عام مر على مقتل 37 من أنصار الرئيس المصري المعزول محمد مرسي، جراء اختناقهم داخل سيارة ترحيلات (تقل المحبوسين)، بالقرب من سجن "أبو زعبل" شمال القاهرة، دون أن تنتهي النيابة العامة من تحقيقاتها، ودن أن يفصل القضاء في القضية. اختلفت الرواية الرسمية من وزارة الداخلية وأنصار مرسي، إلا أن الثابت أن 37 ممن كانوا داخل سيارة "31 ترحيلات" التي كانت تقل المقبوض عليهم في أحداث شغب وعنف، قد قتلوا، خلال نقلهم من مقر احتجازهم بقسم مصر الجديدة (شرقي القاهرة) إلى مقر حبسهم". وعلى الرغم من تقديم 4 متهمين من ضباط الشرطة للمحاكمة، وصدور أحكام أولية بحقهم، إلا أن القضاء أعاد القضية مرة أخرى للنيابة لاستكمال التحقيقات. رواية وزارة الداخلية: في 19 أغسطس/ آب 2013، أعلنت وزارة الداخلية المصرية إن 36 من المحبوسين احتياطيا من عناصر تنظيم الإخوان المسلمين قتلوا نتيجة ما قالت إنه "اختناق بالغاز وتدافع خلال محاولة هروبهم" من سيارة ترحيلات تنقلهم إلى سجن "أبو زعبل" شمالي القاهرة. وذكرت الداخلية، في بيان نشرته على موقعها الرسمي على شبكة الانترنت، أنها سيطرت على الموقف بعد تحرير ضابط من عناصرها احتجزه المحبوسون، كما أصيب عدد منهم بحالات اختناق جراء التعامل لمنع هروبهم باستخدام الغاز المسيل للدموع. وأضاف البيان أنه نتج عن الواقعة "وفاة 36 من المحتجزين نتيجة الاختناق والتدافع"، وأن جهود قوة التأمين حالت "دون هروب أيٍ منهم وإحباط مخطط هروبهم". وفي وقت سابق لهذا البيان، أفادت الوزارة بوقوع حالة من "الشغب والهياج أثناء محاولة هروب" عدد من عناصر جماعة الإخوان المسلمين المحبوسين احتياطياً خلال نقلهم إلى سجن، وأنها استخدمت قنابل الغاز للسيطرة على الموقف. وأضافت الوزارة، في بيان لها، أن عناصر الإخوان كانوا في سيارة ترحيلات من مديرية أمن القاهرة (وسط العاصمة) في طريقهم إلى منطقة سجون "أبو زعبل". وتابعت أن عناصر الإخوان احتجزوا ضابطاً من قوة التأمين، مضيفة أن الأجهزة الأمنية نجحت في تحريره، وفيما لم يتطرق البيان إلى ملابسات الاحتجاز أو التحرير. وأضافت وزارة الداخلية المصرية أن القوات "سيطرت على الموقف بعد استخدام الغاز المسيل للدموع؛ ما تسبب في حدوث حالات اختناق لعدد من المحبوسين يجرى إسعافهم". رواية التحالف الداعم لمرسي: اتهم التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب، المؤيد لمرسي، السلطة بممارسة "عنف ممنهج ضد معارضي الانقلاب وعمليات قتل بدم بارد"، وطالب ب"فتح تحقيق دولي في تلك الجريمة". وقال التحالف في بيان له، إن "37 من أنصاره، قتلوا اختناقا بالغاز، خلال ترحيلهم إلى سجن أبو زعبل، وفق ما أفادت التقارير الطبية الصادرة من مشرحة زينهم، والتي أوضحت أن القتلى أصيبوا بحالة اختناق شديدة تسببت في وفاتهم، في الوقت الذي تبين من مناظرة الجثث وجود اسوداد بالوجه، والجسم نتيجة الاختناق، كما تبين عدم وجود آثار إطلاق نار بأجساد القتلى". ردود الأفعال المحلية: حمدين صباحي المرشح الرئاسي السابق وأحد المشاركين في خارطة