شارك الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري، المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة "إيسيسكو" الأمين العام لاتحاد جامعات العالم الإسلامي، كضيف شرف، في الاحتفالات التي انطلقت في مدينة عليكره بالهند، تخليدًا لذكرى ميلاد العلامة سيد أحمد خان مؤسس جامعة عليكره الإسلامية في الهند في منتصف القرن التاسع عشر. وألقى المدير العام للإيسيسكو في الاحتفال الرسمي بهذه المناسبة، كلمة أعرب في مستهلها عن سعادته بحضور الاحتفال الذي يخلد ذكرى ميلاد مؤسس جامعة عليكره الإسلامية، التي كانت بذرتها الأولى هي (مدرسة العلوم) التي تأسست في عام 1857، والتي تطورت إلى كلية باسم (الكلية المحمدية الإنجلو شرقية) MUHAMMEDAN Anglo-Oriental College في عام 1878، على يد العلامة المفكر سيد أحمد خان بهادر، الذي وصفه بأنه رائد التعليم الإسلامي الحديث في القارة الهندية، وأحد أقطاب النهضة الفكرية والتعليمية في العالم الإسلامي خلال القرن التاسع عشر. كما يعد أحد زعماء الإصلاح في العصر الحديث، ومن بناة الحركة التجديدية الإسلامية التي انبثقت عنها حركات الانبعاث واليقظة التي عمت جل البلدان العربية الإسلامية، وكان لها التأثيرُ القويُّ في تنوير العقول، وبث روح البحث عن الجذور، والعودة إلى الأصول، والانطلاق نحو إعادة بناء الفكر الإسلامي الحديث. وتحدث الدكتور عبد العزيز التويجري عن مؤسس جامعة عليكره الإسلامية، فقال إنه حدد ثلاثة أهداف رئيسة لهذه الجامعة، أولها أن تعلم المسلمين الثقافة الغربية والشرقية في غير تعصب أو جمود، وثانيها أن يُعنى فيها بحياة الطبقة الاجتماعية، وثالثها أن يُعنى في نظام الكلية بترقية العقل وتربية البدن وتهذيب الخلق معًا. وذكر أن سيد أحمد خان كان مصلحًا دينيًا فاضلا ً ومربيًا ذا رؤية سياسية ثاقبة، يرى أن الغرض الذي يجب أن يرمي إليه السياسي الهندي، هو أن تكون الهند كلها أمة واحدة، وأن الإسلام والهندوكية والنصرانية يجب أن تكون عقائد دينية في نفوس معتنقيها فقط، وهذه العقائد يجب أن لا تؤثر في الوطنية، فيجب أن يكون لكل طائفة عقيدتها الخاصة بها، أما وطنيتُها فتكون عامة تشترك فيها كل الطوائف. وكانت تلك دعوة صادقة إلى التعايش الديني، ومبادرة رائدة إلى الحوار بين أتباع الأديان والثقافات والحضارات. وهي الفكرة البناءة التي نضجت مع توالي السنين، وتبلورت اليوم على الصعيد الدولي، فأصبحت محورًا من محاور السياسة الدولية، الذي تنخرط الإيسيسكو في الجهود الدولية الرامية إلى الإسهام في بلورته، من خلال نشر ثقافة الحوار، وتعزيز قيم التسامح، وترسيخ قواعد الأمن والسلم الدوليين. واستطرد المدير العام للإيسيسكو، الأمين العام لاتحاد جامعات العالم الإسلامي قائلا ً : «لقد كان الدكتور أحمد أمين، وهو أحد كبار المفكرين العرب المسلمين من مصر في النصف الأول من القرن العشرين، من الأوائل الذين قدموا العلامة الهندي سيد أحمد خان إلى القارئ العربي، إن لم يكن هو الأول، وذلك في كتابه الذي أصدره في منتصف الأربعينيات من القرن الماضي بعنوان (زعماء الإصلاح في العصر الحديث)، وَضَعَ فيه مؤسس كلية عليكره الإسلامية ضمن الزمرة الطيبة من المصلحين الكبار من أمثال الشيخ محمد بن عبد الوهاب، والسيد جمال الدين الأفغاني، والسيد أمير علي، وخير الدين باشا التونسي، وعلي باشا مبارك، وعبد الله النديم، والسيد عبد الرحمن الكواكبي، والشيخ محمد عبده، والسيد مدحت باشا ». وأكد الدكتور التويجري بأن إحياء ذكرى رجل فاضل من إحدى مكارمه تأسيسُه لهذه الجامعة التي حملت رسالة الثقافة الإسلامية والتنوير والانفتاح على ثقافة الغرب، فكانت دائمًا، ولاتزال، صرحًا شامخًا من صروح العلم والمعرفة والتربية والتعليم في هذه البلاد الزاخرة بالمواهب والكفاءات والحافلة بالعطاءات في مختلف حقول المعرفة، والتي كان سيد أحمد خان من بناة نهضتها التي ابتدأت في القرن التاسع عشر. ودعا إلى الاستفادة من هذه التجربة الرائدة في مرحلتنا الحالية، والاستلهام من الخبرة التاريخية للمصلح الهندي الكبير الرائد سيد أحمد خان.