بالرغم من أن اسمه لا يزال كلمة السر في الأمن الغذائي المصري، إلا أن حاله لم يتغير، فالوعود التي حصل عليها على مدار أربعة أعوام قامت خلالها ثورتين لم يتحقق منها شيء. انه الفلاح المصري الذي مازال يبحث عمن يرفق به في ظل انشغال الحكومات والأنظمة بتثبيت أركان الحكم، وتجاهل الأوضاع المعيشية له ولذويه. زيادة في الأسعار وانعدام الرعاية البيطرية في البداية يقول محمدين حميدة فلاح من بني سويف "إن حال الفلاح لا يسر عدو ولا حبيب"، متسائلا أين الحكومة من رفع أسعار التقاوي والأسمدة والمبيدات. وأضاف أن أسعار الأسمدة زادت الضعف في السوق السوداء والأسمدة المدعمة تتأخر في الوصول إلي الجمعيات التعاونية فضلا عن عدم كفايتها. فيما يوضح سعيد عبد الغني، أن الفلاح المصري الوحيد الذي لم يقم بعمل إضراب أو مظاهرات حيث ارتبط بالأرض في الأوقات الصعبة التي مرت وتمر بها البلاد. وأضاف عبد الغني إن الرعاية البيطرية في القرى سيئة للغاية حيث انتشرت الأمراض الموسمية التي أودت بحياة المئات من المواشي موضحا إن أسعار الأعلاف ارتفعت بنسبة كبيرة جعلت المربين يمتنعون عن تربية المواشي الأمر الذي أثر بدورة علي الثروة الحيوانية بصفة عامة. أما احمد حسين فلاح، فقال إن الرعاية الصحية للفلاح تكاد تكون منعدمة مضيفا إن الفلاح يتعرض لمخاطر كثيرة تؤثر علي صحته ويعجز عن العلاج، وطالب الحكومة بتوفير التأمين الصحي والمعاش الذي يحفظ له كرامته الإنسانية في ظل عجزة عن العمل. الحل في استصلاح الأراضي الجديدة جابر رمضان يقول إن الفلاح المصري أكثر الفئات المهشمة في مصر مطالبا الحكومة بالتوسع في استصلاح الأراضي الجديدة ومنحها لصغار الفلاحين. وكشف أنه ليس كل فلاح يملك أرضا لأن الأرض الزراعية "الملك" في أيدي مجموعة قليلة والغالبية العظمي من الفلاحين "أجرية" في أراضي غيرهم. ولفت أنه بمجرد فك العلاقة الإيجارية التي كانت تربط المالك والمستأجر من أيام الراحل جمال عبد الناصر، عاد الحال إلي ما هو عليه وتركزت الملكيات الكبيرة في يد الأثرياء الذين يتحكمون في أسعار الإيجار فضلا عن احتكار وسائل الإنتاج. تكلفة زراعة الفدان وصلت ل 19000 وأكد عاطف علي أن الفلاح يتاجر في الخسارة معللا ذلك بارتفاع الإيجارات للفدان التي وصلت إلي 9000 جنيه للفدان الواحد في العام، ويتكلف الفدان أكثر من 10000جنيه في العام من حرث وتقاوي ومبيدات وأسمدة وعمالة وري وفي النهاية تجد المحصلة لا تفي بالمصروفات التي أنفقت بسبب سيطرة التجار علي أسعار الحبوب وأسعار السوق. ويري المهندس احمد فراج مسئول حماية الأراضي أن أراضي زراعية كثيرة تحولت إلي كتل خرسانة، وهو ما أثر بشكل سلبي علي أسعار إيجارات الأرض الزراعية، وعلي أسعار البيع أيضا بالارتفاع الجنوني، مطالبا الحكومة بتفعيل قوانين حماية الأراضي للحد من "تبوير" الأرض الزراعية وتحويلها إلي سكنية. الاهتمام بالفلاح امن قومي الدكتور دياب محمد الخبير الاقتصادي يرى