طريق عزل مرسي، كتب على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي (تويتر): "مقتل 36 من المتهمين العزل في سجن أبو زعبل جرح غائر في الضمير الوطني، أطالب بلجنة قضائية بمشاركة حقوقية مدنية مستقلة للتحقيق العاجل". نادر بكار مساعد رئيس حزب النور (سلفي)، المعارض لمرسي، كتب على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي (تويتر) أن "حزب النور يدين قتل ال37 مواطنا المعتقلين على خلفية تظاهرات مؤيدة للرئيس السابق، ويطالب بتحقيق موسع وشامل، ويحمل الداخلية المسؤولية عن المذبحة". جماعة الإخوان المسلمين، خاطبت "المنظمات الإنسانية والحقوقية وكل أصحاب الضمائر الحرة في الداخل والخارج" أن "تتعاطف مع الشعب المصري الذي يتعرض لحملات إبادة بكل أنواع الأسلحة من أتباع الانقلابيين من الجيش والشرطة". الجماعة الإسلامية (مؤيدة لمرسي) ناشدت، في بيان لها، من أسمتهم "عقلاء" مصر ومنظمات حقوق الإنسان التدخل لوقف "المجزرة" التي ارتكبتها وزارة الداخلية بحق المعتقلين في سجن "أبو زعبل" من معارضي "الانقلاب العسكري الدموي"، على حد قولها. عبد الغفار شكر، رئيس حزب التحالف الشعبي (يساري)، قال في وقت سابق للأناضول: "الدم المصري حرام، والآن نريد أن نعرف ماذا حدث بالضبط، ونطالب بتشكيل لجنة تحقيق مستقلة من منظمات حقوقية مصرية وإشراف من النيابة العامة". فريد زهران، نائب رئيس حزب "المصري الديمقراطي الاجتماعي" (معارض لمرسي)، فقال: "رغم أنني لا أميل بصفة عامة إلى تصديق جماعة الإخوان المسلمين؛ لأن لهم سوابق في الكذب، لكن في مثل هذه الأحوال من المناسب أن يكون هناك تحقيق من جهة مستقلة لتقصي الحقائق تتولى أعمالها بشفافية كاملة". هيثم الشواف، منسق جبهة 30 يونيو (إحدى الجبهات الداعية لعزل مرسي وتضم أحزابا وقوى رافضة له): "لابد من تشكيل لجان حقوقية للبحث في حادث مقتل هؤلاء المعتقلين، حتى لو صحت رواية الداخلية وكان هناك هجوم مسلح من قبل مؤيدي مرسي في محاولة لتحرير السجناء، فيجب إجراء تحقيق عادل وشفاف، فيجب أن يحاكموا (أعضاء الإخوان المسلمين) ولا يقتلوا دون محاكمة تقتضي بإعدامهم". ردود الأفعال الدولية: الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، طالب في بيان له، بإجراء تحقيق كامل للتأكد من الحقائق المحيطة بهذا الحادث". وزارة الخارجية الأمريكية عبرت على لسان المتحدثة باسمها جين ساكي، عن القلق العميق بشأن وفاة السجناء في سجن أبو زعبل، وقالت: "نحن منزعجون بشدة من الوفيات المشكوك في أسبابها لمحتجزي الإخوان المسلمين أثناء ما قيل إنها محاولة هروب من سجن قرب القاهرة". تحقيقات النيابة: في 22 أكتوبر/ تشرين الثاني، قرر النائب العام المصري هشام بركات، إحالة 4 ضباط بقسم مصر الجديدة، شرقي القاهرة، للمحاكمة العاجلة، بعدما "أثبتت التحقيقات تورطهم في وفاة 37 من أنصار مرسي، كانوا متهمين في قضايا عنف، ومرحلين بسيارة الترحيلات (سيارة لنقل المتهمين) من القسم إلى سجن أبو زعبل التابع لوزارة الداخلية بمحافظة القليوبية شمال