أكد وزير الخارجية سامح شكري انه لا يمكن الحديث بجدية عن هدف نزع السلاح النووي دولياً، دون ربطه منطقياً بهدف إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في منطقة الشرق الأوسط. جاء ذلك في بيان سامح شكري وزير خارجية جمهورية مصر العربية أمام الاجتماع الوزاري للجمعية العامة بشأن اليوم الدولي للتخلص التام من الأسلحة النووية على هامش أعمال الدورة ال69 للجمعية العامة للأمم المتحدة. وقال أن مصر تؤكد التزامها الصادق لدعم كافة الجهود اللازمة لتحقيق نزع السلاح النووي الكامل كأولوية بارزة على أجندة المجتمع الدولي، وتدعو الجميع لتبنى ذات التوجه، سعياً لعالم مستقر يسوده الأمن والرخاء لكافة الشعوب دون استثناء، واتساقا مع مسئوليتنا تجاه الأجيال القادمة، والتي نسعى لأن نوفر لها الفرصة لتتمتع بالسلام والرخاء والتنمية والأمن، وفقا لما ذكرته وكالة أنباء الشرق الأوسط. وأعرب شكري في بداية كلمته عن خالص التقدير لمبادرة عقد الاجتماع الوزاري للجمعية العامة للاحتفال الأول باليوم الدولي للتخلص التام من الأسلحة النووية، مشيرا إلى إن المبادرة لعقد هذا الاجتماع في مستهل الرئاسة الجديدة للدورة الحالية للجمعية العامة، لهى دليل على التزامها الصادق بتسخير أعمال الجمعية العامة لصالح تحقيق الأمن والسلم الدوليين، من خلال تحقيق الهدف النبيل لنزع السلاح النووي. وقال انه وبعد مرور عام على اعتماد الجمعية العامة لقرارها رقم 68/32 لمتابعة الاجتماع التاريخي لرؤساء دول وحكومات الدول الأعضاء، خلال الدورة ال67 للجمعية العامة، حول "نزع السلاح النووي"، نجتمع بناء على مبادرة حركة عدم الانحياز مرة أخرى، لمتابعة تناول هدف وجودي يمس أمن وبقاء البشرية جمعاء، ألا وهو تحقيق نزع السلاح النووي الكامل. وتابع " مما لا شك فيه، أن حجم الدمار الكامن لتلك الأسلحة، وقدرتها غير التمييزية على التدمير الكامل لمختلف صور الحياة على كوكبنا، يشكل تهديداً مستمراً للبشرية، بما يفرض العمل، بصورة فورية، لاتخاذ خطوات عملية جادة، للتحرك نحو عالم خال من الأسلحة النووية خلال إطار زمني محدد". وأضاف أن الأممالمتحدة أكدت منذ نشأتها على الأولوية المتقدمة والعاجلة التي تشكلها قضية نزع السلاح النووي، وهو ما عكسه أول قرار للجمعية العامة، ونصت عليه الوثيقة الختامية للدورة الاستثنائية الأولى للجمعية العامة المكرسة لنزع السلاح. وقد مثّل التوصل لمعاهدة منع انتشار الأسلحة النووية في عام 1968 نقطة فارقة، حولت نزع السلاح النووي من مجرد هدف مثالي إلى التزام قانوني دولي حقيقي، إلا أننا بعد قرابة نصف قرن، ما زالت المعاهدة تفتقر للعالمية مخلفة آثاراً إقليمية خطيرة، وما زلنا نعيش في عالم يصر فيه عدد محدود من الدول على استمرار حيازة الأسلحة النووية، ويعجز فيه أطراف نظام معاهدة منع الانتشار عن تحديد إطار زمني محدد لنزع السلاح النووي تنفيذاً للمادة السادسة من المعاهدة. وأوضح وزير الخارجية انه وبرغم اتخاذ خطوات مرحلية محدودة في مجال الخفض العددي للسلاح النووي في بعض الدول النووية، فأنه لا يمكن لتلك التطورات المحدودة أن تحل محل نزع السلاح النووي كهدف أشمل، كون الأسلحة النووية الباقية، والتي يتعدى عددها 17 ألف سلاح نووي، ما زالت تعرض البشرية في كل لحظة لمخاطر الاستخدام المتعمد أو غير المتعمد، ولأخطار وقوعها في أيدي إرهابيين، بل ما زال بقاء الأسلحة النووية لدى بعض الدول يمثل في حد ذاته حافزاً قوياً للانتشار ولسعى دول أخرى نحو الحصول عليها. وقال انه لمن المؤسف أن تستمر الدول النووية في حيازة وصيانة وتحديث ترساناتها من الأسلحة النووية