فوق المصالح الشخصية والحزبية الضيقة". وترفض غالبية أحزاب المعارضة والحركات المسلحة دعوة الحوار وتشترط لقبولها إلغاء القوانين المقيدة للحريات ووقف الحرب وتشكيل حكومة إنتقالية تشرف على صياغة دستور دائم وإجراء انتخابات حرة ونزيهة. ولا يوجد الآن حزب معارض ذو تأثير منخرط في عملية الحوار، باستثناء حزبي المؤتمر الشعبي، الذي يتزعمه الإسلامي حسن الترابي، والإصلاح الآن وكلاهما منشقان عن الحزب الحاكم. وتحاشى البشير التطرق إلى الشروط التي تضعها أحزاب المعارضة والحركات المسلحة لقبول دعوة الحوار بشكل صريح لكنه أكد التزامه بإعلان مبادئ تم التوقيع عليه في أديس أبابا في سبتمبر (أيلول) الماضي برعاية أفريقية يمهد لانطلاق الحوار بمشاركة الحركات المسلحة. ووسط تعثر عملية الحوار وسعي الاتحاد الأفريقي في أغسطس (آب) الماضي تفويض الوسيط ثابو أمبيكي رئيس جنوب أفريقيا السابق ليشمل المساعدة في إنجاح عملية الحوار الوطني بجانب وساطته بين الخرطوم وجوبا والخرطوم ومتمردي الحركة الشعبية قطاع الشمال الذين يحاربون الحكومة في مناطق متاخمة لجنوب السودان. وتعمل الحركة الشعبية مع ثلاث حركات تحارب الحكومة في إقليم دارفور غربي البلاد منذ 2003 في تحالف باسم الجبهة الثورية منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2011 . ووقع الصادق المهدي، زعيم حزب الأمة القومي أكبر أحزاب المعارضة، في أغسطس الماضي في العاصمة الفرنسية باريس اتفاقا مع الجبهة الثورية حوى شروطا مشتركة لقبول دعوة الحوار وحذرا فيه الحزب الحاكم من اللجوء لخيار الانتفاضة الشعبية ما لم يستجب لشروطهم. وفقدت عملية الحوار زخمها بانسحاب المهدي منها في مايو (أيار) الماضي احتجاجا على اعتقال السلطات له قبل الإفراج عنه بعد قرابة الشهر. وبعد أيام من المشاورات في الأسبوع الأول من سبتمبر الماضي وقع أمبيكي بأديس أبابا مع مجموعة إعلان باريس وآلية (7+7) والتي تضم ممثلين للحزب الحاكم وأحزاب المعارضة التي قبلت دعوة الحوار إعلان مبادي للحوار الوطني. واستجاب إعلان المبادئ الذي وقع عليه كل طرف على حدة مع أمبيكي لبعض مطالب المعارضة مثل كفالة الحريات وإطلاق سراح المعتقلين والمحكومين السياسيين. وكان من المنتظر عقد مباحثات بين الحكومة والحركات المسلحة في أديس ابابا منتصف الشهر الحالي بهدف التوصل لإتفاق وقف عدائيات يمهد لإنخراط الحركات في الحوار لكن تم تأجليه لموعد لم يتفق عليه بعد بسبب إنعقاد مؤتمر الحزب الحاكم. وللمرة الأولى منذ إنشقاقه عن حزب المؤتمر الوطني الحاكم في 1999 شارك الزعيم الإسلامي حسن الترابي في مؤتمر حزبه السابق . وقال الترابي، الذي يتزعم الآن حزب المؤتمر الشعبي المعارض، خلال مخاطبته الجلسة الإفتتاحية للمؤتمر، إن حزبه يريد "حوارا يتوحد به الشعب ويأمن فيه دون أن يتجبر عليه أحد". ومن المنتظر أن يصادق المؤتمر العام على ترشيح مجلس شورى الحزب الحاكم للبشير ليكون مرشحه في الانتخابات العامة المقرر لها أبريل (نيسان) المقبل والتي يمثلتأجيلها جزء من شروط المعارضة لقبول الحوار. لكن البشير أكد أكثر من مرة أنه لن يؤجل الإنتخابات بدعوى أن الخطوة تدخل البلاد في "فراغ دستوري".