القاهرة، وإصابة آخرين كانوا في نفس السيارة". والمتهمون الأربعة هم: المقدم عمرو فاروق ، نائب مأمور قسم مصر الجديدة، والنقيب إبراهيم محمد المرسى، والملازم إسلام عبد الفتاح حلمي، والملازم محمد يحيى عبد العزيز. وأسندت النيابة العامة المصرية، إلى المتهمين الأربعة من ضباط الشرطة، تهمتي "القتل الخطأ والإصابة الخطأ بحق المجنى عليهم، حيث أطلق المتهمون قنابل الغاز المسيلة للدموع، والدخان داخل سيارات ترحيلات المحبوسين (المقبوض عليهم في أحداث عنف)، إثر شكواهم من الاحتجاز في السيارة لعدة ساعات، وهو ما تسبب في مصرع المتهمين خنقا نظرا لتكدس السيارة بالمتهمين، وعدم وجود منافذ تهوية بها". كما قالت تحقيقات النيابة العامة، إن المتهمين، "شاب تعاملهم مع مأمورية الترحيلات المكلفين بها، الإهمال والرعونة، وعدم الاحتراز، والإخلال الجسيم بما تفرضه عليهم وظيفتهم من المحافظة على المتهمين". كانت النيابة العامة قد استمعت إلى 7 من المجني عليهم الذين نجوا من الحادث، علاوة على 40 شخصا آخرين من قوات الشرطة والأطباء الشرعيين وخبير وزارة العدل الذي أعد تقريرا أورد به أن صندوق حجز سيارة الترحيلات محل الواقعة لا يتسع سوى ل24 شخصا، وأن السيارة غير صالحة لنقل 45 شخصا جرى ترحيلهم بصندوق حجزها. وذكرت التحقيقات، أن الضباط المتهمين أنكروا خلال التحقيقات جميع الاتهامات الموجهة إليهم، وأصروا على أنهم كانوا في "حالة دفاع عن النفس"، ولمنع السجناء من محاولة الهرب من سيارة الترحيلات حيث تمت مواجهتهم بتقارير المعمل الجنائي والطب الشرعي، التي أثبتت تعمدهم إطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع، والتي تسببت في مقتل السجناء أثناء تواجدهم في سيارة للترحيلات. سير المحاكمة: في 29 أكتوبر/ تشرين الثاني 2013، بدأت أولى جلسات محاكمة الضباط الأربعة، أمام محكمة جنح الخانكة (شمال القاهرة)، وذلك بمقر أكاديمية الشرطة بالتجمع الخامس (شرقي القاهرة)، بدلا من مقر المحكمة الأصلي بمحافظة القليوبية (شمال)، لدواع أمنية تتعلق بتأمين المحكمة. في 30 ديسمبر/ كانون الأول 2013، قررت هيئة محكمة جنح الخانكة (شمال العاصمة) التي تنظر القضية، التنحي عن نظرها، وذلك استشعارا منها للحرج، وذلك بعد اتخاذ المدعين بالحق المدني إجراءات طلب رد المحكمة (طلب تغيير قضاة المحكمة). في 31 ديسمبر/ كانون الأول 2013، بدأت دائرة جديدة للمحكمة نظر جلسات القضية. في 18 مارس/ آذار 2014، قضت محكمة جنح الخانكة (شمال القاهرة)، التي عقدت جلساتها بمقر أكاديمية الشرطة بالتجمع الخامس، شرقي القاهرة، على نائب مأمور قسم شرطة مصر الجديدة، شرقي القاهرة، بالسجن المشدد 10 سنوات، والحبس لعام مع إيقاف التنفيذ (عدم تنفيذ العقوبة) بحق 3 ضباط آخرين بالقسم. في 7 يونيو/ حزيران 2014، ألغت محكمة جنح مستأنف الخانكة (شمال القاهرة)، المنعقدة بأكاديمية الشرطة بالتجمع الخامس (شرقي القاهرة)، الحكم الصادر بحق 4 ضباط شرطة، وأمرت بإعادة أوراق القضية إلى النيابة العامة لإعادة التحقيق فيها مرة أخرى.