ووسائل إيصالها، كما أنه لمن الغريب تمسك الدول النووية بعقائد الردع النووي البالية، سواء على المستوى الفردي أو من خلال أحلاف تشمل عضويتها دولاً غير نووية، قبل بعضها وضع أسلحة نووية على أراضيه، في خرق صريح للالتزامات التي تفرضها معاهدة منع الانتشار على تلك الدول وعلى الدول النووية. ولقد بات واضحاً للجميع، بشكل لا يقبل الجدل، أن تلك الممارسات تقوض نظام منع الانتشار. وأضاف شكري انه يريد أن يذكر بالمبادرة التي تقدمت بها دول حركة عدم الانحياز عام 2010 بشأن معاهدة لحظر الأسلحة النووية، تتوفر لها فرصة تحقيق العالمية وتخضع للتحقق الفعال، والتي ترى بلادي أنها تمثل الطريق الأمثل قدماً للقضاء على مخاطر الانتشار النووي. وقد جاء اعتماد الجمعية العامة للقرار 68/32 الذي تقدمت به حركة ليترجم مبادرة حركة عدم الانحياز بشكل عملي، إذ دعا السكرتير العام لتقديم تقرير، هو الأول من نوعه، حول آراء الدول بشأن إبرام معاهدة للتخلص التام من الأسلحة النووية، ودعا القرار إلى عقد مؤتمر رفيع المستوى عام 2018 لتقييم التقدم المحرز في هذا الاتجاه، فضلاً عن اعتبار 26 سبتمبر من كل عام يوماً دولياً للتخلص التام من الأسلحة النووية، لتذكير المجتمع الدولي بالتزاماته في هذا الصدد. وأكد وزير الخارجية انه لا يمكن الحديث بجدية عن هدف نزع السلاح النووي دولياً، دون ربطه منطقياً بهدف "إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في منطقة الشرق الأوسط" حيث انه وبرغم اعتماد القرار الذي تتقدم به مصر في اللجنة الأولى للجمعية العامة بهذا العنوان بالتوافق سنوياً، وبرغم ما تضمنه قرار الشرق الأوسط الصادر عن مؤتمر المد اللانهائي والمراجعة لمعاهدة منع الانتشار النووي لعام 1995، كأحد الركائز الجوهرية لصفقة المد اللانهائي للمعاهدة، فلا زال الوضع على ما هو عليه فيما يتعلق باستمرار غياب التوازن في الالتزامات في المجال النووي بين كافة دول المنطقة من جانب، وبين دولة واحدة من جانب آخر. وما زالت إسرائيل الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي ترفض الانضمام لمعاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، وما زالت ترفض إخضاع ترسانتها النووية لنظام الضمانات الشاملة للوكالة الدولية للطاقة الذرية، دون توافر مبررات منطقية لهذا الموقف الغريب والذي يرتب وضعاً صار غير قابلاً للاستمرار. وقال انه وفى هذا الصدد، يعبر وفد مصر عن القلق العميق تجاه ما لمسناه من عدم احترام عدد كبير من الدول لما يتم التوصل إليه من نتائج في مؤتمرات مراجعة معاهدة عدم الانتشار وآخرها مؤتمر عام 2010، لذا أؤكد من هذا المنبر أن مصر ستستمر في الدفع بكل قوة لتحقيق هدف إنشاء المنطقة الخالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط. وشدد على أن تحقيق نزع السلاح النووي تظل أولوية قضيتنا الأولي، وعلينا المضي قدماً لتحقيق هذا الهدف، فلا مفر من العمل على تفعيل آليات الأممالمتحدة التفاوضية الممثلة في مؤتمر نزع السلاح في جنيف، للبدء في وقت مبكر في التفاوض علي معاهدة دولية لحظر الأسلحة النووية، ومعاهدة لوقف إنتاج المواد الانشطارية لأغراض الأسلحة النووية، تشمل المخزون القائم من تلك المواد، وتخضعه للرقابة الفاعلة للوكالة الدولية للطاقة الذرية. كما عبر شكري عن خالص التقدير لوفد جمهورية اندونيسيا الذي لم يدخر جهداً في تنسيق أعمال حركة عدم الانحياز، مما كان له أبلغ الأثر في نجاح مبادرتها. وأود أيضاً أن أضم وفد بلادي إلى بيان حركة عدم الانحياز الذي ألقته إيران، وإلى بيان المجموعة العربية الذي ألقته موريتانيا.