أن الاهتمام بالفلاح المصري هو قضية امن قومي موضحا انه بدون الأرض الزراعية التي يقوم علي رعايتها الفلاح تعجز الدولة عن توفير الغذاء الذي نعتمد فيه علي أكثر من70 % من احتياجاتنا الغذائية فضلا عن الاستيراد من الخارج. وطالب الحكومة المصرية بوضع خطط إستراتيجية طويلة المدى للنهوض بالزراعة بشكل عام في مصر. وأضاف أن الفلاح المصري يحتاج إلي دعم ورعاية مستمرة حتى يستطيع أن يصمد أمام التحديات . أما الدكتور رضا عيسي أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس فيري أن عودة المحاصيل القومية ضرورة، لافتا إلا إن زراعة القطن في مصر قد تأثرت بشكل كبير في الفترة الأخيرة نظرا لاعتماد المصانع علي القطن قصيرا لتيلة بعدما كانت تستخدم طويل التيلة الذي تتميز بة مصر عن باقي دول العالم. وأضاف أن الحكومة عليها استحداث أنواع جيدة ذات إنتاجية عالية من القمح والذرة والقطن بواسطة الهندسة الوراثية. الزراعة: خطة عاجلة للنهوض بالقطاع ويؤكد المهندس محمود العدوى المدير التنفيذي لإدارة المشروعات والخدمات بوزارة الزراعة أن الوزارة في الفترة الأخيرة قد أولت اهتمام مباشر للفلاح المصري من خلال توفير مستلزمات الإنتاج ودعم الأسمدة، لافتا إلي أن وزارة الزراعة تسير في خطة عاجلة للنهوض بالقطاع الزراعي وفتح أفاق جديدة لاستصلاح الأراضي وتعميم الميكنة الزراعية. وأشار إلى أن جهاز حماية الأرضي بالوزارة يقوم بالتعاون مع وزارة الداخلية بإزالة جميع التعديات علي الأراضي الزراعية، وأن الوزارة تقدمت بمشروع لمجلس الوزراء لتغليظ العقوبة علي المتعدين علي الأرض الزراعية. وعن الأراضي الجديدة قال العدوى انه جاري دراسة تسهيل تكوين جمعيات تكون أعضائها من الشباب وصغار الفلاحين ليتمكنوا من الحصول علي قطع أراضي للاستصلاح مع مساعدتهم في إنشاء البنية التحتية. وجدير بالذكر أن وزارة الزراعة كانت قد أعلنت عن نيتها في طرح نحو أربعة ملايين فدان للاستصلاح في منطقة الصحراء الغربية وكانت الوزارة قد وضعت الملامح النهائية التي تقدمت علي ضوئها الشركات الخليجية والعربية العملاقة للاستصلاح وجاري بحث البنية التحتية التي تساعد علي الزراعة في المناطق الصحراوية. ولكن لوحظ أن الشباب وصغار الفلاحين لم يروا بادرة أمل بأن لهم نصيب في المشروع بعدما تم الإعلان عن أن نصيب الأسد من الأراضي التي سوف تطرح سيكون للشركات الإماراتية والسعودية وتخصيص جزء لا يزيد عن 10% من الأراضي المستصلحة لشباب الخريجين. ويبقى التساؤل هل سينال الضعفاء والفقراء في مصر نصيب من الأراضي الجديدة؟، أم أن تلك الأراضي محجوزة للمستثمرين العرب والأجانب الذين تسخر لهم الدولة جميع الإمكانيات وبعدها يتم تسخير الفقراء لصالح المستثمرين ولا يحصلون إلا علي الفتات الذي لا يكفي حاجاتهم الضرورية؟، وأين حق صغار الفلاحين والشباب من الأراضي الجديدة ؟، وهل سيطرأ أى تحسن على حال الفلاح المصري أم يبقى الوضع على ما هو عليه؟.