تمردت وانتفضت خلال ديسمبر/ كانون الأول 2010 فكان الحراك الذي توجته ثورة شعبية أطاحت بالرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي في 14 يناير/ كانون الثاني 2011. هي المدينة الجميلة المتوشحة بالنسيان والإهمال والنكران "تنتفض" من جديد من تحت الرماد على وقع "حراك سياسي" على خلفية الانتخابات المرتقبة. "سيدي بوزيد" (وسط تونس)، تكسر اليوم قاعدة العزوف عن التسجيل في الانتخابات ليرتمي أهلها شيبها وشبابها ونساؤها في ما يشبه "حراك ثوري" جديد يستشرف دولة الحريات والحقوق والمؤسسات التي قد تأتي بها انتخابات أكتوبر/ تشرين الأول القادم. وصادق المجلس التأسيسي التونسي، مؤخراً، على قانون يُحدّد يوم 26 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل لتنظيم الانتخابات التشريعيّة ويوم 23 نوفمبر/ تشرين الثاني لتنظيم الدورة الأولى للانتخابات الرئاسية. اليوم وبعد مضي نحو أربع سنوات من الانتكاسات وخيبات الأمل، تجدد سيدي بوزيد موعدها مع الاستحقاق الانتخابي وكأنها تقول "كنت مهد الثورة وسأكون منارتها في المرحلة المقبلة". "البوزيديون"، اليوم، و رغم ما عانوه من تهميش على مدار الحكومات المتعاقبة على تونس ما يزالون يؤمنون بأن الممارسة الديمقراطية هي الحل للنهوض بمحافظة أسقطت من مخططات التنمية ليتلقاها النسيان. وليس أدل على ذلك من تصدر سيدي بوزيد المرتبة الأولى من حيث عدد المسجلين الجدد في الانتخابات العامة المقبلة في كل البلاد خلال الأسبوع الأول من فترة التمديد الثانية للتسجيل. فحسب الإحصائيات المقدمة من الهيئة الفرعية للانتخابات بمحافظة سيدي بوزيد بلغ عدد المسجلين الجدد خلال الأسبوع الأول من فترة التمديد الثانية أي من 5 أغسطس/ أب الجاري إلى 11 من الشهر نفسه 7680 مسجلا جديدا. وقدر العدد الإجمالي للمسجلين من الناخبين بمحافظة سيدي بوزيد ب34510 مسجلا حتى يوم 29 يوليو/ تموز 2014 موعد انتهاء فترة التسجيل الأولى التي حددتها هيئة الانتخابات، قبل أن يضاف إليهم عدد المسجلين الجدد. ووفقا لآخر مؤشرات أعلنتها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بخصوص عدد المسجلين بمحافظة سيدي بوزيد فإن عدد المسجلين بلغ 43130 ألف ناخب مسجل. وبلغ عدد المسجلين الإجمالي في الانتخابات، حسب ما أعلنته الهيئة العليا المستقلة للانتخابات 5 ملايين و103 آلاف و65 مسجلا. وكانت هيئة الانتخابات قد أعلنت عن قراراها إجراء فترة تسجيل ثانية ابتداء من يوم 5 أغسطس/ آب الجاري إلى حدود 26 من الشهر نفسه بعد الإقبال الضعيف على مراكز التسجيل. ويرجع مراقبون للوضع تحرك ماكينة التسجيل للانتخابات في الاتجاه الايجابي إلى الوقع الذي خلفته في نفوس التونسيين "العمليات الإرهابية" التي أسقطت 17 جنديا في صفوف الجيش التونسي في الشهر الماضي بجبل الشعانبي محافظة القصرين-غرب-. وبعيدا عن لغة الأرقام يتطلع السياسيون التونسيون إلى خطب ود البوزيديين، كل على طريقته، لتصبح بذلك محافظة سيدي بوزيد مسرحا لحرب انتخابية. زياد الأخضر، أمين عام حزب الديمقراطيين الموحد (معارض) قال لوكالة الأناضول في هذا الصدد إن "سيدي بوزيد هي المكان الذي انطلقت منه شرارة الاحتجاج العام زمن حكم بن علي واليوم تشهد المحافظة حالة تسييس حادة تنعكس بشكل هام في عملية التسجيل للانتخابات المقبلة". واعتبر الأخضر أن "هذا الأمر ايجابي ويعني أن سيدي بوزيد ستكون محل تنافس شديد بين الأحزاب السياسية". عبد الحميد الجلاصي، نائب رئيس حزب حركة النهضة (صاحب الأغلبية البرلمانية) يرى من جانبه أن ارتفاع نسبة المسجلين للانتخابات في محافظة سيدي بوزيد "إنما هو دليل على أن البوزيديين متمسكون بالممارسة الديمقراطية ويعتبرون أن تحقيق أهداف الثورة لا يتجسد إلا من خلال المشاركة السياسية". النائب المستقل بالمجلس الوطني التأسيسي هشام حسني لا يغرد خارج السرب و يعاضد رأيه آراء من سبقوه. وهو يوافق القول بأن سيدي بوزيد تشهد صراعا كبيرا من حيث القوائم الانتخابية للأحزاب بل وداخل الأحزاب نفسها. وهو ما يرجح في اعتقاده الارتفاع الكبير لنسبة الناخبين المسجلين في المحافظة، حسب قوله. الحضور الحزبي سيكون أيضا على غاية الأهمية في محافظة سيدي بوزيد والتي يراهن السواد الأعظم من الأحزاب التونسية على الوجود بقوة فيها. هذا القول يتماشى مع ما أكده رضا بلحاج، القيادي في حركة نداء تونس (حزب يصفه مراقبون بأنه يضم رموزا من نظام بن علي) أن "نداء تونس سيكون حاضرا بشكل كبير من خلال القائمات الانتخابية للحزب في المحافظة". كما يرجو بلحاج أن "يكون لسيدي بوزيد مهد الثورة التونسية دورا كبيرا في رسم ملاح المرحلة المقبلة من تاريخ البلاد".