دعا الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري، المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة " إيسيسكو "، إلى تعزيز السلام الروحي والأمن الثقافي بين شعوب العالم، وإلى ترسيخ قيم التعايش والتسامح، محذرًا من خطورة الأزمة الإنسانية الحضارية الناتجة عن تصاعد موجات العنصرية والكراهية وعدم الاحترام للخصوصيات الروحية والثقافية والحضارية للشعوب. وقال المدير العام للإيسيسكو في افتتاح أعمال المؤتمر الدولي حول تعزيز الحوار بين الثقافات والأديان، بعد ظهر اليوم في مدينة فاس المغربية، إن النزعات الاستعلائية تُلغي الإحساس بالتنوّع الإنساني، وتقوّي في النفوس إرادة الشر بالطغيان في الأرض والشعور بالتفوق وبالتميز، بالرغبة في الهيمنة والقدرة على فرض الآراء وإملاء السياسات، وانتهاك حقوق الإنسان في أن يمارس حياته بحرية وبمسؤولية وبكرامة. وذكر التويجرى في المؤتمر الدولي الذي يعقد تحت رعاية جلالة العاهل المغربي الملك محمد السادس، إن التجارب الرائدة والناجحة للحوار بين الثقافات والتحالف بين الحضارات، قد شجعت على توسيع نطاق الحوار الثقافيّ والحضاري، ليشمل الحوارَ الدينيَّ بين الأمم والشعوب، مما أعطى قوة دفع لهذا النوع من الحوار، وفتح آفاقًا واسعة أكد على وجوب استغلالها للتفاهم وللتسامح الإنسانيين ولاحترام الاختلاف. فى كلمته أمام المؤتمر قال التويجرى : لقد أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 2001 سنة ً دولية ً لحوار الثقافات، ولكن العالم دخل في النصف الثاني من السنة نفسها، في دوامة من الأزمات الدولية كان لها، ولا يزال، تأثيرٌ سلبيٌّ على فكرة الحوار في حد ذاتها، وعلى الأمن والسلم الدوليين، فقد عرف عالمنا خلال العقد الأخير والسنوات الثلاث من العقد الحالي، تطورات خطيرة للغاية في عدة مناطق لا تزال مشتعلة إلى اليوم، هي في عمقها من آثار انتهاك القوانين الدولية، والإعراض عن الالتزام بقيم الحوار على جميع المستويات . واستطرد المدير العام للإيسيسكو قائلا ً : إن الأسرة الدولية لم تستسلم لدواعي اليأس الذي عمَّ العالم، ولم تشأ أن تدع انشغال القوى العظمى بما عرف بالحرب ضد الإرهاب، يصرف المنتظمَ الدوليَّ عن التفكير في إيجاد وسائل جديدة لتعزيز الحوار بين الثقافات، فكانت فكرة التحالف بين الحضارات، التي تبناها الأمين العام السابق للأمم المتحدة، وأنشأ لها مفوضية ً سامية ً بقرار منه، وبذلك تعززت فكرة الحوار الثقافي بفكرة التحالف الحضاري، ونشأ عن هذا الربط المحكم تطور إيجابي سيسير اليوم في الاتجاه الصحيح، مما أشاع قدرًا كبيرًا من الأمل والتفاؤل، وحفز على تجديد الثقة في القيم الإنسانية الخالدة التي انبثقت منها الفكرتان الرائدتان : الحوار والتحالف. وتقدم المدير العام للإيسيسكو في كلمته إلى العاهل المغربي الملك محمد السادس بالشكر والتقدير على رعايته لهذا المؤتمر، وعلى ما يُوليه من بالغ الاهتمام لتعزيز قيم الحوار بين الثقافات والحضارات وأتباع الأديان، ولترسيخ ثقافة التفاهم والتسامح والتعايش بين الأمم والشعوب، حتى أصبحت المملكة المغربية موئلا ً للحوار، وجسرًا للقاء بين النخب الفكرية والثقافية والعلمية العالمية، وموطنًا للإشعاع الحضاري، وللتنوير الثقافي، وللتسامح الديني. كما شدّد التويجري في ختام كلمته على ضرورة تعزيز ثقافة الحوار في ظل الوئام على جميع الأصعدة، انطلاقًا من السلام الروحي والأمن الثقافي بين شعوب العالم. ووجّه العاهل المغربي الملك محمد السادس رسالة سامية إلى المؤتمر تلاها السيد عبد الله باها وزير الدولة في حكومة المملكة المغربية، كما تحدث في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر كل من السيد عبدو ضيوف، الأمين العام للمنظمة الدولية للفرانكفونية، والسيدة كاترينا ستينو ممثلة للسيدة إيرينا بوكوفا، المديرة العام لليونسكو. ويذكر أن المؤتمر الدولي حول تعزيز الحوار بين الثقافات والأديان يعقد خلال الفترة من 30 سبتمبر إلى 2 أكتوبر 2013، بالتعاون بين المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة إيسيسكو والمنظمة الدولية للفرانكفونية، ووزارة الشؤون الخارجية والتعاون في الحكومة المغربية، وبدعم من جمعية فاس سايس، وبمشاركة من منظمة اليونسكو.