حقائق مثيرة ومشكلات ومطالب حدثنا عنها الفنان محمد النوبي مدير شعبة الجيزة بالسيرك القومي في حواره مع "محيط"؛ حيث قال ان السيرك القومي يواجه أزمة في أجور اللاعبين والإمكانيات والمعدات، كما ينافس السيركات الخاصة بإمكانياته المحدودة. مؤكدا أن سيرك "جمصة" حقق هذا العام أعلى إيراداته منذ إنشاؤه 400 ألف جنيه، وإليكم الحوار: - حدثنا عن بداياتك في السيرك؟ دخلت السيرك في عام 1971؛ حيث جاء وقتها خبراء من الصين واختاروا ستة أطفال ليسافروا فى بعثة تابعة لوزارة الثقافة مدتها 4 سنوات وكنت أحد هؤلاء الأطفال، وتخرجت من الصين بدبلوم تخصص فنون السيرك، وعندما عدت إلى مصر كان هناك إقبال كبير على الفقرات التي قمنا بتنفيذها حيث كانت جديدة، ثم سافرت الي فرنسا، أسبانيا، ألمانيا، أمريكا، مونتريال، كندا، والفلبين، وكان لي الحظ في الحصول على جوائز ذهبية باسم مصر من فرنساوكندا خلال الفترة الماضية. ومنذ أربعة شهور توليت مسئولية مدير شعبة الجيزة بالسيرك القومي. - كم حصد سيرك "جمصة" هذا الموسم منذ بدأتم العرض فيه؟ حصد حوالي 400 ألف جنيه خلال عرضنا حوالي شهر ونصف، وهذا لم يحدث في "جمصة" منذ 23 عاما، وذلك على الرغم من وجود سيرك روسي بجانبنا. - ما هي المشكلات التي تواجهك في السيرك القومي؟ عندي مشاكل لا أعرف التصرف فيها، مثل الإصابات التي تحدث للاعبين الذين يتقاضون أجر نظير عمل، وهوما يقرب من 300 جنيه، وهؤلاء لديهم أسر، وليس عندي لائحة لعلاجهم من قبل الدولة، وهذا على الرغم من أنهم يقدمون ألعاب خطرة، فعند إصابتهم لا نستطيع فعل أي شيء لهم، فمثلا عندما وقع أحد اللاعبين العام الماضي وكانتتكلفة علاجه 13 ألف جنيه، فقمنا بعمل "جمعية" له كي يتستطيع العلاج؛ فلا يوجد أي تأمين عليه من أي نوع فهولم يحسب على الدولة في أي شيء سوا انه يتقاضى أجر نظير عمل؛ ولذلك أطالب الدولة بالتكفل بهؤلاء اللاعبين عند حدوث أي حوادث لهم، فإلى متى سنظل نعاني من ذلك؟! أيضا "السيرك القومي" تاريخ عريق، حيث بدأ عام 1962، وكان هناك وقتها خبراء من ألمانيا وروسيا جمعوا السيركات الخاصة من الموالد مثل سيرك عاكف والحلو وحنفي الصول وحسن ياسين، كي يقومون بعمل سيرك قومي لجمهورية مصر العربية، لكن اليوم أين لاعب السيرك من الدولة؟!! لا يوجد!فهو موظف يقع ويكسر ولا نفعل له شيء، إذا كيف سنكمل المشوار؟!! اليوم لا يوجد عندنا تأمين على من يعملون في السيرك؛ولذلك أطلب من وزارة الثقافة الإنتباه لهذه النقطة، فلقد وصل تعداد المصريين الى ما يقرب من 95 مليون، ولاعبي السيرك لا يتعدوا ال300 فرد، وهؤلاء لا أرى لهم أي رؤية في وزارة الثقافة، فعندما أمثل الدولة وأكون تابعا لوزارة الثقافة وأحصل على جائزة ذهبية باسم مصر لاأجد تقدير من أحد بعد عودتي، فرغم حصولنا فى شهر أبريل الماضي على جائزة ذهبية من كوريا في مهرجان "الربيع"لم يشعر بنا أحد!! فنحن لا نحصل على أي اهتمام باللاعبين!!؛ ولذلك فنحن بالفعل أوشكنا على الإنقراض، فإبنى لاعب في السيرك ومرتبه 500 جنيه، وهو متجوز ولديه أطفال، ويسكن في شقة إيجار جديد، فكيف سيكفون معيشته؟!!.نحن قلة قليلة من البشر نقدم فنون السيركفنرجو الاهتمام بنا. أيضا ضمن المشاكل التي نواجهها في السيرك على سبيل المثال، أننا نستخدم سيارةللدعاية في مدينة "جمصة" تخرج لتنادي بميكروفون وتدعو الجمهور لزيارة السيرك، فمنذ اربعة أيام إحترقت ماكينة الإذاعة وتوقفت الدعاية للسيرك، فقمنا بجمع 350 جنيه من اللاعيبة لشراء ماكينة أخرى و"الدنيا تمشي ماتقفش"، لأن الميزانية المتاحة لنا لم تستطيع توفير 350 جنيه للعمل!!. - كم يستغرق تدريب اللاعب كي يخرج أمام الجمهور؟ اللاعب يتدرب ثمان ساعاتيوميا لمدة ثلاث سنوات كي يقدم فقرة تبلغ مدتها خمس دقائق, ويحتاج السيرك تدريب الأطفال من عمر 12 ل 16 - إلى من توجه نداء لاعبي السيرك؟ أوجه ندائي للدكتور جابر عصفور وزير الثقافة، واقول له من فضلك اهتم بفناني السيرك، فلاعبي السيرك مهمين جداّ، والسيرك القومي هو السيرك الوحيد في الشرق الأوسط، ففي عام 2016 سيكمل الخمسين عامل على إنشاؤه. أظن أنناأكبر دولة في العالم فهل يعقل أن يكون عندنا 300 لاعب لا نستطيع توفير احتياجاتهم!!، هدفنا رفع اسم مصر في الدول المختلفة لكن كيف ومرتب اللاعب 200 جنيه فى الشهر كأجر نظير عمل، وبعد تعيينه يصبح أجره 500 جنيه شهريا، فهناك لاعبين محترمين في درجة مدير عام ويعملون سائقي تاكسي لأن مرتباتهم لا تكفي معيشتهم، ومرتبات لاعبي السيرك لم تكمل حتى الحد الأدنى للأجور وهو ال 1200 جنيه،فكيف سيصرف لاعبي السيرك على أولادهم في الجامعة؛ لذلك أطلب نظرة للسيرك من د. جابر. - بماذا تضيف إلى مطالب زيادة المرتبات؟ نطلب معدات،فدائما لا يوجد ميزانية لها!!، وحوالي 70% من لاعبي السيرك يأتون بمعداتهم على نفقتهم الخاصة،فإلى متى سنتحمل ذلك ؟!فالاعبين يتكفلون حتى بملابسهم كي يظهرون بمظهر لائق أمام الجمهور، فكيف سأمثل مصر ولم يساعدني أحد ويسعى لتوفير احتياجاتي؟!! نحن ثماني شعبة في قطاع "الفنون الشعبية"، السيرك الوحيد الذي يدر حوالي أربعة ملايين جنيه كل عام، فكيف نأتي بهذه الإيرادات ولم يتكفلوا حتى باحتياجاتنا أو يشعروا باللعيبة. أتمنى أن يصل صوتنا للمسئولين وللرئيس عبد الفتاح السيسي، فالرئيس جمال عبد الناصر حضر افتتاح السيرك القومي في عام 1966، فانظروا الان الى حال السيرك ومدى الاهمال والانحدار الذى وصل اليه. نريد عربة إسعاف تكون موجودة أثناء تقديم فقرات السيرك كي تنقل أي لاعب أصيب في فترة العمل؛ فنحن نطالب بذلك منذ خمس سنوات، فمدحت كوتة في بداية هذا العام عندما هجم عليه الأسود أمام حوالي 800 طفل كانوا يزورون السيرك لم توجد وقتها عربة إسعاف موجودة، وأصيب إصابات بالغة تسببت في تخييط جسده بالكامل. وما نطلبه موجود أكثر منه في الدول الأخرى، ففي ألمانيا وغيرها يوجد عربة إسعاف وسيارة شرطة ومطافي. نطالب بعودة مدرسة السيرك، والتي كنت آخر جيلها 1973، فمنذ عام 1975 أغلقت المدرسة، صحيح ان لاعب السيرك يمكن ان يبدء بين سن 12 الى 16عام لكى يصبح مجرد لاعب فى السيرك ولكن مرحلة تأسيس السيرك غير موجودة والدستور ينص اليوم على عدم جواز عمل الأطفال فى السيرك في سن خمس سنوات فى ظل غياب مدرسة السيرك ولكن يجوز ان يبدءوا تدريبهم فى مدرسة السيرك فى هذا السن المبكر، هذا ان اردنا الوصول للمستوى الفني العالمي الذي نحلم به؛ ولذلك يضطر اللاعبين لإدخال أبناءهم للسيرك وتحمل مسئوليتهم بجهود ذاتية. منذ ثلاث سنوات ونطالب بتحسين الإضاءة التي تتكلف 300 ألف جنيه ولم يجيبنا أحد، وهذا على الرغم من أننا أدخلنا وزارة المالية خمسة ملايين جنيه. "عايزين" وزارة الثقافة ترى سلبياتنا وأن يفعلوا شيء من أجل مصر؛ لأن "السيرك القومي" ملك لمصر ويمثلها دوليا. - هل يؤثر عملك كمدير شعبة بالسيرك على فنك؟ لا طبعا، بل أفضل شيء أن يكون مدير شعبة بالسيرك لاعب وفنان؛ لأن مهنتنا لها مصطلحات خاصة لا يعرفهاالمدير الإداري، فيجب أن يكون مدير فني كي يجيب على الأسئلة، وأنا مازلت أمارس فقرتي، فأنا مدير شعبة بجانب عملي الأصلي، وأنا أقدم فقرتين،الأولى هي"الحربة الصينية"، والثانية "المطبخ الصيني"، وتعلمت كلاهما في الصين وكان عمري أربع سنوات. - كم تتقاضى نظير عملك في السيرك وأنت مدير شعبة؟ راتبى 1500 جنيه شهريا. - ما هي أخطر ألعاب السيرك من وجهة نظرك؟ - كل ألعاب السيرك خطرة، لكن تتفاوت الخطورة، فتدريب الأسود تعتبرأخطر لعبة بجانب الترابيز؛ لأنه في أي لحظة من الممكن أن يهجم الأسد على مدربه، والمثل يقول "الأسد أسد وعنده مخالبه". أيضا لاعب "الترابيز" معرض للموت أى لحظة فعندما وقع لاعب الترابيز "دخلي أمين" عام 1966 سقط على رقبته ومات فى الحال، بخلاف الإصابات اليومية، مثلا لاعب "العقلة"عندما اختل توازنه كلفه ذلك ثماني غرز في وجهه. - ما الفرق بين "السيرك القومي" في فترة إنشاءه وسيرك اليوم؟ السيريكات زمان كانت تعتمد على أنفسها، ويتعلم اللعيبة بالمجهود الذاتي القديم، لكن اليوم عندما أصبحنا في السيرك القومي وفى مسؤلية الدولة فلا نجد ما نطلبه من ملابس ومعدات أو مكياج، وتقدمنا منذ أربع سنوات بطلب معدات ولم نحصل عليها، ولدينا مستندات بذلك، فمثلا مخازنا كلها ملكية خاصة وليست ملك الدولة، وملابسنا أيضا، وهذا لحبنا في السيرك. وفي السيرك الخاص يحصل اللاعب على 300 جنيه في اليوم. - هل تهدد السيركات الخاصة "السيرك القومي"؟ طبعا تهدده بل تقضي عليه، ويوجد من يساعدهم على ذلك، ونحن نطالب بعدم الترخيص لهم؛ فيجب المحافظة على سيرك الدولة، وألا نأتيبقطاع خاص يحاربنا، فالفرق أن السيرك الخاص يمتلك سيولته المادية، فيأتي باحتياجاته، فملابسه مثلا "بتبرق"، لكن الجمهور عندما يدخل السيرك القومي يجد الكرسي متهالك، وبه مسامير،وملابس اللعيبة قديمة، ومعداتهم لا تلمع، والإضاءة غير جيدة. لكننا عندما اجتمعنا مع د. جابر عصفور وزير الثقافة كان أشجع وزير من وجهة نظري، وهذا لأنه اتخذ قرار منع دخول أي سيرك من الخارج إلى مصر حتى لا يضر بالسيرك القومي، وهذا القرار لم يتشجع من سبقوه لاتخاذه؛ فنحن عندنا في مصر سيرك إيطالي وسيرك روسي وغيرهم، فكيف دخلوا؟!! ومن أين حصلوا على الموافقات إلا برخصة من وزارة الثقافة والتي تجدد كل عام، لكن ذلك كان قبل قرار الوزير؛ ولذلك نطالب بتفعيل القرار بدءا في العام القادم. فلقد استطاعت السيركات الخاصة القضاء على جميع فروع السيرك القومى فى محافظات مصر المختلفة ولم يتبقى لنا الا فرع جمصة بجانب فرع السيرك الرئيسى بالعجوزة ونحن بالفعل نستقبل في سيرك "العجوزة" فقرات من الخارج ونقدم مهرجان كل عام، لكننا للأسف لم نستطيع فعل ذلك هذا العام نظرا لعدم وجود ميزانية لذلك, ونأمل أن يستمر فرع جمصة للعام القادم. - في النهاية ماذا تقول للجمهور عن لاعب السيرك؟ شجعوا "السيرك القومي"، ولا تشجعوا القطاع الخاص؛ لأن "السيرك القومي"ملكلمصر، ولازم يكون في أعلى مكانة في العالم. اقرأ فى الملف " عالم السيرك القومي .. إثارة ومتعة بطعم الإهمال" * فنانو "السيرك القومي" ل"محيط": نحصد للدولة الملايين ومرتباتنا ملاليم * لاعبة المشي على السلك ل"محيط": مفيش حد بيقدرنا..وقعت من فوق السلك مرتين ولم ألمس الأرض * لويزا حكيم ل"محيط": ألعب بالثعابين القاتلة وأخاف من الفأر والبرص * محمد الحلو ل"محيط": الأسود "غلابة" واعتبرهم أولادي * لاعب الطوق الفضي ل"محيط": نقدم حياتنا لإسعاد الجمهور ولا نجد التقدير * مصر كانت قد الدنيا بفنونها وريادتها الثقافية (مقال) ** بداية الملف