في مصر فقط، يحدث أن يتم التعامل مع الأنثى على أساس ارتباطها من عدمه، فالبنت التي لا يتم زواجها في مقتبل عمرها، تكون في نظر المجتمع عديمة الفائدة ولا قيمة لها، وبسبب هذه النظرة الغريبة – بل الغبية – لهن، قامت بعض السيدات بالتخلص من حياتهن رغم أنهن يشغلن مناصب علمية وعملية رفيعة. ولا أدري إلى متى سيظل ينظر المجتمع إلى هؤلاء السيدات بهذا الشكل، فجملة أن "المرأة نصف المجتمع"، تصل في هذه الحالة إلى أدنى مستوى لها ولا تُمثل أى أهمية، والأسوأ من ذلك أن البنت داخل أسرتها يكن لها نصيب من تلك النظرة أيضًا، وتظل الدعوات وكلمة "عقبالك" تتردد على مسامعها لدرجة تجعلها إما تكره فكرة الزواج من الأساس، أو أن تُقدم على عمل جنوني بزواجها من أول شخص يطرق بابها - وينتهي هذا الزواج بمأساة الطلاق بعد حدوث مشاكل عدة، نتيجة لعدم التوافق بين الطرفين من البداية - لمجرد أن تتخلص من سماع هذه الكلمات، والتي يُعد وقعها في حقيقة الأمر على نفسها كالصاعقة، لعدم معرفتها ما الذي يمكن أن تُقدمه من أجل أن تتزوج بسرعة، أو ما اذا كان العيب فيها فعلا، أما في الأشخاص الذين يتقدمون لها. وتظل هكذا في حيرة من أمرها، حتى تصل في بعض الأوقات إلى درجة الجنون، أو أن تتخلص من حياتها حتى تُريح وتستريح، والسؤال الآن لماذا تتحمل البنت العبء الأكبر؟، ولماذا لا يتحمل الرجل جزء من هذه النظرة – على اعتبار الجملة المشهورة"هما الرجالة اتعمت ولا إيه" – طيب لما هما اتعموا البنات ذنبها إيه؟؟!!. وإحقاقًا للحق، فالظروف الاقتصادية تُساهم بشكل كبير في ظاهرة العنوسة للشباب والفتيات على حدٍ سواء، لكن المشكلة في المعتقدات الفكرية المتوارثة، والتي تُلقي بتهمة العنوسة على كاهل البنت، دون مراعاة لظروفها النفسية – التي هى في الأصل تحمل همًا، لأن حلم كل فتاة الزواج وتكوين أسرة – أو لما حققته في حياتها من إنجازات علمية وعملية قد تشفع لها مع تأخر زواجها. وهنا يجب على المجتمع أن يُدرك جيدًا أن الزواج رزق كالمال والصحة والعمل، وأن القسمة والنصيب بيد الله سبحانه وتعالى"أو يزوجهم ذكرانا وإناثا"، وتآلف القلوب هذا من عنده عز وجل، فماذا نفعل مع هذا الفكر العقيم من عاداتنا وتقاليدنا المتوارثة؟!!، وماذا تفعل الفتاة الناجحة في منصب ما، أو في مجال علمي، لكن لم يُدركها قطار الزواج؟!!، هل تكتفي بقصة نجاحها في مجتمعنا هذا، أم يجب عليها أن تُقدم على تصرفات طائشة، حتى تُخرص الألسنة التي تتناقل عدم زواجها بشئ من الحسرة والشفقة، وكأننا محكوم علينا في هذه الدنيا أن نتزوج - بأى وسيلة - لكى نشعر أننا أحياء، أو أن نموت لكى نتخلص من هذه النظرة البائسة ممن حولنا، فقد أصبح هذا قدرنا ولا مفر منه.